دمشق - سانا
حشد كبير من جمهور السينما وعشاقها كان في حفل افتتاح مهرجان سينما الشباب والأفلام القصيرة الأول الذي أقيم أمس في مسرح الدراما بدار الأوبرا السورية وافتتح فعالياته بالنشيد العربي السوري ليكون هذا المهرجان بمثابة تحية لخمسين عاماً ونيف من عمر المؤسسة العامة للسينما التي تأسست في تشرين الأول من عام 1963 وأنتجت عشرات الأفلام الروائية الطويلة منها والقصيرة إضافةً لأفلامها الوثائقية التي غطت جميع مناحي الحياة في تاريخ سورية المعاصر حائزةً جوائز عالمية رفيعة في أهم المهرجانات العربية والدولية .
وسيعرض في هذا المهرجان الذي يستمر حتى الواحد والعشرين من شهر حزيران الجاري قرابة خمسين فيلماً ستتوزع على ثلاث حفلات يومية في دار الأوبرا مدة كل حفلة ساعتان لتكون كل من الحفلة الأولى والثالثة مخصصة لأفلام دعم الشباب فيما ستكون حفلة المنتصف للأفلام الروائية القصيرة الاحترافية التي أنتجتها المؤسسة حيث سينال كل فيلم فرصتي عرض ضمن المهرجان أما بالنسبة لحفل الافتتاح الذي أعاد الجمهور إلى أجواء مهرجان دمشق السينمائي فتميز بفقرات عديدة ومتنوعة كان أبرزها فيلم "السينما الذهبية" من إخراج محمود عبد الواحد.
وتميز فيلم "السينما الذهبية" بكونه وثيقة عن تاريخ السينما السورية التي بدأت تاريخ إنتاجاتها عام 1928 بفيلم "المتهم البريء" ليعقبه فيلم "تحت سماء دمشق" عام 1932 للمخرج الراحل إسماعيل أنزور إذ أعاد فيلم "السينما الذهبية" إلى الذاكرة أيقونات الأفلام السورية التي أنتجتها المؤسسة خلال نصف قرن خلت كان أبرزها "حادثة النصف متر لسمير ذكرى" و"صندوق الدنيا لأسامة محمد" و"أحلام المدينة لمحمد ملص" و"الفهد لنبيل المالح" و"كفر قاسم لتوفيق صالح" و"الشمس في يوم غائم لمحمد شاهين" و "رسائل شفهية لعبد اللطيف عبد الحميد" و"الترحال لريمون بطرس" و"مريم لباسل الخطيب" و"مرةً أخرى لجود سعيد" و"ليلى لمحمد عبد العزيز" .
كما عرض فيلم حفل الافتتاح الذي حضرته وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح شهادات من كل من المونتير منير جباوي والناقد محمد الأحمد والمخرج عبد اللطيف عبد الحميد ومحمود عبد الواحد والمخرج أحمد إبراهيم أحمد مستعيناً بلقطات من فيلم "بداية السينما السورية" ليوسف فهدة ومشاهد غاية في التأثير عن حفلات افتتاح مهرجان دمشق السينمائي مذكراً بدورات المهرجان الدولي الأعرق عربياً .
وزيرة الثقافة قالت في كلمتها التي ألقتها في حفل الافتتاح إن السينما تحيا بشبابها شاكرةً المؤسسة العامة للسينما التي احتضنت المبدعين الشباب وقالت مخاطبةً المخرجين الشباب " أنتم أملنا..ولكن لستم فقط أمل السينما السورية ولستم فقط أمل الثقافة السورية ولستم فقط أمل سورية بل أنتم أمل الإنسانية".
وأضافت الدكتورة مشوح "عليكم أن تعلموا أن لكم دوراً في صرح الحضارة الإنسانية كما كان لأجدادكم من قبلكم فلتشمخوا بتاريخكم ولتعلموا أنكم قادرون أن تعمروا البلاد أجمل مما كانت ..أن تعمروها بحبكم بإبداعكم بتعاونكم وتآلفكم في ظل سورية الأم التي بجمالها تحارب قبح القبيحين وبحضارتها ظلمة الظلاميين فسورية بكم تحيا فتلحيوا ولتحيا سورية".
