فيلم "الجايدة"

يشارك فيلم «الجايدة» التونسى فى مهرجان القاهرة السينمائى، حيث يشهد عرضه الأول فى مسابقة آفاق السينما العربية، بعدما حقق أعلى إيرادات فى تاريخ دور العرض التونسية خلال 10 أيام، حيث يناقش حياة أربع سيدات يعيشن فى «دار جواد» إحدى دور الطاعة خلال حقبة الخمسينات، ويتعرضن للعديد من أصناف الظلم والقهر على يد المجتمع الذكورى. «الوطن» حاورت مخرجة العمل سلمى بكار، بالإضافة إلى بطليه؛ سهير بن عمارة وخالد هويسة، اللذين بدورهما كشفا الكثير من كواليس الفيلم، وطموحاتهما فى الفترة المقبلة خلال السطور التالية.

سلمى بكار: حققنا أعلى إيرادات فى تاريخ السينما التونسية

تحدثت المخرجة سلمى بكار عن تفاصيل فيلم «الجايدة» وما يحمله من رسائل، قائلة: «أحداث العمل تعود إلى العصور القديمة، لأنى لدىّ حنين إلى الماضى وحذر من الحاضر، وربطت فكرة مكاسب المرأة التى حصلت عليها جراء استقلال تونس، خصوصاً فى الجزء المتعلق بالدفاع عن حريتها وحقوقها»، وتابعت فى تصريحات لـ«الوطن»: «حاولت من خلال أحداث الفيلم أن أظهر كل العواقب التى تتعرض لها المرأة فى المجتمع، حيث تم عرضه فى 6 سينمات بتونس على مدار 4 حفلات فى اليوم، وحقق نجاحاً لم يحدث من قبل فى دور العرض التونسية، وتخطت إيراداته أرقاماً لم أكن أتوقعها، بالإضافة إلى أن نجاح (الجايدة) فى مصر، أثر على زيادة إقبال الجمهور على السينمات فى تونس، وتسبب فى إنعاش الحركة السينمائية بها»، وأضافت: «بدأت كتابة (الجايدة) فى 2007، وأكملته فى 2010 وبعدها انشغلت بالمسئولية النيابية وصياغة الدستور، ونحيت المشروع السينمائى جانباً، لأنه كانت هناك أولويات أخرى، ثم فرضت بلدى تونس علىّ أن أختار سلاحاً آخر لمقاومة الإرهاب، واستأنفت كتابة العمل فى 2016، ولكن مع حدوث بعض التغييرات، تتطلب إجراء بحث دينى فى المذاهب والقوانين التى كانت تنفذ فى ذلك الحين، لأنه لم يعد مناسباً لما نعيش حالياً، بسبب تطور الأحداث السياسية والمخاطر التى تواجهنا، لذلك التزمت بتفاصيل القصة، وحاولت توظيفها بشكل أعمق».

وعن قلة أعمالها السينمائية، أوضحت: «قدمت على مدار تاريخى الفنى نحو 3 أفلام، لأن كل عمل كان يستغرق أكثر من 10 أعوام فى تحضيره، بداية من كتابة تفاصيل دقيقة عن القصة، التى أريد ترشيحها للجمهور، ثم بناء الخط الدرامى بين السيناريو والشخصيات، ومن التحديات التى واجهتنا أن قصة (الجايدة) ركزت فى تفاصيل دقيقة حول حياة المرأة، ثم أعقبها مرحلة المعاينات واختيار الديكور وأدوات التصوير، وبالتالى كان يجب جذب انتباه المشاهدين طوال الوقت، ولذلك كان اعتمادنا على ممثلين أقوياء»، وأكملت: «حاولت من خلال الفيلم أن أعالج قضايا المرأة، وأضعها فى إطار تاريخى متوازن، على الرغم من ضعف الإمكانات وقلة الإنتاج ببلدى تونس، ما اضطرنا إلى الاستعانة بمديرى تصوير من الخارج، ولكن اليوم أصبحت التقنيات فى تونس موازية للمستوى العالمى وبأسعار غير مرتفعة، ولكن فى الوقت الحالى أصبح هناك جيل جديد متوافر لديه مواهب مميزة، جعلتنا لا نستعين بمتخصصين من دول أخرى».

وحول ترشيح فيلم «الجايدة» للمشاركة فى مهرجان القاهرة السينمائى، قالت: «جاء بكل عفوية، حيث كنت مشغولة بعرض الفيلم بتونس، ولكنى تفاجأت بطلب الفنان خالد هويسة منى إرسال نسخة من العمل للعرض فى المهرجان، وفى الحقيقة تعثرت فى البداية، ولم أهتم نظراً لخوفى من ردود فعل المشاهد المصرى، على عكس تونس لأننى أفهم جيداً العادات والتقاليد الخاصة بوطنى، ولكن ما حمسنى للأمر أن وضع المرأة فى بلدى أشبه إلى حد كبير بمصر وباقى الدول العربية»، واستطردت: «تلاشت رهبتى كثيراً عندما شاهدت ردود فعل الجمهور حول عرض الفيلم بالمهرجان، خصوصاً أنه أثار جدلاً كبيراً بسبب جرأته، وأتمنى حصوله على جائزة من إدارة المهرجان، وأعتقد أن ذلك سيكون أكبر تشجيع ودعم للعمل فى مشاركته بمهرجانات أخرى».

وفيما يتعلق بتصوير «الجايدة»، قالت: «صورنا الفيلم فى شهر ونصف واستغرق التحضير له 4 أسابيع، وأعتبر الفترة الأولى من أكثر الأوقات التى شعرت خلالها بسعادة بالغة، لأننى كنت أعمل مع فريق عمل كامل، لديه طاقة وحيوية بالغة وعلى قدر كبير من المسئولية، وكنت أفضل أن أقضى يومى فى (اللوكيشن)، ولا أعود لمنزلى لتعلقى بالمكان».

وعن نجاح التجارب السينمائية التونسية فى الفترة الأخيرة، قالت: «السينما التونسية أصبحت فى تقدم للأمام، لأن هناك جيلاً جديداً من السينمائيين والسينمائيات أصبح مؤهلاً بسبب كثرة المعاهد السينمائية، وكثرة التجارب وحرية التعبير التى وجدت فى تونس بعد الثورة، فحلت آفاق كبيرة بين السينمائيين الشباب فى السينما التونسية من ناحية الكم والتنوع، وأتوقع تطوراً كبيراً فى عالم السينما التونسية خلال الفترة المقبلة».