أوتاوا - مصر اليوم
بينما كانت الكارثة على وشك الحدوث، جاء قرار عامل القطار الشجاع بالقيام بأي شيء حتى وإن تطلب التضحية بحياته لإنقاذ أشخاص لا يعرفهم، ولتبقى قصته الملهمة في الأذهان رغم حدوثها منذ نحو 100 عام!
كارثة حقيقية
الـ6 من ديسمبر عام 1917، يدرك الكثيرون هذا التاريخ جيدًا، والذي تعرضت خلاله مدينة هاليفاكس الكندية لأحد أسوأ الكوارث في التاريخ، حين اصطدمت سفينة شحن "مونت بلانك" الفرنسية المحملة بالذخائر، بأخرى نرويجية، لتشتعل النيرانبمونت بلانك، وتتعرض للانفجار في غضون دقائق، ما نتج عنه آلاف الوفيات وآلاف الإصابات، وتدمير شبه كامل للمباني والمساكن بالمناطق المحيطة في المدينة الكندية الهادئة.
المذهل أن ما بين اشتعال النيران، والانفجار المروع الذي هز البلاد، وسمع دويه على مسافة تجاوزت الـ400 كيلومتر، كانت هناك بضع دقائق تسمح للبعض بالهروب، إلا أن قرار عامل القطار "فينسنت كوليمان" كان أكثر شجاعة وتحملًا للمسؤولية، حيث فضل تأدية عمله الذي يقتضي تنبيه قائد القطار الآتي والمملتئ بالركاب، قبل أن يصيب أحدهم مكروه، ولو على حساب حياته، فبعث لهم برسائل وإشارات عاجلة، كانت كفيلة بعدم اقترابهم من موقع الخطر، ولكنها لم تساعد المرسل نفسه على الهرب بحياته.
تحكي حفيدة كوليمان، التي طالما سمعت القصص والروايات من جدتها عن زوجها البطل "كان يومًا عاديًا بالنسبة له، حيث ذهب للعمل وهو لا يتوقع حدوث أي مفاجآت، إلا أنه مع اشتعال النيران بسفينة الشحن الفرنسية تلك، توقع ما سيحدث لاحقًا، فقرر ترك رسالة خلد بها التاريخ اسمه، ولو بعد مرور قرن من الزمان على كتابتها”.
رسالة أخيرة
في وقت تعالت فيه أصوات الصراخ بشوارع مدينة هاليفاكس، واعتقد البعض أن مدينتهم المسالمة تتعرض لهجوم حربي على وشك إزالتها من على وجه الأرض، كتب فينسنت كوليمان آخر الرسائل التحذيرية والملهمة كذلك، والتي بعث بها للقطار الآتي من العاصمة، ويقول فيها "عليكم إيقاف القطار في الحال، اشتعلت النيران بإحدى سفن الشحن بالميناء وهي على وشك الانفجار، ربما تكون تلك آخر رسائلي، الوداع يا رجال”!
وتشير حفيدة كوليمان لتلك الرسالة الملهمة، والتي تثبت إدراكه التام لتبعات موقفه الشجاع، الذي وإن تسبب في رحيله، فإنه أدى لإنقاذ نحو 300 راكب، علاوة على بقاء اسمه خالدًا على مر العصور، لتختتم حديثها قائلة "سيظل اسمه محفورًا في الوجدان، فقد ضحى بحياته لإنقاذ أناس لا يعرفهم، لذا فهو بطل فريد ظهر بيوم سيئ لا يمكن أن ينسى”.