كفر الشيخ - عبير بسيونى
صناعة السفن والمراكب في كفر الشيخ حكاية آباء وأجداد، يعمل بها الآلاف من أبناء مدينة برج البرلس وقرية برج مغيزل، ولكنها لم تلق أي دعم من الحكومة المصرية، مما جعلها تشهد كساداً كبيراً، وجعل العشرات من أبناء المهنة يتركونها بحثاً عن أرزاقهم في مهن أخرى .
يشرح السادات القلفاط، أحد أشهر عائلات البرلس في صناعة المراكب، أن "هناك أنواعا من المراكب وكل نوع مخصص للاستخدام في شيء معين، فهناك "الفلوكة" التي تعمل بالشراع الصغير وتستخدم أشكالاً عديدة للصيد بالشباك، وهناك "السمبك" وهو زورق صغير وخفيف لصياد واحد يعمل به منفرداً، وهناك أنواع "فلايك" أخرى تستخدم في نصب شبك "الترقيد" أو شبك "اللفة والشوري"، إضافة إلى المراكب الكبيرة والشراع المثلث والمراكب التي تستخدم كشاحنات لنقل العديد من الأسماك والاستخدامات الأخرى كنقل "البوص" الذي يستخدم في الكثير من الصناعات".
وأشار القلفاط إلى أن المراكب "تبدأ أحجامها من 12 متر طولاً إلى 32 متراً، ويختلف تصميم كل منها حسب المقاس ونوع الصيد، فمثلاً مركب "الشنشلا" الذي يقوم بالصيد على عمق 5 أمتار تقريباً، لابد أن يكون مرتفعاً وهو النوع الذي يعمل في البحر حتى آخر حدود المياه الإقليمية ويتحمل البقاء به لثلاثين يوماً وحمولته 100 طن تقريباً ويعمل عليه 50 صياداً".
وأضاف "إننا ننتج من4 إلى 6 مراكب سنويا، حيث تصنع المراكب الخشبية من أخشاب أشجار الكافور والسنط واللبخ والتوت، التي تشترى من المناطق الريفية في محافظات المنوفية والغربية والبحيرة والدقهلية، والأفضل الأشجار القديمة والتي يزيد عمرها على مائة عام".
وأوضح جلال القلفاط أنه يعمل في هذه المهنة منذ 20 عاما، وورثها عن آبائه وأجداده، وأن أصحاب المراكب أصبحوا يفضلون الحديد حيث يقوم صاحب المركب بشراء "حديد الصاج" 5 لينية أو 6 لينية، حيث أن مركب "الجر" التي تكون مساحتها 50 مترا تقريبا، تتكلف 2 مليون جنيه، وهذه المراكب تستخدم في الصيد في المياه الإقليمية وتستغرق الرحلات بها 45 يوما.
وتابع صاحب إحدى الورش، أن "مثل هذا النوع من المراكب قل كثيرا عن الماضي بسبب صعوبة الحصول على تصاريح من دول الخليج للصيد في المياه الإقليمية الدولية، فاتجه أصحاب الورش إلى صناعة مراكب "الشنشلا" التي تستعمل في الصيد الداخلي، وتعمل على الكهرباء العادية حيث توجد بها ماكينات 400 حصان".
ويضيف أن "أكبر مركب خشبي تكون مساحته 20 مترا وتكون تكلفته ما يقرب من 160 ألف جنيه إضافة إلى شراء صاحبه الشبك والكشافات ".
ويشير أحد العاملين في ورش تصنيع المراكب، عبده القصاص، إلى أن "أصحاب المراكب الكبيرة التي تتعدى مساحتها 50 مترا، يفضلون استخدام الحديد "الصاج"، حيث يقومون بشرائه من شوادر الحديد أو من بعض المراكب التي انتهى عمرها الافتراضي، أو من صهاريج البترول وهناك الحديد المصري ولكن المستورد أفضل أما النوع الجيد من الحديد المصري فثمنه مرتفع ويصنع بكثافة عالية ولذلك لابد أن تكون صناعته بالطلب" .
وأوضح أنه "يتم تصنيع المركب الحديد في فترة لا تتجاوز 6 أشهر لتوافر الخامات، أما الخشب فلا تقل مدة تصنيعه عن 8 أشهر لصعوبة الحصول على الأشجار لأن القديمة منها أصبحت أقل كثيرا، وعدم اهتمام الفلاحين بزراعة الأنواع المستخدمة في هذه الصناعة كما كان يحدث من قبل"، مشيرا إلى أن "هذا المركب يتعدى 2 مليون جنيه وقد يصل إلى 3 مليون جنيه في بعض الأحيان".
وأضاف القصاص أن صيانة المركب الحديد تكون أقل في التكلفة، لكنه يؤكد على تراجع صناعة المراكب بسبب عدم اهتمام المسؤولين، قائلا "كنا في الماضي نصنع المراكب السياحية، ويتم تصديرها إلى الدول العربية، لكن في الوقت الحالي، لم يعد هناك اهتمام وأصبحنا نصنع مراكب للصيد فقط".
وتابع "كانت صناعة المراكب توفر كثيرا من فرص العمل خاصة بين أبناء مدينة البرلس والقرى المجاورة، لكن الآن ومع كساد تجارة تصنيع الورش لم تعد تتوفر فرص عمل كثيرة ولا دخل مناسب".
من جهته أوضح أحد صانعي المراكب في برج مغيزل، محمد عبد البر، أن أكثر من 2000 شخص يعملون في صناعة المراكب في القرية دون وجود أي دعم من الحكومة، مشيراً إلى أنهم يعتمدون على دعم أنفسهم .
وطالب صناع المراكب والسفن، محافظ كفر الشيخ الدكتور أسامة حمدي عبد الواحد، بتخصيص أرض في المحافظة لإقامة مجموعة كبيرة من الورش الخاصة بهذه الصناعة حيث أن المحافظ السابق وعد بتخصيص مساحة 55 فدانًا لصالح إنشاء ورش الحرفيين العاملين في مجال صناعة مراكب الصيد إلا انه لم يحدث حتى الآن .