عم نسيم حارس الكنيسة المرقسية

وقفت زوجته أمام نعشه باكية، وهي تؤكد أنها صابرة ومتعزية، ولا يحزنها سوى فراقه، لأنه سبق وأكد لها أن الاستشهاد في الكنيسة "خير ونعمة كبيرة" لا يستحقها.. هكذا أكدت السيدة الخمسينية زوجة "عم نسيم" أحد ضحايا الكنيسة المرقسية في الإسكندرية، والبطل الحقيقي الذي افتدى المئات داخل الكنيسة، وأولهم البابا تواضروس، بعد منعه المُفخخ من الدخول من الباب الواسع ليصطدم به وبرجال الشرطة وبعض المواطنين القريبين من البوابة ليسقطهم ضحايا لفعلته الإرهابية.

وقف حزينًا هو وزوجته، يوم توفيت إحدى ضحايا التفجير الأُخير للكنيسة البطرسية، الطفلة ماجي مؤمن، فقال: "يا بختها بالسما..ياريتني كنت مكانها"، فقالت له زوجته: "بعد الشر عليك"، فرد قائلًا: "شر!! شر إيه.. ده خير.. الاستشهاد جوه الكنيسة هو الخير الحقيقي..أنا نفسي أنولها".. هكذا قصّت زوجته حقيقة طلبه الذي تمناه وناله منذ حادث الكنيسة البطرسية.

واستيقظ عم نسيم، الأحد 9 نيسان / أبريل، البالغ من العمر 59 عامًا- باكرًا ليحضر قدّاس أحد الشعانين، باعتباره خادمًا في الكنيسة المرقسية، وهو من أقدم خدّامها، ويعرف كل روّاد الكنيسة والعائلات القبطية التابعة لها.. وقف "عم نسيم" أمام بوابة الكنيسة الكبرى في استقبال الحضور، وحينما وصلت الساعة للعاشرة والنصف تقريبًا، حاول شخص يرتدي "جاكت مقلوب" فوق ملابسه ويربطه من أمام عنقه، دخول الكنيسة من الباب، إلا أن عم نسيم لم يتعرف عليه، فطلب منه الدخول من البوابة الإلكترونية، خاصة وأن الكنيسة المرقسية من أعرق الكنائس المصرية التي يأتيها زوار من مختلف المحافظات، وبالأحرى مع ترأس البابا تواضروس للصلاة بداخلها.

واضطُر الإرهابي للدخول من البوابة الإلكترونية في محاولة منه للدخول إلى الكنيسة، ولكن عندما أظهرت أجهزة الإنذار وجود جسم معدني طلب منه الضابط عماد الركايبي، أحد ضحايا الحادث، الرجوع للخلف، ولكن الإرهابي فجر نفسه، ليسقط ومعه "عم نسيم" الذي لم يفرقه عنه سوى خطوات معدودة، وكذلك ضابطات التأمين، صرعى جراء الحادث.

وذكر مينا نجل "عم نسيم"، أن والده كان في أجازة أسبوعية يوم أحد السعف، ولكنه فضّل أن يكون بجوار الكنيسة في هذا اليوم, ويضيف: "كنت أشاهد مشاهد التفجير في طنطا عبر التلفاز حتى جاءني خبر الانفجار في كنيسة الإسكندرية، وحينها ذهبت مسرعًا الى الكنيسة، إلا أن جثة والدي لم نجد لها أثرًا من قوة الانفجار, ولولا بقايا قدميه ومساعدة بعض رجال الكنيسة ما توصلنا إليه".

وكشف مينا أنّه تلقى اتصالًا هاتفيًا من والده قبل الحادث بيوم، وقال له: "أنت وحشتني وعايز أشوفك"، ولكن ظروف شغلي منعتني أروح أشوفه، لكن أنا فرحان بوالدي وهفضل أفتخر به العمر كله لأنه منع مفجّر الكنيسة من الدخول، وسيظل موجودًا داخل كل أبناء الكنيسة بذكراه الطيبة.