دمشق ـ جورج الشامي
تصدرت سورية قائمة البلدان التي تشهد نزوحا داخليا في العالم خلال عام 2013، مع وصول عدد الفارين بسبب النزاع المستمر إلى 9500 شخص يوميا؛ إذ يسجل نزوح عائلة واحدة على الأقل كل دقيقة، بحسب ما جاء في تقرير صادر عن "مركز رصد النزوح الداخلي" وهو جزء من المجلس النرويجي للاجئين.
وأشار التقرير الصادر الاربعاء إلى ارتفاع عدد النازحين الذين شردتهم الحروب في مختلف أنحاء العالم خلال عام 2013 إلى 33.3 مليون شخص. وكشف أن 63 في المائة من الرقم القياسي البالغ 33.3 مليون نازح داخليا، جاؤوا من خمس دول متضررة من النزاعات هي: سوريا وكولومبيا ونيجيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية والسودان، موضحا أنه ومنذ بداية النزاع السوري في عام 2011، ارتفع النزوح الداخلي في المنطقة إلى نحو خمسة أضعاف ما كان عليه قبل عشر سنوات.
وذكر التقرير أن سوريا تشهد أكبر أزمات النزوح في العالم وأسرعها تفاقما، لافتا إلى أن نسبة النازحين السوريين داخل بلادهم تبلغ 43 في المائة. وبحلول نهاية عام 2013، كان 8.2 مليون شخص قد نزحوا حديثا على مدار العام، بزيادة قدرها 1.6 مليون نازح جديد عن العام السابق. وهذا الأمر يمثل زيادة مذهلة تبلغ 4.5 مليون نازح على الرقم المسجل في عام 2012، مما يشير إلى ارتفاع قياسي للعام الثاني على التوالي.
وفي هذا الإطار، يشير رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان عبد الكريم ريحاوي،إلى أن العدد الأكبر للنازحين داخل سوريا يتمركز في ثلاث محافظات رئيسة، هي اللاذقية وطرطوس والسويداء، إضافة إلى مدينتي حماه ودمشق، مشيرا إلى أن نحو تسعة ملايين مواطن سوري في الداخل بحاجة إلى مساعدات غذائية وطبية عاجلة، بينهم أكثر من مليونين في طرطوس واللاذقية.
وأوضح ريحاوي أن الأرياف تستقبل النسبة الأكبر من النازحين، مشيرا إلى أن معظم الهاربين إلى حماه هم من حمص والرستن وتلبيسة في ريف حمص، وسهل الغاب في ريف حماه، فيما يلجأ الميسورون ماديا بشكل عام إلى العاصمة حيث لا يصمدون كثيرا بسبب غلاء المعيشة ويصبحون كمعظم النازحين بحاجة إلى المساعدات.
وأكد ريحاوي أن هذه التجمعات تضاعف من حدة المعاناة التي يعيشها السوريون بسبب النقص الحاصل في المواد الغذائية والطبية وتفشي الأمراض في صفوفهم. وتطرق إلى مشكلة توزيع المواد الغذائية، مشيرا إلى أن مؤسسات الإغاثة الدولية تتعامل بشأنها فقط مع النظام الذي يحصر توزيعها على المناطق الموالية له، أو تصل إلى أيدي (تجار الحروب) الذين يبيعونها في السوق السوداء بأسعار خيالية.
وكان الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أعلن في إحصائية له نشرها قبل أسبوعين، وصول عدد النازحين في داخل سوريا إلى ما يقارب 8.8 مليون، مقابل 3.2 مليون لاجئ خارج سوريا. ولفتت الإحصائية إلى أن «خمسة ملايين ونصف المليون طفل بحاجة إلى مساعدة، منهم أربعة ملايين و300 ألف داخل سوريا، و2.8 مليون طفل سوري خارج التعليم، و8 آلاف حالة اغتصاب».
وقال الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين يان إيغلاند إن التقرير الذي صدر بمقر الأمم المتحدة في جنيف، بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، كشف عن واقع الحياة المخيف داخل سوريا، التي تعاني الآن من أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم. وأوضح أن الجماعات المسلحة لا تسيطر على المناطق التي توجد فيها مخيمات النازحين داخليا فحسب، بل إن هذه المخيمات تدار بشكل سيئ، ولا توفر ما يكفي من المأوى والصرف الصحي، وإيصال المعونة محدود. وبالإضافة إلى ذلك، يكشف تقرير "مركز رصد النزوح الداخلي" كيف أن القصف المدفعي والغارات الجوية استهدفت تجمعات كبيرة للنازحين داخليا بشكل خاص.