محمد أبو خضير

ما زالت فصول مأساة الفتى محمد أبو خضير الذي خطف وقتل حرقًا قبل أسابيع على يد المستوطنين تتوالى جراء محاكمة 3 منهم ارتكبوا تلك الجريمة.

وأظهرت نتائج التحقيق في تلك الجريمة وفق ما نشرته بعض وسائل الاعلام الاسرائيلية ، عما دار في التحقيق مع المتهمين الثلاثة بارتكاب تلك الجريمة بأنهم كانوا يبحثوا عن أي عربي منفرد للانتقام منه ردًا على خطف ومقتل 3 مستوطنين عثر على جثثهم بالقرب من الخليل في حزيران الماضي.

وأدلى المتهم الرئيس المستوطن يوسيف بن دافيد، ، بشهادته بشكل مفصل، مشيرًا إلى دور المستوطنين "أ" و"ي" في الجريمة البشعة.

وبحسب الشهادات فإن المتهمين أرادوا بداية ضرب عربي أو التسبب بأضرار لممتلكات عربية، ولكن قرر بن دافيد برفقة مستوطنين آخرين في النهاية قتل عربي انتقامًا لمقتل المستوطنين الثلاثة.

ويقول المتهم الرئيس في تلك الجريمة في شهادته، أنه في 30 حزيران / يونيو الماضي، بعد العثور على جثث المستوطنين الثلاثة، أنهى عمله واتجه إلى بيته في "أودم"، ثم أخذ معه شابًا شارك في جريمة القتل لاحقًا. وخلال السفر في مركبة من طراز "هوندا" تعود لوالده، بدأ الاثنان يتحدثان عن المستوطنين الثلاثة. وقال في التحقيق "قررنا الانتقام منهم بسبب ما فعلوه".

وبحسب شهادته، قررا التوجه باتجاه شعفاط وبيت حنينا، بهدف "التنكيل بأي عربي أو التسبب بأضرار لممتلكات عربية، لم يحدد أي شيء". ويضيف "تجولنا نحن الاثنان في الأحياء العربية، وكلما اصطدمنا بمجموعة من العرب سوية فقد كنا نتجنب مواجهتهم. بحثنا عن عربي منفرد لضربه".

في النهاية لاحظا امرأة مع عربة طفل صغير إضافة إلى طفلين آخرين في منطقة "التلة الفرنسية" في القدس، ونزل الشاب الذي كان في مركبة بن دافيد، وهاجم الأطفال والوالدة حتى لا تنجب أطفالًا آخرين.

ووفقاً لما قاله "فقد أمسك الشاب بخناق أحد الأطفال، وضرب الطفل الثاني لكي ينصرف من المكان، كما سدد لكمة للمرأة على وجهها فسقطت أرضًا وهي تصرخ".

وعندها هربا من المكان، وعاد الشاب إلى المدرسة الدينية التي يدرس فيها، وعاد بن دافيد إلى بيته. وفي الغداة اجتمع الشاب إضافة إلى شاب قاصر آخر في منزل بن دافيد، حيث طرحت قضية الانتقام من العرب مجددًا، وكان الهدف معلنًا في هذه المرة.

وتابع بن دافيد "قررنا الانتقام من الفلسطينيين، وسنذهب لنحرق أحدهم حيًا، وأخذت معي ثلاث زجاجات فارغة من البيت لأني كنت أعرف بأني سأحرق، وعثرت على زجاجتين أخريين، وتوجهنا إلى محطة الوقود في حزما، وملأنا الزجاجات الخمس وكل واحدة بسعة لتر ونصف"

وأضاف "قتلوا لنا ثلاثة، وسنقتل واحدًا منهم". وتوجه الثلاثة للبحث عن عربي في الأحياء الفلسطينية وفي القرى المجاورة. وتابع "تراجعنا عن الخطة الأصلية، وقررنا خطف فلسطيني بهدف التنكيل به وليس بهدف القتل".

وخلال عملية البحث عن فلسطينيين شاهدوا الفتى محمد أبو خضير، وكان لوحده. أوقف بن دافيد المركبة بقربه، وترجّل منها الشابان، بعد أن قال لهما "يمكنكما التغلب عليه، أخرجا من المركبة بسرعة". ووجه الشابان لأبو خضير سؤالًا عن وجهة السير، فأجابهما بالعربية "إلى الأمام ثم يمينًا".

