سان أوستيل ـ مصر اليوم
يعرف الكثير من السياح العرب طريقهم إلى برايتون، وهي أقرب مدينة ساحلية من لندن تقع على الساحل الجنوبي، ويمكن الوصول إليها والعودة منها في غضون يوم واحد
، ولكن مقاطعة كورنوول تقع في أقصى الجنوب الغربي، وتستغرق الرحلة إليها من لندن قرابة خمس ساعات مع استراحة في منتصف الطريق، ولذلك فهي تصلح لعطلة من أربعة أيام إلى أسبوع.وهي منطقة سياحية من الطراز الأول وتمتد بين شاطئين شمالي وجنوبي، وتشمل الكثير من المدن السياحية الصغيرة مثل بليموث وفالموث وسان إيفز وسان أوستيل ونيوكي، وهي تشمل أبعد نقطة أرضية إلى الجنوب تطل على المحيط الأطلسي واسمها "لاندز إند" أو حرفيًا، نهاية الأرض.الموسم السياحي في المنطقة هو فصل الصيف، ولكن حتى الصيف لا يمنع هطول الأمطار الغزيرة في بعض الأيام، وهي لذلك من أكثر المناطق خضرة في بريطانيا. وتنتشر في المنطقة سياحة الشواطئ التي تشمل "بلاجات" رملية عدة في مناطق مثل سان إيفز ونيوكي، ومنها سواحل ذات أمواج عالية تصلح لرياضة التزلج على المياه، بالإضافة إلى الكثير من الموانئ التي يمكن منها استئجار زوارق أو الانضمام إلى رحلات بحرية دورية تنظمها شركات خاصة.
ومن أجمل الموانئ صغيرة الحجم في كورنوول ميناء "ميفاغيسي" الذي يمكن للسائق التجول فيه بسيارته عبر ممرات ضيقة لكي يصل إلى موقع صف السيارات في نهايته. وتنتشر على الميناء المقاهي والمطاعم، خصوصًا مطاعم الوجبة البريطانية الشعبية وهي السمك والبطاطس، وللميناء مناخ خاص به، حيث بعض الصخور تظهر من تحت سطح الماء، وحيث طيور النورس تنتشر في المكان بصياحها المعهود، ويضم الميناء مركزًا صغيرا لعروض الأسماك والأحياء البحرية الحية في صناديق زجاجية.
وتجاور ميناء فالموث مدينة ساحلية صغيرة بها منافذ سياحية للحلوى والهدايا والمطاعم المختلفة، ويمكن تناول الوجبات على الشاطئ مباشرة، وخصوصًا في فترة غروب الشمس وهي فترة ساحرة.
موقع آخر بالقرب من ميناء سان أوستيل يحتوي على خليج قديم به سفن شراعية تاريخية يطل عليها فندق اسمه "بير هاوس هوتيل"، وهو من فئة الثلاث نجوم وتطل غرفه على البحر مباشرة، ويمكن للمقيم في الفندق أن يتخيل أنه في القرن السابع عشر لدى النظر من النافذة على السفن الشراعية التاريخية، والإقامة في هذا الفندق تتكلف في المتوسط حوالي 120 جنيهًا (180 دولاراً) في الليلة لغرفة مزدوجة مع الإفطار، والخدمة فيه جيدة.
وعلى جزيرة صغيرة بالقرب من بنزانس تقع قلعة سان مايكل التي تعد من المعالم السياحية في كورنوول، ويمكن الوصول إليها عبر زوارق صغيرة أو مشيا على الأقدام أثناء انحسار المد. وهي قلعة تملكها عائلة أرستقراطية منحتها إلى صندوق التراث الوطني للعناية بها وصيانتها مقابل السماح للعائلة بالإقامة فيها، ويجري تمويل صيانة القلعة من تذاكر زيارة السياح إليها.
ولا بد للزائر إلى منطقة كورنوول زيارة موقع "مشروع عدن" (Eden Project) الذي يقع بالقرب من مدينة سان أوستيل، والمشروع لا يهدف للربح وإنما هو جمعية خيرية تهدف إلى التوعية البيئية عن طريق بناء مناطق استوائية ومدارية تحت قباب شبه شفافة مصممة من خلايا تشبه خلايا النحل تعلم الصغار عن هذا المناطق وتقدم لهم الكثير من التجارب والألعاب تحت سقف مغطى يصلح لكل أحوال الطقس وعلى مدار العام. ويقوم المشروع أيضًا بإجراء الأبحاث والتجارب على النباتات من أجل الحفاظ عليها.
وللمشروع نشاطات بيئية خارج بريطانيا للمحافظة على البيئة والتوعية فيها، وتتوافر بالمشروع العروض المقدمة للأطفال وبعض النشاطات لبناء الخيام والرقص على وقع موسيقى يشاركون فيها. ويقدم المشروع أيضًا الكثير من البرامج الثقافية والحفلات الموسيقية.
