وزير الآثار ممدوح الدماطي

طالب وزير الآثار ممدوح الدماطي، بإعادة النظر في عدد من بنود اتفاقية "اليونسكو" لسنة 1970،  مؤكدًا أنه قد حان الوقت للتعامل والتنسيق بين مختلف الدول وفقًا لرؤية جديدة  تتفق مع التداعيات الحالية  وما تواجهه  دول المنطقة من تحديات، بما يضمن الخروج  بآليات أكثر فعالية  تعمل على التصدي لشتى محاولات العبث بهوية الشعوب  ومقدراتها  الحضارية، الأمر الذي  يحقق  المساعي  المبذولة على الصعيد الدولي لحماية الموروثات الثقافية والتراثية  لشتى شعوب الأرض وخاصة في مختلف الدول العربية.

جاء ذلك خلال الكلمة الافتتاحية  للمؤتمر الدولي  لحماية  الممتلكات الثقافية والذي  تستضيفه  القاهرة  على مدار يومين  تحت عنوان" الممتلكات الثقافية  تحت التهديد"  بحضور رئيس منظمة اليونسكو إيرينا بوكوفا،  وتمثيل رسمي لمجموعة من وزراء السياحة والثقافة  لعدد  من دول المنطقة من بينها العراق وليبيا  ولبنان  والأردن والكويت  والمملكة العربية السعودية  وسلطة عمان والإمارات، وبمشاركة عدد من المنظمات والمؤسسات المعنية من بينها التحالف الدولي لحماية التراث  ومعهد الشرق الأوسط .

وأضاف وزير الآثار، أن  بهذه المشاركة  الواسعة تعد خير دليل على رغبة  مختلف  دول المنطقة للتكاتف  والتباحث  من أجل الخروج بحلول تتناسب مع الأوضاع الراهنة  وما  تواجهه  دول المنطقة بشكل عام من محاولات جاهلة   تستهدف طمس هوية الشعوب والعبث بمقدراته. 

وأشار الدماطي إلى أن هذا المؤتمر يأتي في إطار الاهتمام الدولي وحرص الجهات المعنية الكامل للتواصل بين مختلف الأطراف من أجل التوصل إلى آليات تسمح بالتعامل مع كل ما  يقع في حق الموروثات  الثقافية من جرائم بشعة  وتعديات وانتهاكات مثلما يحدث في العراق  وسورية واليمن وليبيا وما تعانيه مصر من محاولات للتدمير  والاعتداء والسرقة مثل ما وقع من أحداث مؤلمة في كل من المتحف المصري في أعقاب ثورة يناير  ومتحف ملوي في المنيا ومتحف الفن الإسلامي  في كانون الثاني/ يناير 2014 .

وأكد الدماطي، حرص الحكومة المصرية  بكامل قياداتها  على حماية  الكنز الحضاري المصري وغيره من  الكنوز الحضارية لمختلف الشعوب  على حد سواء  من منطلق  إيماننا  بأن التراث الثقافي لا يمثل شعب بعينه وإنما  يجسد جزء من التراث الإنساني  بوجه عام ، لافتًا إلى ما تبذله وزارة الآثار من  جهود مستمرة في مجال استعادة الآثار  المصرية المهربة إلى  الخارج، وعدم السماح بعبور أية قطعة أثرية غير مصرية عبر أراضينا  الأمر الذي نرى ثماره  بشكل واضح  من خلال ما تم استعادة في الفترة الأخيرة من آثار مهربة إلى الخارج  وما يتم ضبطه من قطع أثرية  من خلال وحدات المنافذ المصرية  التابعة لوزارة الآثار.

ووصفت رئيس منظمة اليونسكو إيرينا بوكوفا، مصر بأنها مركز  الاهتمام الثقافي  والحضاري،  مستشهدةً بالعديد من المواقف التي أكدّت حرص الشعب المصري وخاصة  الشباب لحماية كنوزهم الحضارية  مشيرة إلى واقعة تشكيل  سلاسل بشرية لحماية المتحف المصري بالتحرير في أعقاب أحداث كانون الثاني/يناير 2011 ، لافتة  إلى أن هذا الشغف الشعبي  بحماية وتأمين الكنوز الحضارية دائمًا ما يدفع  منظمة اليونسكو لدعم المواقف المصرية وغيرها من  البلدان  لتحقيق الأهداف المطلوبة من أجل حماية التراث.  

