المبعوث الأممي غسان سلامة

نجحت البعثة الأممية للدعم لدى ليبيا في التوصل لإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار بين قادة الميلشيات المسلحة التي تخوض حرباً دامية في العاصمة طرابلس منذ مطلع الأسبوع الماضي، في وقت تشتد فيه المعارك على طريق المطار.

وقالت البعثة الأممية، مساء أمس، إن المبعوث الأممي غسان سلامة نجح في "التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، والتوقيع عليه لإنهاء جميع الأعمال العدائية وحماية المدنيين، وصون الممتلكات العامة والخاصة، وإعادة فتح مطار معيتيقة في طرابلس".

وحضر الاجتماع، الذي سبق أن دعت إليه البعثة الأممية في مدينة الزاوية، شيوخ وأعيان المجلسين البلديين في ترهونة وطرابلس، وآمر المنطقة العسكرية الغربية اللواء أسامة الجويلي، ووزير الداخلية بحكومة الوفاق عبد السلام عاشور، بالإضافة إلى قادة ميدانيين من الطرفين.

اشتداد الاشتباكات
وفي حين كانت الأطراف المتنازعة تلتف حول مائدة أممية، للاتفاق على هدنة لوقف إطلاق النار، كانت الاشتباكات على أشدها بطريق المطار، بين قوات "لواء الصمود" التي يقودها صلاح بادي، القائد السابق لعملية "فجر ليبيا"، المتحالفة حديثاً مع ميليشيا "اللواء السابع"، المعروف باسم "الكانيات"، من جهة، وبين قوات "الأمن المركزي فرع أبو سليم"، المدعومة من "قوة الردع الخاصة"، من جهة ثانية وفق ما ذكرت صحيفة الشرق الأوسط.

آلية البدء في معالجة القضايا
وقال المبعوث الأممي "إن هذا الاجتماع لا يهدف لحل كل المشكلات الأمنية للمدينة، ولكن للبدء في وضع الإطار الملائم لحل المشكلات"، لافتًا إلى أن "الاجتماع لا يهدف إلى إصلاح جميع المشكلات الأمنية والمالية، لكنه يتم الاتفاق على إطار أوسع بشأن كيفية البدء في معالجة هذه القضايا".

وسبق أن تحدثت الأطراف المتقاتلة في العاصمة عن الاتفاق على هدنة أكثر من مرة لوقف إطلاق النار، لكنها لم تصمد أمام تواصل القصف المدفعي والصاروخي في معركة خلفت نحو 50 قتيلًا.

تنديدات رباعية
وندد بيان مشترك أصدرته حكومات فرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة وبريطانيا، في غضون ذلك، بأشد العبارات، باستمرار تصاعد أعمال العنف في طرابلس وضواحيها، معتبرا أنه "لا يجوز القبول بمحاولات إضعاف السلطات الليبية الشرعية، وعرقلة تقدّم العملية السياسية". كما حث البيان، الذي وزعته الخارجية الفرنسية عبر حسابها على موقع "تويتر": "المجموعات المسلّحة على وقف جميع الأعمال العسكرية فورا".

وجاءت هذه التطورات وسط احتدام النزاع الإيطالي - الفرنسي بشأن ليبيا، بعدما حملت وزيرة الدفاع الإيطالية إليزابيتا ترينتا، الدولة الفرنسية قسماً من المسؤولية عن الأزمة الليبية الراهنة، مستبعدة من جهة ثانية أي تدخّل عسكري لبلادها في المستعمرة الإيطالية السابقة.

وقالت الوزيرة عبر "فيسبوك" لدى تطرّقها للتدخّل العسكري، الذي شاركت فيه فرنسا ودول أخرى في ليبيا في 2011 ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي، إنّ "فرنسا تتحمّل من هذه الناحية المسؤولية".

