القاهرة – محمد أحمد
اللاجئين السوريين يعانون من شتى أنواع القسوة التي شعر بها شعب في التاريخ، منذ أن أخرجته الحرب الأهلية من دياره وبعد وصوله إلى بلد غريب، يُعامل فيها كشخصٍ بسيطٍ وفقير؛ لأنَّه ترك كلًّ ما يملك من مال ومتاع ومنزلٍ وضياع في سورية تحت القصف، يُنظر إليه كشخص منقوص الحقوق؛ لأنَّه يعامل كأجنبي في بلد لا يعرف كم سيبلغ مدة إقامته فيها، وإذا مزجنا كل ذلك برحلة تعليم في المهجر، سنشعر كيف يعيش الطالب السوري في مصر.
تبدأ المعاناة بعد أن فوجئ الطلاب السوريون في مصر مع بداية العام الدراسي 2013- 2014، بأنَّ القرار الصادر عن المجلس الأعلى للجامعات و الذي يقضي بمساواة الطلبة السوريين مع المصريين في العام الجامعي 2012- 2013، لا يشمل طلبة الدراسات العليا هذا العام، وذلك بعد انتهاء بعضهم من الدراسة في السنة التمهيدية قبل الحصول على الماجستير، أي أنَّ هؤلاء الطلبة عاشوا في الحلم الوردي وتشجّع العشرات منهم لاستكمال دراساتهم العليا في مختلف التخصصات في الجامعات المصرية.
يروي لـ"مصر اليوم" طالب الدراسات العليا في جامعة الإسكندرية، السوري طارق قدور، قائلًا "ما أن أنهيت دراستي الجامعية، وجمعت ما أقدر على حمله و شرعت بالهروب من بلدي خوفًا على حياتي حاملًا بين جنباتي طموحاتى وأحلامي، حاولت استكمال دراستي العليا بالحصول على درجة الدكتوراة، بعدما شجعني قرار المجلس الأعلى للجامعات بالمساواة مع الطالب المصري؛ لكنّني وجدت نفسي مع بداية العام الدراسي الحالي مطالب بدفع 3500 جنيه إسترليني".
و أكد طارق أنَّه و بعد أن استقر به الحال في مصر، وشرع يبحث عن فرصة لاستكمال دراسته العليا، ومع هذا المبلغ المبالغ فيه فإنَّه لن يقوى على تسديده خصوصًا في ظل عدم توفر فرص عمل.
بينما يشرح الطالب محمد أديب، الملقب بـ"أبو سلطان" وهو أحد السوريين المقيمين في مصر، ويقوم بخدمة الجالية السورية في مصر، رحلة معاناته التي تواجهه يوميًا، "تبدأ معنا من جانب الموظفين العاملين بالإدارة، ولكنها تُحَل بفضل الله ثم بفضل بعض المسؤولين في الإدارة".
ويوضح أنَّ مشاكلهم تتصاعد وتيرتها من عدم امتلاكهم لأوراقهم الأصلية التي تؤهلهم للالتحاق بالجامعات المصرية قائلًا "هذا ما يخلق نوعًا من المصاعب التي تواجهنا مع الموظفين العاملين في الإدارة، يصاحبها طريقة تعامل بعض الموظفين معنا والتي تأخذ شكل "الروتين الحكومي" وبطء الإجراءات.
ويكمل محمد حديثه لـ"مصر اليوم"، " إنّنا في النهاية لا يمكن أن ننسى الشعب المصري عندما سمح بفتح الأبواب لنا للجوء إلى مصر ولتلقي العلم فيها وتطبيق مبدأ المساواة بين الطالب السوري وبين المصري وكذلك الإعفاءات النهائية من المصاريف.
وفي السياق ذاته، يروي الطالب أحمد وهو طالب بكلية الهندسة في إحدى الجامعات السورية، تفاصيل رحلته هربًا من نظام بشار الأسد قائلاً "إنَّ حيثيات الصراع في سوريا هي سياسية بحتة وليست صراعًا طائفيًا، كما يزعم البعض، لأنَّ بشار الأسد يقصف شعبه الذي قام بثورة لأكثر من ثلاث سنوات وهو يستبيح دماء السوريين، لا يفرق بين أطفال وشيوخ وبين نساء ورجال، فالأسد لا يقصف المدن السورية الموالية له مثل "القرداحة"، بينما يقوم بقصف مدن المعارضة مثل حمص وحلب وحماة ودرعا".
و يشير أحمد إلى أنَّ طريق الآلام لم يتوقف عند الحدود السورية بل تجاوزها معه إلى بلد المهجر في مصر، وذلك بسبب سوء المعاملة من بعض العاملين في الإدارة الجامعية الذين يعيقون مصالح الطلاب وتصعيب الأمور على الطلبة.
ولكن في النهاية يُصرِّح بأنَّه يتوجه بكل الشكر إلى شعب مصر لخدمة الجالية السورية والطلاب السوريين، داعيًا بأن تنال سوريا في المستقبل القريب حريتها مثل ما حصلت عليها مصر.