وكان المشروع أرضًا قاحلة عليها منجم للخزف انتهى عمره الافتراضي في العام 1995، وبدأت أعمال إنشاءات وتمويل المشروع منذ ذلك الحين وافتتح المشروع أبوابه للجمهور في العام 2001، ثم زارته ملكة بريطانيا في العام 2006، وعلى مر السنين قدم المشروع الكثير من الأحداث مثل الحفلات الغنائية ومعارض السيارات البيئية.
واحتفل مشروع عدن في تموز/ يوليو العام 2008 بوصول عدد الزوار إلى عشرة ملايين زائر، ومنذ العام 2009 استقبل المشروع أيضًا حفلات الزفاف التي تقام في أجوائه الاستوائية، وتعرّض المشروع للفيضان في شتاء العام 2010 بعد موجة أمطار غزيرة أسفرت عن بعض الأضرار للمباني والنباتات، وحصل مؤسس المشروع تيم سميت على لقب سير في العام 2011.
وتقام الكثير من ملاهي الأطفال والسباقات البحرية والحفلات العامة في كورنوول خلال فصل الصيف، كما توجد فيها الكثير من المزارع التي توفر قضاء يوم ممتع للأطفال لمشاهدة الحيوانات والتجول في المزارع في قطار يجره تراكتور زراعي، وتبيع هذه المزارع منتجاتها إلى الزوار وتنظم لهم جولات للتعريف بنشاطاتها، ويمكن شراء منتجات مثل عسل النحل وأنواع المربي من هذه المزارع.
وهناك قول مأثور في كورنوول، وهو أنه يوجد شاطئ خاص لكل يوم من أيام الأسبوع، وما على الزائر سوى اكتشافه، ويمكن القول من واقع المشاهدة، إن بعض الشواطئ تبدو مهجورة رغم جمالها، ولذلك يمكن اعتبارها شواطئ خاصة بالفعل. وهي شواطئ مختلفة في طبيعتها ومشاهدها.
ويمكن أيضا ممارسة هواية ركوب الخيل على الشواطئ أو الإبحار بزوارق شراعية. ولأن شواطئ كورنوول مفتوحة إلى المحيط الأطلسي يكتشف المبحرون منها الكثير من الأحياء البحرية بأنواعها.
وتمتدّ شبه جزيرة كورنوول على مساحة 3500 كيلومتر مربع، وتقع في أقصى الجنوب الغربي من الجزر البريطانية، ويزيد تعدادها قليلاً على نصف مليون نسمة يشتغل معظمهم في الزراعة والصناعات المتعلقة بالسياحة، وتاريخيًا لم يصل إليها حكم الرومان الذي لا يتخطى مدينة إكستر، وحافظت القبائل المحلية في المنطقة على استقلالها منذ العصر البرونزي، وعاصمة الإقليم ترورو وهي المدينة الوحيدة بين بلدات كورنوول.
وأشهر ميناء في كورنوول هو ميناء فالموث، بينما تقع مدينة بنزانس إلى أقصى الغرب، وتراجعت شعبية مدن سان إيفز وبادستو، بينما زادت شعبية مدينة نيوكي على الشاطئ الشمالي لوجود مناطق رياضة التزلج على المياه "سيرفنغ" فيها، أما مدينة سان أوستيل فهي الأكثر سكانا بين مدن كورنوول، وتشتهر المناطق المجاورة للمدينة بأنها كانت مناجم تاريخية للنحاس والخزف.
وتُعَد كورنوول من أدفأ مناطق بريطانيا وأكثرها سطوعًا للشمس بفضل موقعها الجنوبي وتأثير تيار الخليج، ولكن معدلات المطر فيها أعلى من المتوسط البريطاني.
وترتبط كورنوول ببقية أنحاء بريطانيا عن طريق ثلاثة طرق رئيسة تحمل أرقام 30 و38 و39، وهي طرق تربط المقاطعة بمقاطعة ديفون المجاورة، ويفصل بين المقاطعتين نهر تمار.
ويمكن الطيران إلى كورنوول عن طريق مطار نيوكي الدولي في شمال كورنوول أو إلى مطار إكستر في شرقها، وتصل المسافة بين لندن وكورنوول إلى حوالي 250 ميلاً.
وتُوفِّر السياحة ربع دخل كورنوول، ومعظم السياح في كورنوول هم من أنحاء بريطانيا الأخرى، وأهم المعالم السياحية في المقاطعة هو مشروع عدن، الذي يستقطب واحدًا من كل ثمانية سياح إلى المنطقة.
وعلى الرغم من أن اللغة الإنكليزية هي السائدة رسميًا في كورنوول فإن أهل كورنوول لهم لغة خاصة بهم تشبه لغة أهل ويلز، ويتحدث بها بطلاقة أقليةٌ في البلاد لا تزيد على 300 شخص.
وتظهر كورنوول في الكثير من الأعمال الفنية مثل فيلم "الطيور" لألفريد هيتشكوك، وبعض حلقات "شرلوك هولمز"، وأفلام "هاري بوتر".