أسرة عراقية تكشف مأساتها مع "داعش"

روت إحدى العائلات العراقية مأساتها مع تنظيم "داعش" الإرهابي حينما استولى على مدينة الموصل العراقية، والتي نجحت في الهرب بفضل الجيش العراقي الذي يقاتل التنظيم في سبيل تحرير المدينة.

ونقلت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، قصة عائلة حسن التي لا تزال تعاني جروحًا بعد عامين من سقوط المدينة في قبضة "داعش" وإعلان الخلافة فيها. وبدأ الأمر منذ عام، عندما نشب نزاع بين الأخوان "آزاد حسن" و"محمد حسن" لأنهما كانا يبيعان الدقيق لخباز يتبع للمتشددين ولم يدفع الديون المستحقة عليه. وفي يوم من الأيام اقتحم الشقيقان مخبزه لأخذ الطحين عوضا عن المال. بعد ذلك، استدعاهم قضاة "داعش" واحتجزوهما واتهموهما بالسرقة. وحكم عليهما قاض عراقي يعرف "بقاضي الدم" بقطع رأسيهما وصلبهما لكن قاضيًا سعوديًا خفّف الحكم إلى قطع اليد.

 
وأٌخذا لاحقا إلى ساحة عامة حيث جمع "داعش" المئات لمشاهدة تنفيذ الحكم منذ الصباح الباكر. وحقن طبيب معصميهما بمخدر. لكن تاريخ الأسرة مع التنظيم المتطرف بدأ قبل تلك الواقعة بشهور، عندما قبض التنظيم على أخيهم الذي كان يقاتل ضمن صفوف الجيش العراقي، لكن أسرته لم ترى جثته حتى الآن. وحَكَم "داعش" على الأخوين بقطع يديهما في ميدان عام، وبالفعل قبل أن يقطعوا يد آزاد كان يشاهدهم وهم يقطعون يد أخيه محمد.  

 ويأمل آزاد، البالغ من العمر 21 عامًا، في أن يحصل على العدالة يومًا ما، فهو يحمل معه مقطع فيديو لمشهد البتر، ويقول: "لن أنسى أبدًا تلك اللحظة التي قطعوا فيها يد أخي. بعد ذلك أوثقوا يدي وضربوها بالسكين مرتين حتى يقطعوا، كنت أتمنى الموت في تلك اللحظة". وعلى فراش صغير في مزرعة الأسرة الصغيرة في قرية الديبانية خارج الموصل، يرقد الأب "حسين حسن" والدم يتسرّب من ضمادتين ملفوفتين حول جروح بساقيه ناجمة عن انفجار بعدما عاد إلى منزلهم السابق في منطقة استعادتها القوات العراقية من الموصل، لكنها لا تزال عرضة للخطر.

 دخلت القوات العراقية في حملة عسكرية استمرت تسعة أسابيع بدعم من الولايات المتحدة لسحق "داعش" في آخر معقل حضري كبير له في البلاد، إلا أن تقدم القوات العراقية كان بطيئًا ومكلفًا. وبينما تستعيد القوات الأرض ببطء، يفر النازحون من المدينة ويسترجع أولئك الذين يعيشون في الداخل، ذكريات حياتهم الوحشية في ظل قبضة "داعش"، الذي تسير شرطته الدينية (الحسبة) في دوريات في المدينة وتفرض قوانينها.

وأُجبر التنظيم الرجال على إطلاق اللحى على الطريقة الإسلامية المتشددة. واضطرت النساء لتغطية أجسادهن من رؤوسهن حتى أرجلهن. وضُرب بعض الناس لارتكابهم مخالفات وقُتل آخرون بالرصاص -وصلبت جثثهم أحيانا -وكلها عقوبات تحددها محاكم "داعش"، وعرض نازح في مخيم الخازر خارج المدينة آثار جروح يقول إنها ناجمة عن اقتلاع أسنانه وشق لسانه عقابا له على التدخين في العلن.

وبصورة منهجية في منطقة محيطة بالموصل في شمال العراق، نفّذ "داعش" عمليات قتل وأسر واستعباد لآلاف من الأقلية اليزيدية، الذين يعتبرهم المتشددون "عبدة للشيطان"، فيما استهدف بلدات مسيحية ودنسوها كما استهدفوا الشيعة الذين يعتبرونهم كفارًا. وعندما اجتاح "داعش" المدينة في منتصف 2014 كان آزاد يساعد الأسرة في نشاط شحن ونقل الدقيق.

 يقول آزاد: "قبل دخول "داعش" كانت حياتي مستقرة وكنت متفوقا بدراستي. إلى أن دخل "داعش" في 10 يونيو/حزيران 2014 وقلب حياتنا رأسًا عن عقب." وأضاف: "دخل مقاتوا "داعش" في البداية، بحجة أنهم ثوارًا ثم انقلبوا علينا. لقد أحبهم الجميع في البداية، لكن بعد أن انقلبوا علينا قاموا بمعاقبة الجميع بقطع رؤوسهم وأياديهم بالسيف وكثرت الإعدامات. كان التعذيب لا يوصف، وكان عديم الإنسانية".

 وفي الوقت الراهن، يتطلّع كل من الأخوين المتزوجين، واللذين لا يعملان ويعيشان على دعم الأسرة، إلى مساعدة من قبل وكالات الإغاثة لتقديم أطراف صناعية لهما. وليس لدى أي منهما أمل يذكر. أما شقيقهما الأصغر نياض (20 عاما) فقد سلك طريقًا آخر؛ إذ انضم إلى فصيل سني مسلح ترعاه الحكومة ويشارك في حملة الموصل.