غرق 35 فدانًا في المياه

بعد سنوات من تغييب هيبة الدولة وكسر القانون على يد السلطات المحلية وزيادة عدد السكان والتوسع العمراني دون تخطيط، ولا مخصصات مالية للتعامل مع مخلفات الصرف الزراعي التي أصبحت برك ومستنقعات منتشرة في كل بقة من بقاء محافظة الوادي الجديد دون وجود حلول جذرية لتلك المياه الفائضة عن الزراعات لتكون عدد كبير من البرك والمستنقعات تسببت في خسائر بالملايين وخسائر فادحة من الإنتاجية الزراعية في المحافظة.

وتؤدي الظروف الجوية وقلة التبخر وارتفاع منسوب الماء الأرضي وتشبع أراضى الوادي الجديد بالمياه الجوفية في باطن الأرض في قسم كبير من الأراضي، إلى ارتفاع نسبة ملوحة التربة وبالتالي إلى موت الشعيرات الماصة في الأشجار بسبب إعاقة عملية الامتصاص، وكلما ازداد ارتفاع مستوى الماء الأرضي أدى ذلك إلى تراكم الأملاح على سطح التربة، ومن هنا تأتي أهمية الصرف الزراعي والتخلص من المياه الزائدة عن حاجة النبات المتراكمة في منطقة الجذور أو فوق سطح التربة.

وشهدت مناطق عين خنافس وعين السراج وعين عبد الله في مدينة الخارجة التي تبعد عن العاصمة 10 كيلو متر خسائر بالآلاف، وتعانى تلك المناطق من خسارة إنتاجية 35 فدانًا، والتي يعيش عليها 40 أسرة، لا يوجد مصدر رزق لهم سوى زراعاتهم لتلك المساحة من الأرض، والتي تعرضت لأرض للبوار بعد غرقها في مياه الصرف الزراعي وتملح الأراضي الخاصة بهم لعدم وجود شبكة صرف زراعي؛ ما ساهم أيضًا في تكون برك من المياه في الأماكن المنخفضة من الأرض، الأمر الذي يهدد ما يقرب من 420 رأس ماشية بالضياع والموت؛ لعدم قدرة الأهالي على الوصول إلى أماكن تربية ثروتهم الحيوانية، والتي تعد هي الأخرى مصدرًا رئيسيًّا لدخل أسر تلك المناطق.

يخبرنا أحد مزارعي منطقة عين الخنافس في الخارجة أحمد رمضان، وهو في حالة من الغضب الشديد، "أطفالنا وأولادنا مهددين بالتشرد بعد تملح أراضينا وغرقها بمياه الصرف الزراعي، حيث ـن النخيل وقع على الأرض وبقيت هذه المنطقة برك للمياه المالحة والأماكن التي يتم فيها تربية المواشي لم يستطيعوا دخولها لان المياه المالحة طفحت أمام هذه الأماكن بتلك المناطق".

وسرد المزارع في تلك المناطق مصطفى عرفات، "البئر الذي يعمل بئر 38، لم يستطع ضخ مياه لهذه الزراعات، ولكن أنشأت المياه الجوفية بئرًا تعويضيًا بجوار هذا البئر منذ عامين والبئر لم يعمل حتى الآن، وأملنا في تشغيل هذا البئر ليساعد في تكملة البئر الأول لضخ المياه للفلاحين" .

وهذا ما دفع المزارعين إلى الشكوى للإدارة الزراعية في المحافظة ولكن دون جدوى، ما جعلهم يلجؤون إلى جمعيات حقوق الإنسان لمحاولة حل تلك المشكلة قبل ضياع أراضيهم من البوار وتشريد أطفالهم .

ويؤكد رئيس جمعية "المستقبل" لحقوق الإنسان في الوادي الجديد ،مصطفى مهنا، أن هؤلاء المزارعين مهددين بالخطر وبوار أراضيهم التي تعد مصدر رزقهم الوحيد، ما يهدد ما يقرب من 420 رأس ماشية بالضياع والموت، لعدم قدرة الأهالي على الوصول إلى أماكن تربية ثروتهم الحيوانية، والتي تعد هي الأخرى مصدرًا رئيسيًّا لدخل أسر تلك المناطق.

وأوضح مهنا أن أهالي تلك المنطقة المهملة من الحكومة والمفتقدة لكافة الخدمات لا يوجد لهم سوى مصدر واحد لري تلك المساحة، وهو بئر 38، الذي لم يعد يكفي لمتطلبات الزراعات المختلفة كأشجار النخيل والزيتون والبرسيم وبعض الخضر التي يزرعها الفلاحون كمصدر غذاء لهم، لذلك طالبوا بحفر بئر أخر؛ لتوفر العجز في المياه، وبالفعل لبّت وزارة "الري" طلبهم، وانتهت منه منذ عامين، إلا أنه حتى الآن لم يعمل، على الرغم من أن هناك لجنة من "الري" حضرت لموقع البئر، ولكنها لم تأتِ بجديد، لافتًا إلى أن الأشجار المثمرة جفت من نقص المياه، ووقعت على الأرض.

وأضاف أن هذا بجانب عدم قدرتهم على توفير الأعلاف الخضراء لمواشيهم، والتي تعتمد في الغذاء عليها، الأمر الذي يهدد بكارثة حتمية، ويترقبونها في كل لحظة ما لم تقم الحكومة على الفور بحل مشكلة الصرف الزراعي، خصوصًا أن هناك قطعة أرض منخفضة على حدود الزراعات، يمكن أن يتم تجميع مياه الصرف الزراعي بها، لافتًا إلى أن سكان المنطقة معرضون للموت المحتوم، إما بنقص الغذاء أو بالكهرباء أو من الأمراض الناتجة عن تراكم برك المياه في كل مكان.

وناشد المزارعين محافظ الوادي الجديد اللواء محمود عشماوى، بحل تلك المشكلة قبل بوار أراضيهم وموت الماشية الخاصة بهم وإنقاذهم هم وأطفالهم من التشرد والموت جوعًا.