الزواج البدوي

يتميز المجتمع البدوي بوجود خصوصية له عن باقي المجتمعات، فهو مجتمع منغلق على نفسه، يصعب كشف أسراره لمن هو منتمي لغير هذا المجتمع. حيث لكل مجتمع من المجتمعات عادات وتقاليد في شتي مناحي الحياة، تختلف عن العادات والتقاليد بالمجتمعات الأخرى. والزواج عند البدو مختلف كليًا عن باقي المجتمعات خاصة الحضرية، فهناك طرق وعادات عند البدو حين يتزوجون، فالزواج غير مكلف وبسيط، فبناء الاسرة من أساسيات الحياة، لانها النواة الأولى للعصبية والقبلية.
 
وأكد الباحث في التراث السيناوي، الشيخ حسن سلامه، أنه ما زال الزواج لدى البدو سهلا وبسيطا لمن يقطنون في البادية مكلفا ماديا لمن يعيشون في القرى والمدن ، وكانت في السابق عادة في الخطبة ولكنها الان انقرضت بصورة لافتة مثل ما يسمي "بالقصلة "، وهي تتم بين الشاب ووالد البنت التي يريد الزواج منها وهي بمثابة ربط كلام او قراءة فاتحة اذا يأتي الشاب بعود من الشجر الاخضر ويسلمه ليد والد البنت ويقول هذه قصلة بنتك واريد الزواج منها ويقرؤون الفاتحة على هذا وبهذا تكون الفتاة مخطوبة لهذا الشاب الى ان يأخذها الى بيته بعد فترة او حسب ما يتفقون عليه.
 
وأضاف سلامه، أنه "غالبا ما يكون المهر بسيطا حسب البيئة المحيطة أو على مقدرة الخاطب ماديا بطبيعة الحال لا يكون هناك، كتب كتاب، ولكن الزواج بكلمة فقط، ويقول والد العروسة "زوجتك يا فلان بنتي" ويرد العريس "قبلتها زوجة لي على كتاب الله وسنة رسوله" وبهذا تصبح زوجته الى ان يأخذها".
 
وأشار الى أنه "في الوقت السابق كان كل شيء يجهزه العريس وكان من شروط والد الفتاة هو ان يقول له مطلوب منك ثوب وعباءة وبرقع ووقاة بجانب تجهيز بيت العريس، ويطلق عليه اسم "البرزة" وهو عبارة عن عشة توضع بالقرب من بيت الشعر الذي يسكن فيه ابوية واخوتة وهو بهذا يستقل عن الاسرة ولكن ليس بعيدا عنهم، وبنائها غير مكلف فهي اما مصنوعة من البلاستيك او اكياس من الخيش، وتجهيزها بغطاء من صوف الضان وخدة بسيطة محشوة اما صوف او اوراق أشجار".
 
وحول طريقة اخذ العروس ليلة العرس يقول سلامه، "يتم اخذ العروس في غالب الاوقات ليلا او عصرا وتم ركوبها علي جمل اذا يأتي العريس راكبا علي جملة ويأخذها اما من البيت واما من عند اغنامها اثناء رعيها في البادية ويقطع مسافات بعيدة حتى يصل الى بيتة الجديد واهلة مستعدين لاستقباله بالزغاريد وذبح الولائم وسباقات للهجن وزرع الرايات والاحتفالات، وقديما كانت العروس البدوية ترجع الي بيت اهلها بعد يومين من الزواج ولكنها الان انقرضت هذه العادة فقد تصل الان في بعض المناطق الى اسبوع تبقي في بيتها وبعد هذا الاسبوع ترجع الى اسرتها وهذا من اجل ان تعتاد علي الوضع الجديد".
 
وتابع الباحث في التراث السيناوي سالم فريج راشد، "أن الزواج يتم بأقرب القريبات وعادة تكون ابنة العم، واذا رغب في غير ذلك فعليه الاختبار من الانساب الكبيرة، ويفضل البدو الزواج المبكر وفي سن صغيرة، ويقوم الشاب بالخطبة بنفسه دون وساطة، حيث تتم خطبة الفتاة من أبيها أو اخيها، واذا كانت الفتاة بكرا لا يؤخذ رأيها "قديما" ويكتفي برأي والدها أو اخيها أو ولي أمرها، أما اذا كانت ثيبا فيشترط في الزواج اخذ رأيها".
 
وأشار إلى أنه إذا وافق الوالد أو ولي الامر يأخذ عودا اخضر من الارض ويناوله الخاطب ويقول له هذه قصلة فلانه على سنة الله ورسوله اثمها وخطيئتها في رقبتك من الجوع ومن العري ومن أي شيء نفسها فيه وانت تقدر عليه، فيتناول الخاطب القصلة ويقول قبلتها زوجة لي على سنة الله ورسوله، وهي بذلك تصبح زوجته، دون كتابة أو توثيق الزواج لأنه تم بكلمة.
 
وجرى العرف بين البدو بأنه يقوم بعد ذلك بعد تجهيز عش الزوجية، بالذهاب الى فتاته نهارا واخذها على ظهر الجمل إلى بيتها الجديد، وما ان تصل حتى تُنحر الذبائح، ويتم اعداد الولائم ودعوة الاهل والاحباب والاصحاب لتناول وجبة الغذاء أو العشاء، وبعد ذلك تصبح زوجته حلا له، حيث يدخل عليها، وتصبح أحد افراد العائلة أو القبيلة التي ينتمي اليها.
 
وتستمر افراح البدو عدة أيام فيها يتم نحر الذبائح والغناء واقامة حفلات السمر، ويسمى عند البدو" السامر" وفيه تنشد الأغاني ويتبارى الشعراء بتقديم الكلام الموزون والشعر البدوي المقفَى.