القاهرة - سهام أحمد
كشفت مدير المشروع العملاق لتطوير القرى ببنك الطعام المصري، المهندسة شيرين عقل، أن الجوع إهانة للكرامة ومعاناة، نظرًا لأن كل إنسان له الحق في الغذاء الكافي، وهو ما يتطلب تضافر جهود كل من يهمه الأمر لحل مشكلة الجوع، مؤكّدة على ضرورة الاعتماد على المشاريع و المبادرات العملية و البرامج المستدامة لإطعام غير القادرين على العمل و توعية المجتمع بعدم إهدار الطعام، وهو ما يحدث في بنك الطعام الذي يعد منظومة محترفة تعتمد على الأبحاث و الدراسات و الشراكات و تنمية الموارد اللازمة للوصول إلى القضاء على الجوع الذي يعيق تنمية الفرد والمجتمع.
وأضافت شيرين عقل، في مقابلة خاصّة مع "مصر اليوم"، أنه يتم تحديد القرى الأكثر فقراً واحتياجًا قبل بدء العمل في تطويرها، عن طريق الحصول على المعلومات اللازمة من جميع محافظات مصر، والتي تقوم بترشيح عدد من القرى الفقيرة، يتم اختيار الأشد فقراً منها، وعادةً ما تتشابه الاحتياجات في كل القرى.
وأوضحت عقل أن فكرة بنك الطعام المصري، بدأت من خلال بعض رجال الأعمال الذين قرروا الاضطلاع بمسؤولياتهم تجاه المجتمع بالأسلوب العلمي المحترف للقضاء على مشكلة بعينها، وهي الجوع، وتم وضع المحاور الأساسية التي تحقق الهدف، وهي توفير الطعام للفئات المستحقة غير القادرة على العمل وهم كبار السن، وذوو الإعاقة، والعائل من ذوي الأمراض المزمنة، والمرأة المعيلة، والأيتام، وكذلك توفير الطعام للفئات المستحقة القادرة على العمل خلال فترة تعليمهم وتأهيلهم إلى بعض الحرف والأعمال، و تنظيم عشوائية العمل الخيري، فضلاً عن التوعية بعدم إهدار الطعام وتقديمه للمستحقين.
وأردفت عقل أن المحور الرئيسي لإدارة البنك هو توزيع الغذاء، سواء في شكل شهري، أو في شكل موسمي، مشاركة مع بعض الجمعيات، موضحًة أن فصل الشتاء تحديدًا يحتاج إلى استعداد خاصة، مثل إمداد القرى الفقيرة بالبطانين، مؤكّدة أن البنك يحتل المرتبة الأولى بين بنوك الطعام على مستوى العالم، وأصبح مرجعًا لأفريقيا وآسيا وبعض دول أمريكا الجنوبية التي تطلب البرامج التي يتم تطبيقها في مصر ليقتدوا بها، لافتة إلى أن البنك ساعد في تأسيس 11 بنك طعام في 11 دولة عربية في السنوات الأخيرة بتطبيق نفس البرنامج الذي يطبق داخل مصر، ومنها السعودية والإمارات ولبنان والأردن وفلسطين، ويتم إدارة هذه الفروع من خلال مكتب التمثيل في دبي، أما على الصعيد المحلي فأشارت إلى وجود أكثر من مشروع تابع لبنك الطعام، مثل بنك الشفاء، وبنك الكساء، فضلاً عن العديد من الكيانات الأخرى التابعة إلى البنك.
وتحدّثت عقل بشأن فكرة "المشروع العملاق" ، موضحة أنّه "بدأنا العمل داخل البنك في المشروع العملاق لتطوير القرى الفقيرة منذ 2012، وفكرة المشروع قائمة على تطوير جميع القرى الفقيرة والأشد احتياجًا على مراحل، بالتعاون مع بعض شركاء النجاح، ونعتمد في هذا على مثلث التنمية المتمثل في المجتمع المدني، والقطاع الحكومي، ورجال الأعمال، لأن التنمية في مصر لن تتحقق إلا بهذا المثلث، وهذا سر نجاح المشروع، لأننا لن نستطيع العمل بمفردنا فقط. وندرس في الفترة القادمة إقامة بعض المشروعات داخل القرى الفقيرة لسد احتياجات الأسر الأكثر احتياجا"، لافتة إلى أنّ المشروع العملاق مستمر على المدى الطويل، ولكن هناك مشروع يتم العمل عليه منذ 4 وهو تطوير 100 قرية، والمدة المحددة له هي 10 سنوات، وتم إنجاز تطوير 23 قرية، منها قرى الجزائر وسمالوط بالمنيا، والمحمودية في بني سويف، في شتيل البلد والبراجيل والكوم الأحمر بالجيزة، وحي الزبالين وعزبة خير الله في القاهرة، ومؤكدة أن التطوير يشمل شقين، الأول هو البنية الأساسية، ويشمل تطوير القطاع الصحي والمدارس، وتوصيل المياه، وقريبًا تجديد مراكز الشباب، والثاني هو التنمية البشرية عن طريق محو الأمية ورفع كفاءة التلاميذ لمنع التسرب من التعليم، فضلاً عن التوعية والنظافة بشكل مستمر، وكلا الشقين سيتم فيهم العمل على تطوير 15 محورًا .
وكشفت عقل عن تقديم القطاع الحكومي لنوعين من الدعم للمشروع، وهما دعم مادي، متمثل في رصف الطرق وأعمدة الإنارة وبعض مشكلات الصرف، فضلاً عن آخر معنوي، مشيرة إلى أن الأهم من التسهيلات هو الاستقرار، فطالما توافر الاستقرار الأمني والسياسي، كانت القدرة على إنجاز العمل أكثر، وبلغت الميزانية التي تم رصدها إلى مشروع تطوير القرى الفقيرة بلغت 14 مليون جنيه سنويًا، يتم توزيعها ما بين تطوير مدارس، ووحدات صحية ومستوصفات، وأخيرًا تم البدء في تطوير الوحدات البيطرية، نظراً لأهمية الحيوانات للفلاح المصري، فضلاً عن بعض المشروعات البسيطة مثل تقديم رؤوس الماشية للأسر، والتدريب المهني والحرفي بالتعاون مع بعض الجمعيات، وفي المستقبل سيتم إقامة مصانع صغيرة عدة داخل القرى لتشغيل الأهالي.
وتمثّلت أبرز المشكلات التي تواجه البنك أثناء العمل، في عدم تعاون بعض الجمعيات الأهلية بشكل جاد مع البنك في عمليات التطوير، وهو ما يعرقل مسيرة العمل، منتقدة غياب التنسيق مع قطاع العشوائيات والتنسيق الحضاري في وزارة الإسكان.