القاهرة - مصر اليوم
لم يكتف مسجل خطر بهروبه من رجال الشرطة مرتين في غضون فترة قصيرة بطريقة متشابهة، وراح يكون عصابة للسرقة تحت تهديد السلاح غير عابئ بمطاردته أمنيا، إلا أن "العملية الأولى" قادته إلى خلف القضبان.
في يونيو الماضي، نُقل "محمد عبد الرحمن" وشهرته "الخطيب" إلى مستشفى الهرم؛ لشعوره بحالة إعياء شديدة نتيجة إصابته بذبحة صدرية، لكنه لم يمكث سوى يومين، غافل بعدها طاقم الحراسة، ولاذ بالهرب، لكنه سرعان ما سقط مجددا أثناء اختبائه بمنطقة حلوان، وبحوزته ربع فرش حشيش.
وأمرت النيابة العامة بحبسه 4 أيام -آنذاك- قبل إحالته للمحاكمة، وصدر حكما ضده بالسجن 4 سنوات بتهمة تعاطي مواد مخدرة، وترحيله إلى قسم شرطة حلوان.
خلال قضاء عقوة السجن بقسم شرطة حلوان، بحث "الخطيب" عن طريقة للهرب مجددا، واتفق مع محاميه لإيجاد حل، وأثمرت خطته عن نقله إلى مستشفى حلوان لمروره بأزمة صحية، ليكرر فعلته الأولى، وغافل الحراسة المعينة عليه، ولاذ بالهرب للمرة الثانية.
طوال 3 أشهر، استمرت أعمال البحث عن المتهم من قبل مباحث العاصمة دون جدوى، إلا أن المتهم الهارب بدأ يخطط لجمع الأموال عبر بوابة السرقة بالإكراه، وكوَّن تشكيلا عصابيا بمشاركة شقيقه و"محمد طنبش"، "جابر أبو شنب" "أحمد" و"عبد الفتاح".
خلال جلسة "فرفشة"، استمع الأصدقاء لحديث "طنبش" عن فترة عمله كسائق لدى صاحب شركة مقاولات، مؤكدا أنه عادة ما يحتفظ بمبالع مالية كبيرة بمكتبه الواقع بشارع الللبيني في الهرم. التقط "الخطيب" كلمات السائق، واختمرت في ذهنه خطة لتنفيذ أولى أعماله المشبوهة بعد هروبه.
استقل الخطيب وعناصر العصابة سيارة قيادة "طنبش" الذي كان بمثابة الدليل، واقتصرت مهمته على انتظارهم أسفل العقار الذي يشمل مكتب المقاولات المستهدف، ليصعد الباقون مدججين ببندقية آلي وطبنجة، اقتحموا بها المكتب الذي كان بداخله صاحبه و3 مقاولين آخرين.
دقائق معدودة احتاجها أفراد العصابة لتقييد الضحايا، واستولوا على 4 ملايين جنيه داخل حقيبة، ولاذا بالفرار، ظنا أن فعتلهم لن تنكشف، وانهم ارتكبوا "جريمة كاملة" دون أخطاء.
داخل مكتبه القريب من أهرامات الجيزة، تلقى العقيد عادل أبو سريع، مأمور قسم الهرم، بلاغا من 4 أشخاص أنهم أثناء تواجدهم بمكتب أحدهم بمنطقة اللبيني، فوجئوا بـ 4 أشخاص يحمل اثنان منهم أسلحة نارية (بندقية آلي، طبنجة)، قيدوهم بالحبال، واستولوا على حقيبة بداخلها 4 ملايين جنيه.
وشكل اللواء إبراهيم الديب، مدير مباحث الجيزة، فريق بحث قاده العقيد محمد راسخ، مفتش مباحث الهرم، والمقدم محمد الصغير، رئيس مباحث الهرم، تركزت جهوده على فحص علاقات مقدمي البلاغ، والوقوف على وجود عداوات لهم من عدمه، وحصر المكالمات التي تمت في نطاق مكان الواقعة.
تحريات الرائد هاني عجلان، معاون مباحث الهرم، توصلت إلى هوية مرتكبي الواقعة، وتبين أن مسجل خطر يدعى "محمد الخطيب" هو العقل المدبر مستعينا بشقيقه و4 آخرين، أحدهم كان يقوم بتوصيل أحد مقدمي البلاغ، وعلى دراية بأنهم يحتفظن بمبالغ مالية نظير معاملاتهم في مجال المقاولات.
أعد المقدم محمد الصغير خطة محكمة من خلال نصب أكمنة للإيقاع بالمتهمين وإعادة المبلغ، وتمكن معاوناه الرائد هاني عجلان والنقيب إسلام السيد من ضبط 3 متهمين، لكن العقل المدبر عاد للاختباء، وكذلك شقيقه، بعيدا عن أعين الشرطة.
وتم حصر الأماكن التي يتردد عليها المتهم الرئيسي، وكشفت التحريات أن ثقته تنصب على زوجته وشقيقته، ليتمكن الرائد هاني عجلان من ضبطه أثناء تواجده مع شقيقته لاستخراج أوراق تراخيص سيارة "جيب" بقيمة 800 ألف جنيه بوحدة مرور الأميرية وبحوزته الطبنجة المستخدمة في الواقعة، كما تم مداهمة منزل زوجته "نجلاء" بمنطقة المطرية، عُثر بحوزتها على جزء من المبلغ المستولي عليه والبندقية الآلي المستخدمة في ارتكاب الواقعة.
كما تبين أن اثنين من المتهمين قاما بشراء سيارتي أجرة "تاكسي" بقيمة 300 ألف جنيه، وحُرر محضر بالواقعة، أحاله اللواء عصام سعد، مساعد وزير الداخلية لأمن الجيزة، إلى النيابة العامة للتحقيق.