تونس ـ أسماء خليفة
شهد السوق الفنّية في تونس حاليًا، نجاحًا ساحقًا لأغنية "راب" التي فاق عدد مشاهديها الـ 6 مليون شخص، فيما اعتبر مُثقّفون وشعراء أنّها نجحت في الدخول إلى بيوت الناس، بعد أن تجنّبوها لفترة، بسبب استخدام عبارات عنف لفظيّ وكلمات خادشة للحياء، ضمن موجة غناء تصاعدت بشكل مُكثّف بعد الثورة. وتحمل هذه الأغنية إسم "حوماني"، يتغنّى فيها شاب بحارته ورفاقه المعدمون، الذين يعانون من مأساة بطالتهم بالجلوس على قارعة الطريق، هم لا يحتسبون الزمن في انتظار يوم يكون لهم لا عليهم، فيغرق بعضهم في الإدمان بسبب عدم وضوح المستقبل. وقد نقل الشاب التونسيّ في هذه الأغنية، الواقع الاجتماعيّ لشباب حارته، والناس في تلك الحارة، ويُسرِّب من خلالها نقدًا سياسيًّا لاذعًا للرئيس محمد منصف المرزوقي. وشعبيًّا.. تُطلق تسمية "حوماني" على الفرد الذي يُحبِّذ أن يمضي كامل وقته في حارته، فيما يطلق بعض الشباب هذه التسمية على الشاب الذي يتعاطى مادة مُخدّرة، فيفضّل التواجد في حارته كي لا تفطّن إليه الشرطة وتُلقي عليه القبض، ويُواجه عقابًا شديدًا يُسلّطه القانون التونسيّ على متعاطي المُخدّرات. وانتبه المعجبون بهذه الأغنية، إلى أن صاحبها الفنان أحمد العبيدي المُلقّب بـ"كافون"، يقبع في سجن المرناڤيّة في العاصمة، بتهمة تعاطي مادة القنب الهنديّ (الزطلة) المُخدّرة منذ سبعة أشهر، ومن المفارقات أنه سجّل أغنيته "حوماني" ثم دخل السجن مباشرةّ، بعدها تولّى أصدقاؤه تصويرها فيديو كليب، لم تتجاوز تكلفته الإجماليّة 250 دينار تونسي ( ما يعادل 130 دولارًا). وقالت شقيقة أحمد العبيدي، نجاة، "إنّ أخاها لا يعرف الأغنية، إذ تولّى تسجيلها فقط، ثم دخل السجن مباشرةً، لذلك أزوره في سجنه كي أغنيها له"، فيما ناشدت أسرة "كافون"، الرئيس المرزوقي، بإصدار عفو خاص عن ابنها لمناسبة الذكرى الثالثة للثورة، وذلك في إطار العفو الرئاسيّ عن المساجين الذي يتم في كل مناسبة رسميّة. وأشارت شقيقته، إلى أن نجاح أغنيته، وتعلّق الناس بها، ونقاء سجلّه المتعلّق بالسوابق العدليّة، وحاجة أسرته التي لا مُعِيلَ لها سوى ابنة واحدة، يسمح بأن يشمله العفو الخاص، لا سيما أنه قضى سبعة أشهر في السجن بعد تعاطيه مادة القنب الهنديّ، والحال أن عقوبة تعاطيها في القانون التونسيّ لا تتجاوز العام على أقصى تقدير. جدير بالذكر أنه يقبع في السجن ذاته، 4 من الفنانين اعتقلتهم الشرطة التونسيّة، فجر 21 أيلول/سبتمبر الماضي، بتهمة تعاطي مادة القنب الهنديّ المُخدّرة، وهم عبدالله يحيى، وسليم عبيدة، ويحيى الدريدي، ومحمود عياد، وينتظر الرباعي الفني بدورهم تعيين جلسة لمحاكمتهم. واعتبرت بعض وحدات الإنتاج الفنيّ، أن الرباعي السجين، هم سجناء رأي، وتم استهدافهم بسبب أعمالهم التي تُعرف بالنقد اللاذع للحكومة، فيما رأى بعض مناصري الفنان "كافون"، أن أعماله الغنائية الناقدة بشدّة للحكومة، قد تكون الخلفيّة الحقيقية لاعتقاله ما بعد ثبوت استهلاكه لمادة مُخدّرة.