وأكدت  بوكوفا  على ضرورة العمل الجماعي من أجل رفع الوعي بضرورة حماية التراث الثقافي والتعريف بالأخطار الناجمة عن الإتجار غير المشروع  بالممتلكات الثقافية، مشيرة إلى أن عمليات  نهب وتدمير  المتاحف والمناطق الأثرية  قد بلغ مداها  الأمر الذي  أصبح يشكل مطلبًا أمنيًا يتعين علينا أن نتكاتف من أجل  تقديم الدعم  لمختلف الحكومات  وخاصة التي تواجه بعض المشكلات في هذا المجال مثل العراق وسورية .

وأشادت رئيس التحالف الدولي لحماية الآثار ديبرا لير ، بدور وزارة الآثار المصرية  الفعال في استرداد  الآثار المنهوبة، واصفة هذا المؤتمر الذي  حرصت  مصر على استضافته  بأنه  يمثل أرضًا خصبة  تجمع مختلف دول المنطقة بالجهات الدولية المهتمة والمعنية  لإيجاد حلول  يمكن تطبيقها على الأرض  بما يعمل على خلق جبهة  موحدة  تتصدى  لمختلف جرائم الإتجار  بالتراث الثقافي، لافتة إلى أن المؤتمر يهتم بمناقشة الحلول السياسية المتاحة والتي يمكن تطبيقها  للتعامل مع الأوضاع السياسية الخاصة والاستثنائية.

 كما أعربت رئيس معهد الشرق الأوسط وندي تشمبرلن عن سعادتها للمشاركة في هذا  المؤتمر الدولي الهام  مؤكدة على ضرورة تكرار مثل هذه  التجربة  في المستقبل  نظرا لما تمثله مثل هذه المؤتمرات من أهمية بالغة، لافتة إلى  حرص الجانب الأميركي الدائم في دعم  قضايا حماية الممتلكات الثقافية للشعوب  ورغبته المستمرة  لدعم سبل التعاون  المشترك  في مختلف مجالات حماية  التراث  الثقافي العالمي .

وقال رئيس المكتب التنفيذي لليونسكو السفير محمد سامح عمرو أن مختلف الاتفاقيات  الدولية التي تم  إبرامها في السنوات السابقة تؤكد في مجملها على حرص اليونسكو الدائم على  الخروج بأطر  تنظم العمل بين مختلف الدول في مجال حماية الآثار، مشيرًا إلى أن ما  يقع في الفترة الراهنة من تحديات وانتهاكات منظمة  تواجه معظم دول المنطقة  تحتاج  إلى  الاتحاد والتكاتف وتبادل الرؤى من اجل الصمود في مواجهتها والقضاء عليها .

وشدد نائب وزير الخارجية للشؤون الأفريقية السفير حمدي لوزا، على أهمية هذا المؤتمر في هذا التوقيت تحديدًا، والذي يهدف إلى تعزيز دور المنظمات الدولية وكافة الجهات المعنية لمواجهة عمليات الإتجار غير المشروع بالآثار والذي تمثل جريمة تستهدف تراث المنطقة بأسرها،لافتًا إلى أن استضافة مصر لهذا المؤتمر يؤكد على التزامها بالحفاظ على تراث الثقافي للشعوب وحرصها الدائم على حماية الموروثات الثقافية للدول و عملها على  توحيد الجهود على المستويين الإقليمي والدولي لحفظ الممتلكات والمقدرات  الحضارية.

وأكد أن مختلف دول العالم لن تتوانى عن حماية كنوزها الحضارية وحشد الجهود والرأي العام للحد من نهب الممتلكات الثقافية باعتبارها تشكل إرثًا ثقافيًا وتاريخًا  كما تمثل ملكية عامة تحميها القوانين والاتفاقيات الدولية، لافتًا إلى أن هذا المؤتمر يتطلع إلى أن يكون نواة لمؤتمرات مستقبلية، آملًا أن تسفر ورش العمل والجلسات الخاصة عن توصيات هادفة وحلول مبتكرة تملك القدرة على مواجهة التحديات  بكافة المستويات.