الجزائر - كمال السليمي
أكد رئيس أكبر حزب إسلامي معارض في الجزائر أن "قضية انتخابات الرئاسة المقبلة (عام 2019) لم تُحسم بعد، وهذا هو سبب الاضطرابات السياسية التي تعيشها البلاد"، في إشارة إلى حرب تقودها "جبهة التحرير الوطني"، صاحبة الأغلبية، ضد رئيس الوزراء أحمد أويحي، بحجة أنه "يبحث عن خلافة الرئيس بوتفليقة"، الذي يشغل منصب رئيس "الجبهة"، وأنه يسعى إلى خصخصة الشركات الحكومية، بدون علم بوتفليقة.
وأوضح عبد الرزاق مقري، رئيس "حركة مجتمع السلم" الجمعة، في العاصمة، أن "الصراع داخل كتلة الموالاة (أحزاب السلطة)، يشكل خطرًا كبيرًا على الاقتصاد الوطني، لأنه يدخل حالة الشك والريبة لدى المتعاملين الاقتصاديين، فلا يتشجعون للاستثمار في الجزائر، ويتركون الساحة لفئة قليلة هي طرف في الصراع، لن تستطيع أبدًا تحريك التنمية الاقتصادية، لأن تضييق دائرة دوران المال والأعمال لا تسمح بتأسيس العدد الكافي من المؤسسات الاقتصادية الناجحة لإنهاء التبعية للمحروقات".
ويشن جمال ولد عباس، أمين عام "جبهة التحرير"، هجمات على أويحي منذ أسبوعين، على أساس أنه جمع النقابة المركزية وأهم منظمات رجال الأعمال في 23 من الشهر الماضي، ليبلغهم رغبته في خصخصة شركات حكومية. وفي هذا السياق التقى ولد عباس الأربعاء الماضي رأس رجال الأعمال علي حداد، وزعيم النقابة عبد المجيد سيدي بهدف بحث موضوع الخصخصة، وكان اللقاء بمثابة "ظل" لأويحي، فيما كان الهدف منه عزله سياسيًا.
وقال مقري بخصوص اجتماع الأربعاء إنه "لا يوجد سلوك سياسي عند الموالاة يدل على أهليتها للحكم، وقد كان بمقدور جبهة التحرير أن تعبر عن إرادتها السياسية (بشأن الخصخصة المزعومة) ضمن التحالف الحكومي التي توجد فيه، فتتوجه مباشرة لرئيس الوزراء، وتسأله عن الموضوع، وتفرض تحفظاتها عليه ما دامت تملك الأغلبية في البرلمان، وهي حزب الرئيس كما يصرح أمينها العام بذلك بشكل متكرر". وأضاف مقري موضحًا "لا يوجد عمل حكومي على الأصول السياسية الحقيقية، إذ من المفروض أن رئيس الوزراء لا يقدم على خطوة يشك فيها، أو لا يفهمها، أو يعترض عليها الحليف الرئيسي له، وهو جبهة التحرير الوطني".
يُشار إلى أن أويحي يرأس "التجمع الوطني الديمقراطي"، وهو حزب له ولاء شديد للرئيس بوتفليقة، ويعد الرقم الثاني في المشهد السياسي بعد "جبهة التحرير". والحزبان يمثلان أغلبية ساحقة بغرفتي البرلمان، وفي كل المجالس البلدية والولائية.
وبحسب مقري، فقد تأكد بشكل واضح أنه "لا يوجد برنامج يسمى برنامج رئيس الجمهورية، ما دام الشريكان الأساسيان اللذان يدعيان بأن لهما برنامجًا اسمه برنامج رئيس الجمهورية، يختلفان في الاتجاه الأساسي للاقتصاد، بل نستطيع أن نقول إن قيادات الأغلبية ليس لها برنامج أصلًا، وإنما قرارات ومبادرات ارتجالية متناقضة، غير متفق عليها فيما بينهم، وتم التراجع عنها مرات عديدة".
وبشأن مشاركة أرباب العمل الخواص والنقابة المركزية، التي تضم 2.5 مليون عامل منخرط، قال مقري "إن طرفي التنافس الممثلين للعمال ورجال الأعمال، ليس لهما ولاء إلا لمصالحهما، فهما على استعداد لتلبية نداء أي طرف، ولا يجدان حرجًا أن يفعلا الشيء ونقيضه، ويبدو أنهما لا يعلمان إلى أين ستتجه الرياح. فهما يتموقعان مع الجميع حتى تتضح الصورة. وعليه فهما لا يدافعان عن حق ولا عن فكرة، ولا عن رؤية اقتصادية معلومة".
وظل أويحي يتلقى اللكمات من خصمه من دون أن يصدر عنه أي رد فعل. وكان الدافع لاجتماع 23 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، رسميًا، هو إطلاق "شراكة بين القطاعين العام والخاص". والفكرة المعلن عنها خلال ذلك اللقاء هي دخول رجال أعمال كمساهمين في رؤوس أموال شركات حكومية صغيرة، وليس الشركات الكبيرة كـ"سوناطراك" للبترول والغاز أو "شركة الخطوط الجوية الجزائرية"، وهما شركتان محط أنظار الرأي العام بسبب سوء التسيير وفضائح الفساد التي هزتهما في السنوات الأخيرة.