غزة – حنان شبات
أوضح الفنان التشكيلي الفلسطيني محمد حرب، أن "الفيديو أرت" فن جديد ظهر في السبعينات بدعوة من الفنانين لرؤية العالم بطريقة جديدة، ما دفع الفنان إلى تطوير أدواته من خلال استخدام أو تسخير التكنولوجيا لخدمة الفن؛ بدلًا من أن تكون أدوات الفنان فقط ريشة وخط اللون أصبحت هناك أدوات جديدة هي التكنولوجيا والكاميرا.
وأكد حرب في مقابلة مع "مصراليوم"، أنَّ "الفيديو أرت يهدف إلى انتقاد المجتمع وانتقاد التلفزيون، موضحًا "هو فن عكس السينما والتلفزيون ويعد الفن الثاني بعد السينما، إلا أنَّه لا توجد له قوانين أو ضوابط مثل السينما".
وأضاف "الفنان يجد من خلال تجربته أنَّ الفيديو أرت يصل إلى الناس بطريقة أسهل وفي الوقت ذاته يتجنب أعباء الإنتاج التي تكلفها السينما، بمعنى أنَّ الفنان يستطيع استخدام أدوات بسيطة مثل كاميرا صغيرة أو مونتاج بسيط ومن دون إيقاع وصوت، ومن دون كل الأشياء التي يحاول المخرج أن يستخدمها في الأعمال السينمائية".
وأشار حرب إلى أنَّ فن "الفيديو أرت" يتناول الكثير من المواضيع الحساسة، ومعظمها مواضيع نقد، سواء كانت للتلفزيون أو للمجتمع، وأضاف "على سبيل المثال بدلًا من أن يعبر الفنان عنه كمثال الصراع الفلسطيني بين "حماس" و"فتح" بالتعبير عنها بالريشة واللون، التجأ إلى صورة بدلا منها؛ لأن المجتمع العربي اعتاد على استقبال الحدث بطريقة سهلة ولا يحتاج إلى تفسير فجاء هذا النوع من الفن لتسهيل وصول الأفكار بسهولة".
وشدَّد على أنَّ من مميزات "الفيديو أرت" للفنان سهولة انتشاره على الانترنت، مبرزًا أنَّ فنانين غزة اتجهوا إلى هذا النوع من الفنون بسبب أنهم يواجهون صعوبات في السفر والتنقل، مضيفًا أنَّه أصبح يحمل الأفلام عن طريق روابط ويرسلها إلى الخارج، وصار باستطاعته المشاركة في الكثير من المسابقات الدولية وإيصال صوته إلى العالم، بعكس اللوحة الفنية التي يلزم أن يحملها ويسافر بها".
وبيَّن حرب أنَّ هذا الفن ظهر في غزة بشكل متأخر بسبب الحصار، منوهًا إلى أنَّ الكثير من الفنانين المبدعين بـ"الفيديو أرت" تمكنوا من السفر إلى أوروبا وبالتحديد إلى فرنسا وأميركا وغيرها لاكتساب الخبرات المطلوبة.
وتابع "حالفني الحظ بأن أكون أحد هؤلاء الفنانين الذين أدخلوا "الفيديو أرت" إلى غزة وطوروا من مهاراته، وهذا أدى إلى انتشار بشكل سريع لا يوصف؛ لدرجة أنَّ "الفيديو أرت" الموجود في غزة أصبح ينافس الكثير من الدول العربية والأوروبية".
واستطرد " ما يثبت تطور الفيديو أرت في غزة هو حجم المشاركة في المهرجانات، حيث أنَّ مهرجان كولومبيا العام الماضي كانت الدولة العربية الوحيدة المشاركة بين 46 دولة هي فلسطين، وغزة بالتحديد من خلال الأفلام التي يتم إنتاجها عن معاناة القطاع وتصل العالم الخارجي".
وأبرز حرب أنَّ العقبات والصعوبات لا تقع على "الفيديو أرت" فقط في غزة، بل تصيب كل أنواع الإبداع، لافتًا إلى أنَّ أكبر عائق يواجه الفنان هو عدم قدرته على السفر بسبب الحصار المفروض على غزة.
وأشار إلى أنه من خلال تجربته والمشاركة في المهرجانات الدولية وجد أنَّ أكثر مكان من الممكن أن يبدع في الفنان هو قطاع غزة بسبب ما تشهده من معاناة وضغط شديد، موضحًا أنه عندما تتوفر للفنان كل وسائل الراحة لا يستطيع الفنان الإبداع.
واستدرك "أكبر تجربة هي آخر فترة التي قضيتها في قطر ولمدة 6 أشهر، لم أهتم بأن أرسم، وأن أفعل أي شيء؛ لأن هناك حياة مترفة؛ لكن طالما أنت في غزة فتكون مضطرًا؛ لأن تنتج وتعمل، خصوصًا لأن القهر والحصار هما اللذان يولدان الطاقة الإيجابية لدى الفنان".
واعتبر حرب فوزه بأكثر من عشر جوائز عالمية كان آخرها جائزة مهرجان كولومبيا الذي حصد فيه الجائزة الذهبية، العام الماضي، هو أكبر دليل على نجاح فن "الفيديو أرت" في قطاع غزة.
وكشف عن أنّه تم ترشيح فيلمه الجديد لجائزة "روبرت بوش" في ألمانيا، مشيرًا إلى أنَّ فلسطين هي الدولة الوحيدة المشاركة في هذا المهرجان على مستوى الوطن العربي.
وشدّد حرب على أنَّ فنانين "الفيديو أرت" في غزة يعملون بالشراكة مع مؤسسة "آفاق" في بيروت التي تقدم لهم الدعم في كل عام لتطوير المشهد الثقافي من خلال تنظيم الدورات والمهرجانات.