وردا على حديث الصحافة الإيطالية عن إمكانية تدخّل القوات الخاصة الإيطالية في المواجهات الجارية في طرابلس، قالت وزيرة الدفاع الإيطالية إن "البعض يتحدّث عن تدخّل عسكري للردّ على المواجهات الجارية، وأنا لا آخذ في الاعتبار البتّة هذه الإمكانية"، مؤكدة أنّه "من واجب الليبيين أن يحموا أنفسهم ويتوصّلوا إلى اتفاق".

نزوح آلاف السكان
ميدانيا، تسببت المعارك الدائرة في طرابلس ومحيطها بنزوح الآلاف من السكان، وفق ما أعلنت عنه حكومة السراج، بعد أن دخلت المواجهات أسبوعها الثاني على التوالي بين مجموعات مسلحة في الضاحية الجنوبية للعاصمة الليبية طرابلس، وأوقعت منذ أسبوع 47 قتيلا على الأقل، بحسب وزارة الصحة.

وطبقا لما أعلنت عنه وزارة الدولة لشؤون النازحين والمهجرين بحكومة السراج فقد تسببت الاشتباكات، التي تشهدها منطقة جنوب العاصمة طرابلس، في نزوح 1825 عائلة من سبع مناطق باتجاه عدة مناطق آمنة، موضحة أنه جرى خلال يوم واحد إخراج 75 عائلة إلى أماكن آمنة، وأن "نحو 30 في المائة من السكان بمنطقة الاشتباكات يرفضون مغادرة منازلهم، خوفا من أعمال السرقة بالإكراه، ونهب ممتلكاتهم، ويفضلون البقاء رغم المواجهات، ورغم نفاد المواد الغذائية من منازلهم... فقد تم استقبال أكثر من ألفي نداء استغاثة، جزء منها يتعلق بالقذائف العشوائية والإصابات".

فرار المعتقلين
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول في وزارة العدل أن المعتقلين فروا من الجناح "أ" المخصص لموقوفي الحق العام. أما مؤيدو النظام السابق فيحتجزون في جناح "لم يسجل فيه أي اضطراب".

وامتد القتال في طرابلس أمس إلى مبنى السفارة الأميركية، الخالي من الدبلوماسيين، الذي تعرض لسقوط عدد من القذائف بعد تجدد الاشتباكات جنوب المدينة.

وقال مصدر أمنى "إن عددا غير معلوم من القذائف العشوائية سقط على مبنى السفارة الأميركية"، مشيرا إلى أنه على الرغم من اندلاع حريق بفعل سقوط القذائف، فإن فرق الإطفاء لم تتمكن من الوصول للمقر، الذي يقع في حي ولي العهد القريب من مطار طرابلس الدولي في الأطراف الجنوبية لطرابلس.

لكن السفارة الأميركية لدى ليبيا قالت في المقابل عبر بيان مقتضب عبر "تويتر" إن مقرها السابق في طرابلس لم يتأثر بالحريق الذي اندلع أمس في خزان للوقود داخل المنطقة المجاورة.

شائعات انسحاب البعثات الدبلوماسية
ومن جهتها، نفت الإدارة العامة لحماية البعثات الدبلوماسية، التابعة لوزارة الداخلية بحكومة السراج، ما وصفته بالشائعات حول انسحاب بعثة السفارة الإيطالية من طرابلس، وذلك بعد يوم واحد من تأكيد مصادر إيطالية ووسائل إعلام محلية تحدثت عن مغادرة طاقم السفارة الإيطالية بسبب المخاوف الأمنية المرتبطة بالاشتباكات المسلحة.

 كما دعت إدارة الأمن الدبلوماسي في طرابلس كل أعضائها داخل المدينة إلى ضرورة العودة إلى مقارهم ووظائفهم، وممارسة أعمالهم والواجبات المنوطة بهم، مجاهرة بالأمن وحفظا للنظام، خاصة أمام المقرات والبعثات الدبلوماسية.