المياه في افغانستان

يعاني الأفغان الذين يسكنون على الحدود مع إيران من معركة مع الشرطة الإيرانية بسبب استخدامهم لنهر "هاري رود" الواقع على الحدود تمامًا ويصل الأمر بالشرطة الإيرانية إلى إطلاق النار على القرويين الذين يعيشون في المنطقة.

وأفاد سكان منطقة كوهسان الحدودية التابعة لإقليم هيرات الأفغاني، بأن الشرطة الإيرانية قتلت على الأقل عشرة قرويين أثناء محاولتهم جمع ماء للشرب من الضفة الشرقية للنهر، ويعد النهر وحقوق استخدام مياهه مصدر نزاع بين أفغانستان وإيران.

ويمر النهر في إيران قبل أن يتحول شمالًا ويختفي في صحراء "القرقوم" في تركمانستان، ويبلغ طوله ألف كيلو متر وهو نهر موسمي تغذيه الأمطار، وجف في أخر مرة عام 2000 معرضًا مدينة مشهد وهي ثاني أكبر مدينة إيرانية لأزمة نقص مياه حادة، مما سبب خسائر في القطاع الزراعي بقيمة أربعة ملايين دولار.

وأعاقت عقود من الحرب في أفغانستان، السلطات عن بناء وتطوير مرافق حديثة تعني بتخزين المياه، في الوقت الذي دمرت أو تلوثت فيه العديد من قنوات الري التقليدية، ليبقى حوالي 80% من سكان الريف الأفغاني بدون مياه صالحة للشرب.

وأكد قائد الشرطة في منطقة كوهسان، أن قواته حاولت في كانون الثاني / يناير الماضي فتح قنوات على نهر "هاري رود" لتحويل المياه إلى القرى المجاورة، إلا أن محاولتهم لاقت ردة فعل عنيفة من الإيرانيين، مفيدًا بأنه في كل مرة يحاول سكان القرى استخدام مياه النهر، تطلق الشرطة الإيرانية عليهم النار لمنعهم من الوصول إلى النهر.

وبيّن الحاج عبد الحكيم، وهو أحد شيوخ المنطقة، أنه رأي ما لا يقل عن عشرة قرويين أفغان يموتون بينما يحاولون الحصول على المياه من النهر، مشيرًا إلى أن شرطة الحدود الإيرانية تفتح النار على قرويين عزل.

ونفى نائب حاكم إقليم هيرات مزاعم سكان كوهسان، موضحًا أن إدارة الإقليم لم تتلقى أية تقارير عن الحوادث المذكورة، وخصوصًا فيما يتعلق بمقتل القرويين، في محاولة للتعتيم على الموضوع، حيث أن أفغانستان تلقت مساعدة إيرانية بقيمة 66 مليون دولار لإعادة الإعمار، حيث بيّن محللون محليون أن الحكومة الأفغانية تضحي بشعبها في منطقة كوهسان للحفاظ على علاقة ودية مع إيران.

وتعاني القرى التي تبعد عن قلب الإقليم مسافة 115 كيلو متر من الجفاف والتصحر، حيث أدى نقص المياه إلى خراب معظم الأراضي الزراعية، وأوضح النائب البرلماني عن إقليم هيرات أحمد بهزاد، أنه حاول رفع القضية للبرلمان الأفغاني لكنه فشل في الحصول على تأييد أعضاء آخرين.

وتعتبر أفغانستان موطنًا لخمسة أنهار تغذي عددًا كبيرًا من السكان في إيران وباكستان وآسيا الوسطى، ولكن البلد يفتقر لاتفاقيات تقاسم للمياه مع جيرانه، باستثناء اتفاقية نهر "هلمند" التي وقعت عام 1973 بين إيران وأفغانستان ليغذي النهر محافظة سيستان بلوشستان، وهي واحدة من أفقر المحافظات الإيرانية وتعتمد على نهر "هلمند" كمصدر وحيد للري.

وبدأ الرئيس الأفغاني أشرف غاني، مفاوضات مع الإيرانيين حول المياه خلال زيارته الرسمية الأخيرة لإيران في نيسان / أبريل الماضي.

وتشارك عدد من الشركات الإيرانية الخاصة في مشاريع بحثية ومشاريع للبنية التحتية المتعلقة في المياه داخل أفغانستان، ولكن في ظل عدم وجود اتفاق سيظل النزاع على المياه مستمرًا.

واتهمت أفغانستان إيران خلال ولاية الرئيس السابق حامد كرزاي  بين عامي 2004 - 2014، بتسليح جماعات من "طالبان" لتخريب بناء سد "سلمى" الذي حاولت أن تبنيه على نهر "هاري رود".

ويتوقع أن يقلل بناء السد، الذي بدأ العمل به هذا الصيف بتكليف من برنامج الأمم المتحدة للبيئة، من حصة المياه التي تصل إيران بنسبة 71%، فيما أعربت الحكومة الإيرانية عن قلقها الواضح لهذا الشأن.

وتبني الحكومة الإيرانية أنابيب لضخ المياه المحلاة من الخليج العربي وخليج عمان إلى المقاطعات الشرقية فيها، ولكن مقارنة بمياه الأنهار القريبة يعد هذا المشروع باهظ الثمن حيث كلفت أول مراحله 500 مليون دولار.