وتضمن حفل الافتتاح عرضاً بصرياً راقصاً من إخراج الفنان معتز ملاطية لي دمج فيه مصمم الرقص السوري المعروف بين مستويين من الفرجة على الخشبة مزواجاً بين شاشة سينمائية عرضت لمشاهد بانورامية من المدن السورية قبل وبعد الأزمة حيث برز أداء لافت للراقصين الذين تماهوا في حركاتهم المتقنة مع الصورة في عمق مسرح الدراما.
وبدأ اليوم الأول للمهرجان بعرض ستة أفلام روائية قصيرة من مشروع دعم سينما الشباب وهي رحيل إخراج حنان سارة وسنلتقي يوماً إخراج محمد علي،وضجيج الذاكرة إخراج كوثر معراوي، وخطوة أمل إخراج فراس كالوسية، وحلقة مفرغة لأيهم سلمان، وزهرة القبار إخراج قصي الأسدي ليكون هناك بعدها دعوة وزيرة الثقافة لأعضاء لجنة التحكيم التي تكونت في عضويتها من المخرج غسان شميط والمخرج جود سعيد والكاتب محمود عبد الواحد والممثلة ديمة قندلفت والكاتبة ديانا فارس أما أبرز المكرمين فكانوا المخرج ريمون بطرس والموسيقار سمير كويفاتي والفنانين أديب قدورة وسلمى المصري ومدير التصوير الراحل حسن عز الدين .
وعن المهرجان قال مدير عام المؤسسة الناقد محمد الأحمد أن هناك مسألة مهمة للغاية نؤكد عليها في كل تظاهرة أو نشاط نقيمه بأن المؤسسة تفتح أبوابها للجميع ففي الفترة الأخيرة كانت المؤسسة منغلقة قليلاً على ذاتها بمعنى أنها كانت لا تقدم على إنتاج أفلام إلا لمن سافر على حسابها وأتم دراسته لكنها اليوم تستقبل أي فيلم طويل يتقدم به أحد المخرجين من خارج المؤسسة يحمل في طياته متناً لحكاية طيبة سيتمخض عنها فيلم أصيل نحن نرحب بإنتاجه.
وأوضح الناقد السوري المعروف أن مشروع دعم سينما الشباب من المشاريع المهمة جداً ليس في الفترة الماضية فحسب بل في تاريخ المؤسسة لأن بعض مخرجينا اليوم أصبحوا في سن التقاعد ولذلك كان الحل الوحيد إعداد مواهب واعدة ضمن حيز عملي على أرض الواقع لنعطي الشاب الواعد فرصة إخراج فيلم والذي سيساعد على اكتشاف مجموعة من المخرجين الواعدين.
ولفت الأحمد إلى أن العديد من الشباب الذين حققوا أفلامهم في المشروع حاليا سيحققون في المستقبل القريب جداً فيلماً روائياً طويلاً معتبرا أن مهرجان سينما الشباب والفيلم القصير سيقدم مجموعة من الأفلام المهمة قسم منها سيصنف إلى جانب الأفلام الاحترافية التي تنتجها المؤسسة.
ونوه مدير مؤسسة السينما إلى أنه سيتم تزويد مخرج الفيلم بنسخة عنه كي يتمكن من المشاركة في أي مهرجان يبتغيه مشيرا إلى أن بعض الأفلام التي أنتجت شاركت في مهرجانات سينمائية.
ولكن كيف استطاعت المؤسسة أن تتجاوز الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد لتوفير الكتلة المالية لإنتاج أفلام الشباب وسواها يجيب الأحمد "أثناء نقاشاتنا مع القائمين على تمويل المؤسسة لإنتاج هذه الأفلام كان هؤلاء لديهم قناعة مهمة للغاية بأن الثقافة وإنتاج الأفلام والمسرح واللوحة التشكيلية والعرض الموسيقي في هذا الوقت جزء من رسالة سورية يجب توافرها للخروج من الأزمة"
واعتبر أن إيمان الجهات الراعية بدور السينما يعكس وعياً في مؤسسات الدولة ساعد مؤسسة السينما على إخراج هذا الحلم من مكانه ولولاه كان سيبقى مهرجان دعم سينما الشباب في الصدور والعقول والأدراج.