العيون ـ هشام المدراوي
تحظى منطقة "ميراللفت" الساحلية الواقعة على المحيط الأطلسي بين مدينتي "سيدي افني" و"تيزنيت" المغربيتين، بالعديد من المؤهلات التي مكنتها من انتزاع لقب عروس الجنوب المغربي بدون منازع، فبالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي المهم، فهي تزخر بالعديد من المؤهلات الطبيعية المتنوعة، فسحر شواطئها وجمالية رمالها الناعمة، وتنوع تضاريسها، واعتدال مناخها طوال السنة، عوامل متداخلة فيما بينها، جعلت منها محط اهتمام السياح المغاربة والأجانب على حد سواء.
وتستقبل المنطقة على مدار السنة، هواة الرياضات المائية وصيد الأسماك البحرية وركوب الخيل والاستجمام تحت أشعة الشمس الدافئة، كما تعتبر الوجهة المفضلة للباحثين عن الهدوء، والابتعاد عن صخب المدينة، والتمتع بسحر الطبيعة، فهي على حد تعبير زوراها : "عروس يغرم بها كل من أتيحت له فرصة زيارتها منذ الوهلة الأولى فلا يستطيع الاستغناء عن زياراتها في مناسبات أخرى".
وتزداد الحركية في المنطقة مع حلول موسم الصيف، حيث تتضافر جهود السلطات والمنتخبين من أجل الاستجابة لحاجيات الزوار المقبلين إليها من مختلف مناطق المغرب وأوروبا، حيث يتم وضع برنامج استثنائي خلال تلك الفترة، من خلال مجموعة من الأنشطة الترفيهية التي تقام على طول شواطئها سواء في فترة النهار أو في الليل، والرفع من أعداد عمال النظافة، وتعين مجموعة من معلمي السباحة اللذين يسهرون على أمن وسلامة زوار شواطئها الخلابة التي توفر مناظر طبيعية خلابة من خلال مجموعة من المماراة الجبلية في اتجاه شواطئها، وكذا العديد من المغارات التي تلتف حولها أمواج البحر في مشهد مدهش.
والمنطقة لا تستقطب فقط هواة السباحة وممارسة الرياضات البحرية وصيد الأسماك، ففد استطاعت أن تجلب إليها رسامين محترفين وشعراء مميزين، جعلوا من سحر طبيعتها مصدر إلهام للوحاتهم الفنية وقصائدهم الشعرية، كما قصدها العديد من الفنانين والرياضيين الكبار، كما هو الشأن بالنسبة للاعب المنتخب المغربي الدولي السابق صلاح الدين بصير الذي فتن في المنطقة لدرجة أنه أقام على أرضها مشروعاً سياحياً يعد واحد من المشاريع المهمة التي تتوفر عليها المنطقة.
وتحظى "ميراللفت" باهتمام كبير من لدن مجموعة من المستثمرين، الذين حطت بهم الصدفة في هذه المنطقة، ليقرروا بعدها مباشرة إقامة مجموعة من المشاريع السياحية على أرضها، سواء تعلق الأمر بالمطاعم أو المقاهي أو بعض الفنادق، لكن وبالرغم من ذلك كله، فلا زالت "ميراللفت" في حاجة ماسة إلى استثمارات كبرى لسد الخصاص على مستوى البنية الفندقية، فغالبية الفنادق الموجودة بها، تبقى فنادق غير مصنفة، ما يتطلب تشجيعا من لدن السلطات للعديد من المستثمرين، الذين يصطدمون بغلاء الوعاء العقاري في النقط الاستراتيجية، وهو ما كان له وقعه في عدم الاستجابة لتطلعات زوار المنطقة خصوصًا منهم المنتمين إلى الطبقة الميسورة الطامحين في الحصول على غرف داخل وحدات فندقية من الطراز العالي.
وتبقى الشقق والفيلات المفروشة الملجأ بالنسبة للعديد من الأسر التي تقوم بزيارة المنطقة، فموقعها الاستراتيجي المطل على البحر، وتوفرها على جميع وسائل الراحة بما فيها المسابح، رفع من نسبة الإقبال عليها، بالرغم من المضاربات الحاصلة على مستوى الأسعار، حيث تتراوح الأسعار من بين 70 و250 دولار لليلة الواحدة، حيث تتحاكم في الأسعار مجموعة من العوامل، من بينها، مدى قربها من البحر، وكذا المساحة، والتجهيزات المنزلية المتوفر فيها. فيما يبقى توفر الأمن عاملاً مشتركاً بينها جميعاً، بالنظر إلى المجهودات المبذولة من طرف السلطات على مدار السنة، للاستجابة لحاجيات الزوار، حيث تتوفر المنطقة على مركز قار للدرك الملكي، بالإضافة إلى وحدات تابعة للقوات المساعدة، تقوم بدوريات منتظمة في المنطقة، بالإضافة إلى شباب المنطقة ممن اختاروا الاشتغال في مجال الحراسة.
ويشتغل سكان المنطقة في مجموعة من المهن الموسمية المرتبطة أساسا بالحركية التي تعرفها شواطئ "ميراللفت" لا سيما خلال الفترة الممتدة من اّيار/مايو إلى شهر تشرين الأول/أكتوبر، باعتبارها فترة ضغط على المنطقة، فبالإضافة إلى الاشتغال في مجال الشقق والفيلات المفروشة، عن طريق التعرض للوافدين على المنطقة عند مداخلها، لغرض عرض خدماتهم مقابل مبالغ مالية تتراوح ما بين 10 إلى 50 دولارًا للخدمة الواحدة، فهناك منهم يفضل الاشتغال في مجال حراسة الشقق والفيلات، وآخرون يحرسون مواقف السيارات المؤقتة التي يتم وضعها لتأمين سيارات الزوار، وهناك منهم من يقدم خدماته في رسم لوحات للزوار تحت الطلب، أو في تعليم الوافدين على المنطقة السباحة، أو توجيههم أثناء ممارسة صيد الأسماك، فيما يبادر الأطفال والنساء إلى بيع مجموعة من المنتجات المحلية وفواكه البحر وفاكهة الصبار التي تشتهر بها المنطقة، وكل المستلزمات التي يحتاج إليها زوار المنطقة، وهو ما يعتبر السبيل الوحيد أمام الساكنة من أجل الحصول على دخول تساعدهم على تدبير معاشهم اليومي، في ظل غياب فرص عمل قارة تستجيب لتطلعاتهم في المنطقة.
وبحلول الليل، تكتسي المنطقة حلة أخرى، حيث تنظم المطاعم والمقاهي المتواجدة في المنطقة مجموعة من السهرات والأنشطة، بالموازاة مع المهرجان الذي ينظم بشكل دوري من طرف المسؤولين عن المنطقة، والمتضمن لعروض وفقرات موسيقية محلية أمازيغية وأخرى شعبية، استجابة لجميع الأذواق وهو ما يتفاعل معه الزوار المغاربة والأجانب بشكل إيجابي. ما يزيد من عشقهم لعروس الجنوب ضاربين فيما بينهم مواعيد للالتقاء في زيارات أخرى للمنطقة.