المركز القومي للدراسات والبحوث الاجتماعية والجنائية

أثبتت دراسة رسمية مصرية أن فئة الأطفال والشباب من سن (9 إلى 18 عامًا) هم الأكثر اتجاهًا للهجرة غير الشرعية، وذلك في ضوء انتشار ثقافة الهجرة ووجود معارف وأقارب وأصدقاء في هذه المحافظات تشجع وتساعد الأطفال على خوض هذه التجربة.

وسعت الدراسة، التي أجراها المركز القومي للدراسات والبحوث الاجتماعية والجنائية، بتكليف من رئيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية، السفير نائلة جبر، إلى التعرف على أبعاد الظاهرة ورصد الواقع الاقتصادي والاجتماعي والخدمي للقرى المصدرة لها، بما يساعد على تحديد عوامل الخطر الكامنة في البيئة الحاضنة لهذا السلوك، كما استهدفت استشراف الحلول والآفاق المستقبلية للتعامل معها ومواجهتها.

أما بشأن الخصائص الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية للأطفال غير المصحوبين، فقد أظهرت الدراسة أن الغالبية من الذكور في الفئة العمرية 16 إلى 17 عامًا، وبنسبة أقل في الفئة العمرية من 9 إلى 15 عامًا، وقد لوحظ ارتفاع نسبة التسرب من التعليم فيما بينهم، فضلاً عن ضعف المستوى التعليمي للوالدين الذين عادة ما يشتغلون بالقطاع الزراعي أو يمتهنون أعمالًا حرفية، وعلى الرغم من أن ثلاثة أرباع عينة الدراسة يعيشون في أسر طبيعية، إلا أن خُمس العينة يعاني من سوء معاملة الأهل مما أدى إلى سعيهم للهجرة.

وأظهر المؤشر الإحصائي الذي تم بناؤه لقياس المستوى الاقتصادي والاجتماعي لأسر أطفال العينة، أن غالبيتهم يأتون من أسر متوسطة، وفي المقابل فقد أبرز أن ثلث أطفال العينة كانوا يعملون قبيل قيامهم بالهجرة بشكل غير شرعي، وبعضهم خرج إلى سوق العمل منذ سن السادسة.

وبشأن مصادر استقاء المعلومات حول الهجرة، فقد أوضح الغالبية العظمى من المبحوثين اعتمادهم على الاتصال الشخصي مع الأصدقاء والأقارب، مشيرين إلى انحسار دور الإعلام الرسمي والهيئات الحكومية، مما أدى إلى انتشار أفكار مغلوطة حول ظروف المعيشة والعمل والأجور في دول المقصد.

وفي إطار السعي للبحث عن حلول للحد من الظاهرة، فقد توصلت الدراسة إلى أن إيجاد فرص عمل، وزيادة بدائل الهجرة بشكل شرعي، وتحسين مستوى المعشة تأتي في مقدمة مطالب الأطفال محل العينة، وذكرت نسبة من الأطفال رغبتها في أن تشعر بإنسانيتها.

وأوضحت جبر أن وزارة الخارجية تتعامل مع هذا الملف بقدر كبير من الاهتمام من خلال سفاراتها وقنصلياتها في الخارج لاسيما روما وميلانو، وهي تتابع عن كثب جميع حالات الأطفال المصريين التي ترد إليها من الجانب الإيطالي وتحرص على التعاون مع الجهات الأمنية والمجلس القومي للطفولة والأمومة لبحث سبل عودة هؤلاء الأطفال طواعية.

وأشارت السفير إلى أن وزير الهجرة والمصريين في الخارج قامت أخيرًا بإجراء زيارة ميدانية لمراكز الإيواء في إيطاليا؛ للتعرف على أوضاع الأطفال المصريين بها، والتي أصبحت تمثل ظاهرة دخيلة تهدد سلامة وأمن أبنائنا وتجعلهم عرضة لكافة صور الاستغلال.

أما عن التعامل المستقبلي مع المشكلة، فقد أفادت بأن اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية تضع هذا الملف ضمن أولويات عملها في إطار الاستراتيجية المقبلة (2016-2018) لمكافحة الهجرة غير الشرعية، حيث سيتم بالتنسيق مع الجهات الوطنية المعنية، العمل على بلورة برامج تعليمية وتنموية تعكس متطلبات وتلبي حاجات هؤلاء الأطفال وأسرهم بما يضمن لهم حياة كريمة، وذلك إلى جانب حملات التوعية التي ستستمر اللجنة الوطنية في القيام بها.