وعندما لاحظ الشابان أن أبو خضير راوده الشك وحاول إجراء مكالمة، عندها قام الشاب "أ" بصفعه، ووضع يده على فمه حتى لا يصرخ، ودخل المركبة وهو يسحب أبو خضير من يديه، أما "ي" فقد وضع يده على فم أبو خضير، وأدخلاه إلى المركبة، بينما كان يصارع للإفلات منهم، ثم مد ساقه لمنعهم من إغلاق باب المركبة.

ويتابع بن دافيد شهادته، فيقول إن "ي" أنزل يده عن فم أبو خضير لكي يساعد في إدخاله للمركبة، وعندها صرخ الأخير "الله أكبر". بعد إدخال أبو خضير إلى المركبة، مرت بالجوار مركبة أخرى، وصرخ سائقها "هالو.. هالو"، ولكنهم غادروا المكان. ويتابع أن "ي" أمسك أبو خضير من عنقه، وأن بن دافيد صرخ قائلا "أجهز عليه.. أجهز عليه. لكي يقتله".

ويضيف أن أصوات حشرجة انطلقت من أبو خضير، وفي مرحلة معينة توقف عن الحراك، ولم يتكلم. ويدعي بن دافيد في هذا السياق أنه لم يكن مصدقًا ما يجري. ولاحقًا قرر التوجه إلى حرج في القدس للتخلص منه، وطلب من "ي" أن يجهز عليه بادعاء أن "هؤلاء لهم سبعة أرواح".

وفي مرحلة معينة، يتابع شهادته، أوقف المركبة إلى جانب الطريق، وأطفأ أضواءها، بينما كان ينزل أبو خضير من المركبة. وبحسب وصف بن دايفيد فقد كانت ساقه باردة، وكانت عيناه مفتوحتين، بيد أنه لم يكن في وعيه. ويقول إنه سحبه من ثيابه إلى خارج المركبة بدون أن ينظر إلى وجهه فسقط أرضًا. ويضيف "خفت أن يستفيق، وعندها بدأت بضربه على رأسه بمفتاح حديدي، وأنا أقول إن ذلك من أجل مستوطنين قتلوا، وعندها بدأ ينزف".

بعد ذلك، نزل أحد المستوطنين لجلب الوقود، بينما ظل الثاني في المركبة. ثم بدأ الآخر بسكب الوقود على رأسه، وأعطى الزجاجة لـ بن دافيد، فواصل الأخير سكب الوقود على رجليه حتى أفرغها.

وقبل أن يشعل النار، علمًا أنه كان لا يزال على قيد الحياة بحسب التقارير الطبية، قام بركله ثلاث مرات، باسم كل مستوطن من المستوطنين الثلاثة، ثم أخرج ولاعة وأشعل النار.

وردًا على سؤال المحققين حول ما إذا كانوا قد قرروا تنفيذ عملية قتل مسبقًا، ظهرت تناقضات في شهادته، حيث ادعى حينًا أنه أراد التنكيل بعربي ثم إطلاق سراحه، وأنه بعد خطف أبو خضير تقرر قتله، وفي شهادة أخرى يقول إنه قرر تنفيذ عملية القتل بعد التعذيب لكي يعرف الضحية أنه سيموت انتقامًا لليهود الذين قتلوا.

بعد تنفيذ الجريمة البشعة عمل الثلاثة على التخلص من الأدوات التي استخدمت في الجريمة وكذلك حذاء أبو خضير وأشياء أخرى، ثم غيروا ثيابهم لإخفاء رائحة الوقود.

وزعم بن دافيد أنه "كان هناك توتر، ولم نستطع التحدث عما فعلناه، فنحن يهود، ولدينا قلب". ولاحقا تحدث الثلاثة عن السهولة التي تمكنوا فيها من خطف أبو خضير، كما زعم أن ثلاثتهم ندموا عما فعلوه. وبحسبه فقد قال لهما "لقد أخطأنا، فنحن يهود رحماء، نحن بشر".

وتوجه الثلاثة بعد ذلك إلى منزل بن دافيد، وفي الطريق استوقفتهم الشرطة على حاجز "حزما"، وطلبت منهم إبراز بطاقات الهوية الشخصية، ثم قالوا لـ بن دافيد أنه يسير بدون إضاءة أنوار المركبة. وعندما وصلوا إلى "أودم"، عزفوا على الغيتار قبل أن يتوجهوا للنوم.

وجاء أيضًا أنه خلال قصدهم الحرج، فقد أبو خضير الوعي نتيجة الضغط على حنجرته. وقبل الوصول إلى الحرج، طلب بن دافيد من الشابين الحصول على جهاز الهاتف الجوال الخاص بأبو خضير، وعندها تخلص من البطارية، ثم قام بتدمير شريحة الذاكرة.