القاهرة - مصر اليوم
دفع الشاب المصري المسيحي، حياته ثمنًا لشهامته عندما حاول نجدة فتاة مسلمة من يد لص بلطجي، لتجوب قصته مدن وقرى وأحياء وشوارع أسوان، بل وتصل إلى منابر المساجد، بعد أن تحدث عنه إمام وخطيب أحد المساجد، والذي كرّمه المحافظ.
تحولت قصة شهامة مينا سمير إلى أيقونة للحب ومحرك للمشاعر الطبيعية التي يؤمن بها كل المصريين مشاعر الحب والخير والسلام والمواطنة وتبارى المسلمون قبل المسيحيين في المطالبة بالثأر والقصاص من اللص، وتوقيع أقصى العقوبة عليه كما طالبوا بتكريم اسم البطل الشاب، وإطلاق اسمه على أحد شوارع المدينة.
وقال سمير كامل والد مينا "مينا ابني الوحيد على بنتين، تخرّج من الجامعة العمالية وكان بيساعدني في محل الأدوات الكهربائية بتاعي,مضيفًا""مينا 90% من أصحابه مسلمين وكان بيصوم معاهم في رمضان"
وأضاف "إننا نشأنا وتربينا على الحب المتبادل بيننا وبين الجيران، ولم نسمع بنبرة مسلم ومسيحي إلا هذه الأيام حتى أن 90% من أصدقاء مينا وإخوته من المسلمين، وكان يصوم معهم نهار رمضان، ويرفض تناول أي طعام إلا مع أذان المغرب، وكان الكل يحبه أصدقاءه وجيرانه، وبعد وفاته سمعنا قصصًا وروايات من الجيران والأصدقاء عن مواقفه الإنسانية ومساعدته لهم وتواصله معهم.
وقاله عمه سمير "مينا ابن موت ودي تاني مرة يتم الاعتداء عليه بسلاح أبيض, موضحًا أن ابنه كان شديد الحب لأسرته ولأصدقائه وجيرانه، كما أنه ومنذ صغره لا يخشى الموت ومن 7 سنوات كان يسير على كورنيش النيل بمدينة أسوان، وشاهد مشاجرة بين ابن عمته ومجموعة من الشباب، فتدخل لإنهائها فقاموا بالاعتداء عليه وطعنه بسكين، وجرى حجزه بمستشفى أسوان لمدة شهر بين الحياة والموت، ولكن بفضل دعوات المخلصين شفي، وعندما أتى أهل الشباب الذين اعتدوا عليه طلبا للصلح وافق "مينا" وتنازل عن القضية.
وتابع الوالد المكلوم "يوم الحادثة كنت أنا وهو بالمحل ثم ذهب لتناول العشاء وأثناء عودته سمعنا فتاة تستغيث بالبازار المجاور لمحلنا وتصرخ بأنه تم سرقة هاتفها المحمول فخرج من في المحل والجيران وراء اللص وتصدى له مينا وأمسك به، لكن اللص باغته وطعنه بسلاح أبيض، وتمكّن الأهالي من القبض عليه وكادوا يفتكون به وقاموا بتسليمه للشرطة ونقلنا "مينا" إلى المستشفى وتوفى أثناء محاولة إنقاذه.
"لم أتخيل مدى حب الناس لمينا إلا بعد وفاته، إذ تجمّع المئات من الجيران المسلمين قبل المسيحيين بالمستشفى، ولم يفارقونا لحظة حتى تم تشييع جنازة مينا، ودفنه ولم ينقطع الجيران والأصدقاء عن منزلنا لتقديم واجب العزاء حتى اليوم.
وأكمل حديثه "أما الموقف الذي لا أستطيع نسيانه عندما أخبرني أحد جيراني المسلمين بأن إمام مسجد منصور حمادة خصص خطبة الجمعة عن بطولة مينا وشهامته، ولم يكتف بذلك بل عرض صور مينا على الشاشات الموجودة داخل المسجد في مشهد يؤكد مدى حب أهالي أسوان لمينا المسلمين قبل المسيحيين ويؤكد أن الخطر الذي يهددنا لا يفرق بين مسلم أو مسيحي فكلنا في خندق واحد".
" وقدّم والد مينا الشكر لأهالي أسوان، ولمحافظها اللواء أحمد إبراهيم، والذي حرص على زيارتهم، وتقديم واجب العزاء بنفسه، وطالب الجميع بالدعاء لمينا، ولوالدته والتي تمر بظروف صعبة منذ وفاته فالبرغم من أن مينا ولد وحيد على بنتين إلا أنه كان يساعد والدته في أعمال المنزل، ويقوم بترتيب سريره وغرفته بنفسه، وكانت تربطهما علاقة حب خاصة.
و ساد حزن عميق مدينة أسوان، خاصة في المناطق القريبة من منزل مينا، ودكان والده، وطالب الأهالي بالقصاص من اللص القاتل، وتقديمه للمحاكمة العاجلة.
و خصص الشيخ سعودي مرزوق، إمام مسجد منصور حمادة، في مدينة أسوان جانبًا كبيرًا من خطبة الجمعة الماضي للحديث عن بطولة وشهامة مينا سمير، وعن حرمة قتل النفس, في لفتة تدل على مدى الترابط بين عنصري الأمة
وقال الشيخ سعودي إن الإسلام لا ينسى دور من يعمرون في الأرض، ويدافعون عن الناس، حتى ولو كانوا غير مسلمين، وأن التاريخ الإسلامي مليء بمثل هذه النماذج المشرفة التي أسهمت في تاريخ ونهضة الأمة، وأن تعاطف وتلاحم الشباب مع مينا في المستشفى قبل وفاته كان رائعًا، وجنازته لم تفرق بين مسلم ومسيحي، فالكنيسة كانت مليئة بالمسلمين أكثر من المسيحيين، مشيرًا إلى أن الموضوع إنساني بحت والأخلاق والمروءة موجودة في الإنسان مثل الحمض النووي.
وأضاف الشيخ سعودي أنه اعتاد أن يستشهد بالصور أثناء دروسه الدينية وخطب الجمعة لشرح تعاليم الدين الحنيف الذي نهى عن قتل النفس، لذلك عرض صور لمينا على شاشات العرض الموجودة بالمسجد أثناء صلاة الجمعة.
و تقدّم النائب صلاح عفيفي، عضو مجلس النواب عن دائرة أسوان، ووكيل لجنة الشؤون الإفريقية بمذكرة للدكتور علي عبدالعال، رئيس المجلس، يطالب فيها وزير التنمية المحلية بالموافقة على إطلاق اسم الشهيد مينا سمير على أحد شوارع مدينة أسوان.