التحالف العربي

ذكرت مصادر في التحالف العربي في اليمن، أن عملية اقتحام مدينة الحديدة باتت وشيكة، وأشارت إلى أنه من المتوقع أن يتم السيطرة عليها بطريقة خاطفة وسريعة، حيث تم الاستعداد للهجوم عليها من أكثر من محور وبغطاء جوي وبحري مكثف. وقال المتحدث باسم التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن تركي المالكي في مؤتمر صحافي "نريد قطع الشريان الذي يستفيد منه الحوثيون" وأضاف:" إن تحرير الحديدة ينطوي على أهداف استراتيجية تتمثل في فصل الرأس عن الجسد وقطع الحبل السري للميليشيا الانقلابية".

في غضون ذلك، يستعد الحوثيون المدعومون من إيران، للمواجهة بكل ما لديهم من أسلحة ثقيلة وصواريخ، مع تنصيب عشرات الحواجز الأمنية وانتشار حالة الاستنفار للدفاع عن المدينة ومينائها الذي يعد ثاني أكبر الموانئ على البحر الأحمر بعد ميناء جدة السعودي.

واحتدت المعارك حول الحديدة في منتصف مايو/أيار 2018، بين جماعة أنصار الله (الحوثيين) من جهة وبين القوات الحكومية المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية من جهة أخرى، لبدء معركة استعادة ميناء الحديدة الذي سيطر عليه الحوثيون عام 2015. ويعد الميناء البوابة الرئيسية لتدفق الشحنات الغذائية والمساعدات من الدول العربية والأوروبية إلى المدينة، بالإضافة إلى أنه المركز التجاري الرئيسي في اليمن والذي يسيطر على أكثر من 70 في المئة من واردات الدولة. وكان الميناء قبل الحرب، يستقبل 90 في المئة منها.

وهناك قلق دولي من أن يتم تدمير البنية التحتية للميناء، الأمر الذي يهدد حياة 8 ملايين من اليمنيين ويضعهم على حافة المجاعة. و تضرر 3.2 مليون من اليمنيين وعانوا المجاعة في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، بسبب إغلاق الميناء الذي جاء كرد فعل من السعودية على إطلاق الحوثيين لصاروخ باليستي بالقرب من العاصمة الرياض.

ويقع ميناء الحديدة في منتصف الساحل الغربي لليمن، على بعد 226 كلم غرب العاصمة صنعاء، وأنشئ عام 1961 بالتعاون مع الاتحاد السوفيتي سابقاً، وتبلغ مساحته البرية الداخلية والمحددة بسور داخلي حوالي 3 ملايين متر مربع، وفيه 8 أرصفة بطول إجمالي يبلغ 1461 متراً.

وقال وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني بأن الحوثيين يجنون من الجمارك والضرائب المفروضة على الواردات عبر ميناء الحديدة، ما يقارب 72 مليون دولار سنوياً.  ويرى مراقبون إنه إذا خسر الحوثيون ميناء الحديدة، فسيكون ذلك بمثابة ضرب العمود الفقري لمصدر تمويلهم، وسيعد إنجازاً كبيراً للحكومة المدعومة من التحالف العربي.

كارثة إنسانية

وتحذر معظم المنظمات الإنسانية من معركة السيطرة على ميناء الحديدة، التي يتوقع أن تخلف تبعات كارثية على مئات الآلاف من اليمنيين، بعد أن أخفقت مساعي الأمم المتحدة بنقل 5 آلاف مدني لمناطق أكثر أمناً.  وذكر بانو باتناجر المتحدث باسم منظمة " أنقذوا الأطفال" بأن المعركة القادمة في الحديدة ستؤدي إلى نزوح 340 ألف شخص إضافي من المدينة.

وقال آدم بارون من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: " من مصلحة التحالف أن يتأكد من تدمير الحديدة"، وأضاف "اعتادوا إلقاء اللوم على الحوثيين الذين يسيطرون على المدينة، بسبب مشكلات تدفُّق المساعدات. ولكن إذا سيطروا على المدينة، فسيُلقى باللائمة عليهم". ويتهم التحالف الحوثيين بأنهم يستخدمون الميناء في تلقي الأسلحة والصواريخ من إيران.

وقال الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين يان إيغلاند" إن القوات البرية للتحالف تقف على أعتاب تلك المدينة الساحلية المحصنة والمليئة بالألغام، ويفر آلاف المدنيين من مشارف الحديدة التي أصبحت الآن منطقة معارك شبيهة بروتردام الهولندية أو أنتويرب البلجيكية في أوروبا، ولا يمكننا أن نسمح بحرب جديدة في الحديدة".

وحذّر مارك لوكوك منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والإغاثة من احتمالية زيادة عدد اليمنيين الذين سيعانون من خطر المجاعة، حيث أن هناك 8.4 مليونا من اليمنيين يعانون من نقص حاد في الغذاء في أسوأ أزمة إنسانية يشهده العالم. وكانت قوات الحوثيين، التي يتزعمها عبد الملك الحوثي، قد استهدفت سفينة إماراتية في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2016، قبالة مضيق باب المندب على ساحل البحر الأحمر بصواريخ مضادة للسفن، وألحقت بها أضراراً بالغة. وفي نفس الشهر، دُمرت مدمرة حربية تابعة للبحرية الأمريكية قرب المضيق البحري اليمني، واتُّهِمت ميليشيات الحوثي بتنفيذهما.

واعتبر التحالف العربي والمجتمع الدولي ذلك تطورا نوعيا خطيرا قد يؤثر في مسار المعركة، نتيجة حصول تلك المليشيات على سلاح ثقيل كصواريخ "كروز" الموجهة، التي استخدمتها في هجماتها البحرية بحسب تقارير دولية.

واعتُبِر ذلك التصعيد بمثابة تهديد خطير على الملاحة الدولية، إذ يمر عبر مضيق باب المندب ما يقارب 4 ملايين برميل نفط يومياً بحسب تقديرات دولية لعام 2015. و شرعت قوات التحالف في الإعداد والتجهيز لخوض معركة بحرية شاملة لطرد الحوثيين منذ تلك الهجمات.