مدن أثرية تتجه نحو الانقراض

تعاني مُدن آثرية، اشتهرت قديمًا وذاع صيتها بين البلاد المصرية القديمة، فمع مرور الوقت قلت أهميتها ودُمر تاريخها وأصبح الإهمال عنوانًا لها ومتاحف بدأ الشروع في بنائها ولم يتم الانتهاء منها حتى الآن، آثار كثيرة سُرقت ولم يعرف عنها أبناؤها شيئا، صراعات كثيرة والضحية آثار كفر الشيخ.

وتعتبر مدينة بوتو أو إبطو في كفرالشيخ، أول عاصمة تاريخية للوجه البحري في مصر القديمة قبل التوحيد، مدينة أثرية ضربها الإهمال وتواجها الكثير من المشاكل، فبعد أن عملت فيها جامعة "طنطا" خلال العاك 1987، وتم استخراج بعض الآثار المهمة التي تؤكد أنها أول عاصمة قبل التوحيد، وجدت بعض الآثار في معبد الإلهه "وادغيت" لكنها أصبحت  مُعرضة للإهمال وعدم الاهتمام بها، نتيجة تعرضها للشمس، كما أن صيانة هذه الآثار ضعيفة ويرجع السبب في ذلك إلى عدم وجود إمكانات كافية.

أما عن تل الفراعين، أكبر تلال المحافظة فحدث ولا حرج  تبلغ مساحته 176 فدانا، ويقع شمال مدينة دسوق على بعد خمسة كيلو مترات من قرية العجوزين، وتلقى فيه التماثيل على الأرض، ولا يوجد في حراستها سوى خفير يجلس داخل غرفة مجاورة لمنطقة التل، كما أن الكثير من التماثيل يتضح عليها آثار عنف وضاعت منها أجزاء، سواء بسبب السرقة والمتاجرة بالآثار، أو بسبب عدم تقدير الأطفال لأهمية تلك الآثار ولهوهم بها.

وبالرغم من أن الإسراع بإنجاز متحف كفر الشيخ، كان سيحل بعض المشكلة بنقل ما يمكن نقله من الآثار الموجودة في تل الفراعين إليه، ظل العمل أو الاستفادة من المتحف معطلة لما يقرب من عشرة أعوام، وذلك بدلًا من التفكير فى إنشاء متحف ثان داخل المنطقة الشاسعة في التل، حتى لا تتعرض الآثار الثقيلة للأخطار الناجمة عن عملية النقل.

واكتفت هيئة الآثار، بالجدار العازل، أمام كل هذه المخاطر والعبث الذي تتعرض له آثار منطقة تل الفراعين، حيث شيدت سورا طويلا حول المنطقة تكلف ملايين الجنيهات؛ لكنه لم يترتب عليه سوى إفراز عدد من المشاكل تجاوزت مجالها الأثرى وامتد تأثيرها إلى الأهالي والسكان المحيطين به.

فتضررت الآثار المدفونة فى باطن الأرض، بفعل استخدام المعدات الثقيلة فى الحفر والبناء مثل: الكراكات واللوادر، التي أدت إلى تدمير ما اعترض مسار السور من آثار في باطن الأرض، فضلًا عن أزمة تعديات وانتهاكات الأهالي أصحاب الأراضى الزراعية المجاورين للتل، الذين حولوه إلى مرعى لأغنامهم ومواشيهم واقتطعوا أجزاء من التل وضموها إلى أراضيهم من خلال نقل حدودها إلى داخل المنطقة الأثرية.

كما تم بناء مدافن الموتى في المنطقة الأثرية، وخلال أعوام من التسيب والإهمال ضاعت أجزاء كبيرة من منطقة تل الفراعين من دون رادع أو مساءلة من أحد فضلًا عن التعديات على أحد أكبر التلال في المنطقة "تل الجير" الذي يتم الحفر الخلسه به فضلًا عن تعديات الأهالي التي يُحرر لها محاضر واستصدار قرارات إزالة ولكن من دون تنفيذ لها.

ولم يقتصر الإهمال فقط على ترك الآثار عرضة للنهب؛ ولكنه وصل حتى إلى عملية نقل الآثار، حيث تعرضت إحدى القطع الأثرية المهمة التي تنتمى لتل الفراعين في العام الماضي، تمثال أبي الهول الذي يرجع إلى عصر الملك "هكر" للكسر إلى نصفين، أثناء محاولة نقله بمعرفة إدارة الآثار في المحافظة إلى المخزن المتحفى لعرضه في المتحف الجاري إنشاؤه؛ لكن عملية النقل التي تمت عن طريق "ونش" دخل إلى منطقة المعبد، تسبب في كسر التمثال المصنوع من مادة الغرانيت الأسود إلى نصفين، وجرى وقتها التعتيم على الواقعة وأُشيع أنّ التمثال اكتُشفَ على هذه الحالة.

كما أنّ تعطل الكاميرات في التل الأثري، أبرز المشاكل في التل، حيث أدت إلى سرقة ثماني قطع أثرية من المخزن المتحفي من عهدة أحد المسؤولين عنها، في نهاية العام 2013، وتم تحويل الموضوع بأكلمة إلي النيابة العامة للتحقيق، ولم تسفر التحقيقات عن شيء، والأغرب من ذلك أنّه تم ترقية من أضاع عهدته ولم يحافظ عليها ليصبح المسؤول عن المخزن المتحفي للمنطقة.

 يذكر أنّ تل الفراعين فيها أكثر من 200 تل أثري، ويتم وضع الآثار في كراتين وصناديق لا تليق على المستوي العام بالآثار المُكتشفة، كما أنّه يوجد آلاف القطع الأثرية الملقاة في المخازن التي تتعرض للتلف.