"عمال النظافة" في مصر يحلمون بقضاء الأعياد وسط أسرهم

يستيقظون مبكرًا لجمع قمامة البشر، يرتدون الزى الموحد، ويذهبون إلى عملهم قبل استيقاظ المواطنين، ويقضون المناسبات والأعياد في الشوارع والطرقات، ساعين وراء أرزاقهم، هكذا تكون أعياد ومناسبات "عمال النظافة"، الذين ينتشرون في شوارع مصر، يحملون "المقشة والجاروف"، يرسمون ألحانًا خاصة بهم، تسمعها عندما تجد الشارع الذي تقطن فيه نظيفًا.

الابتسامة والرضا بما قسمه الله لهم، والصبر والتحمل والحرمان، هذه هي أدوات عمال النظافة، حين يتعامولن مع مئات البشر بشكل يومي، يلتقون بكل فئات المجتمع، فمنهم من يشكرهم على جهودهم، ومنهم من يتعامل معهم بسخرية وتعالٍ، لكنك تجدهم صابرين متحملين. يحملون "المقشة والجاروف" ويطوفون شوارع مصر، ومدنها وقراها، بحثًا عن مخلفات البشر، دون أن تفارق الابتسامة وجوههم، رغم ما تحمله قلوبهم من أحزان، وما تحمله عقولهم من هموم، ظلوا يعملون في صمت، وبتفانٍ، رغم أدواتهم المتهالكة، ورواتبهم الضعيفة. مكنسة منحوتة، وعربة مكسورة، وكرتونة سميكة، هذه هي أدواتهم التي يحملونها كل يوم، من السادسة صباحًا، حتى الثانية ظهرًا، دون تذمر أو امتعاض.

يحلمون بقضاء المناسبات والأعياد السعيدة وسط أسرهم وأولادهم، لكنهم محرومون من الإجازات، ويقضون أوقاتهم في الشارع، فهكذا يكون عيدهم ومعاناتهم. ويبدوا الرضا بما قسمه الله لهم واضحًا على وجوههم، لأنهم يسعون لكسب أرزاقهم، وتوفير قوت يومهم، لهم ولأولادهم، ويبذلون جهودًا كبيرة دون شكوى أو تظلم، ينتظرون ساعة الصفر، التي يُعلن فيها الحاكم أنهم من أهم فئات المجتمع، كما يعامل أمثالهم في الدول الأوروبية.

انتظار الفرج في مفهومهم لا يعنى التوقف عن السعي، إنما يعنى الحب والإتقان في العمل، فيسعون في الشوارع ينظفون وينسقون ويصلحون ما أفسده الآخرون. الصبر والتحمل، معانٍ يتسمون بها، ومهارات اكتسبوها على مدار قرون كثيرة، فبها يسعون وراء أرزاقهم، ويتحملون التعب، ويصبرون على القدر، من أجل توفير العيش الكريم لأولادهم، دون ملل، رغم الثقل الذي يتعب ظهورهم.