بورسعيد- هبة عوض
دور المسرح في بورسعيد شحيح جدا واندثر دور السينما في محافظة كانت منبرا إشعاعا ثقافيا وفنيا لمصر، وأعزى البعض السبب في ذلك إلى تفرّد رأس المال والتجريف الثقافي الذي أصاب الدولة، وحاجة الناس إلى بناء العمارات العالية بدلا من السينما أو تحويلها إلى قاعات أفراح أو جراجات.
قال عبدالفتاح البيه شاعر ومؤلف بورسعيدي، إن جيلنا تربّى على فنون السينما والمسرح التي كانت إشعاعا ثقافيا في مدينة يعشق أهلها الثقافة وانتشرت فيها دور العرض السينمائي والمسرحي، وأسهمت في بناء الشخصية البورسعيدية المتفردة، ونبغ من أبنائها الكثيرين في تلك الفنون ونتشروا على خريطة الوطن ومع هجوم الانفتاح "السداح مداح" وشراسة رأس المال المتوحش والهجمة الإمبريالية الصهيوأميركية والتجريف الثقافي، تم إعدام دور العرض وانطفأ شعاعها منها "سينما الحرية، والأهلي، والكورسال، وريالتو، وماجستك، والأندوراتو، وفريال، والشرق"، ويكمل أنه مع الأنظمة الاستبداية انتهى أيضا دور المسرح مع اعتقلات مسرحية "هوجة الزعيم".
وتفرّقت كتيبة المبدعين خارج المدينة وانتهى دور الشباب والرياضة، ونادي المسرح "الفنار" وأصبحت دور العرض المسرحي شحيحة في المدينة، وحتى الآن المسرح يعاني من قلة الفرق المسرحية، وقلصت الهيئة العامة لقصور الثقافة ميزانيات الفرق، وتغفل الحكومات والدولة عن دور الثقافة الوطنية كقاطرة للتنمية الشاملة.
سحر البدري ربة منزل، تقول إن بورسعيد بها عدد من السينمات في القرى السياحية والمولات تعوض السينمات التي تم هدمها أو خربت وهي بديلة في الوقت الحالي، منها سينما في قرية الكروان وبها مؤثرات صوتية جيدة وسينما النورس في قرية النورس وأخرى في صن مول، كما توجد سينما المركز الثقافي التي افتتحها الرئيس السيسي مؤخرا.
وتضيف سحر البدري: "كنا نتمنّى أن يحافظ المسؤولين على تراث السينما والمسرح في بورسعيد، فالعديد من السينمات هدمت وتم بناء عمارات بدلا منها مثل الشرق وريالتو والحرية وماجستيك".
وأوضحت آية الدسوقي، ربة منزل، أنه توجد شاشات العرض في الكافتيريات على الشاطئ أو الحدائق، وهي بديل لدور السينما في بورسعيد وتنشط في الصيف وتتميّز برخص ثمنها، ويتاح لأكبر عدد من العائلة الواحدة أن تدخل وأيضا للحركة دون تقيد، كما أن بها منظرا جماليا بالإضافة إلى الاستمتاع بالفيلم، لكن ما يعيبها أن الزائر يفاجأ بالفيلم ولا يتاح له الاختيار وأحيانا تتضرر منها الأسرة إذا كانت أفلام عنف أو مشاهد جنسية، كما أنها تعرض بعد الانتهاء من عرضها في دور السينما.
قال محمد خضير مدير الثقافة السابق، إن دور العرض في بورسعيد قليلة ولا تكفي احتياج المشاهدين لدور السينما، وأضاف أن مَن وجهة نظره هي جزء من مصر التي تعاني كلها من كبوة عكس الزمن الماضي حيث كانت السينما هي صناعة مهمة جدا ولها دور في الدخل القومي، واليوم لا يوجد دور عرض سينمائي يستطيع أن يواكب هذا الهدف، وقصر ثقافة بورسعيد هو الوحيد الذي يفي حاجة الحركة المسرحية الجادة، وإن كان توقف فترة بسبب أعمال ترميم وتطوير وتحديث له، ولكنه يقدم عروض الثقافة مجانية، ويفتح المسرح للمواطنين لأنها خدمة مجانية للثقافة الجماهيرية، بينما المجمع الترفيهي الثقافي الذي أنشأ في عهد الدكتور مصطفى كامل محافظ بورسعيد السابق مكان مسرح البلدية ليبقى لعامة الشعب طبقا لرؤية كامل، ثم تابع إنشاءه المحافظان السابقان مصطفى عبداللطيف ثم أحمد عبدالله، وقمت مع الفنان عصام السيد بمتابعة إنشائه ليكون جاهزا بأعلى جودة وهو يتبع الجهاز التنفيذي للمنطقة الحرة الذي يجمع الأموال من شعب بورسعيد.
وقال: "بالنسبة إلى السينما كان يوجد أكثر من 16 دار عرض سينمائي وكلها اندثرت لكن الأنشطة الثقافية المسرحية في بورسعيد تعمل لعامة الناس منها فرقة بورسعيد القومية وقصر الثقافة وبيت ثقافة بورفؤاد الإقليمية إلى جانب مسرح الطفل".
وأكد أسامة المصري استياءه من اندثار عروض السينما والمسرح في بورسعيد وانهيار تام للثقافة والفنون منذ أكثر من 20 عاما والمؤسسات الثقافية والفنية لا تقوم بدورها تجاه الشعب، وبالتالي تراجعت دور العرض سواء مسارح أو سينمات أو قاعات عرض بانخفاض حاد تماما وصلت من 20 سينما إلى 3، مشيرا إلى أنه كان بها المسرح الإيطالي والأندرادوا الذي كان يشهد حضور أم كلثوم حيث كانت تحرص على الحضور من رأس البر إلى بورسعيد للاستمتاع بالثقافة والفنون وكذلك عبدالوهاب، كما أن عمرو دياب ومحمد نوح كانا يحرصان على إقامة حفلاتهما في السبعينيات والثمانينيات بل وأقام أطفال عمرهم 11 عاما مسرح عرائس في نادي كشافة المريخ في الستينيات قبل تجربة "الليلة الكبيرة" وكنا رقم 3 بعد القاهرة والإسكندرية في محافظات مصر في الثقافة والفنون.
وقال إن بورسعيد ينقصها عمل مهرجانات عالمية في السينما والمسرح خاصة أن موقعها شبيه بمدينة كان في فرنسا، وأضاف "يمكن عمل مسرح عائم بجوار حجر سعيد يأتي إليها من مختلف أجناس العالم والأثرياء العرب".
وأوضح أسامة المصري أنه يمكن عمل عروض تناسب ذكريات بورسعيد منها تدمير إيلات في شهر 10 والعيد القومي في شهر 12 وكذلك عروض دينية لمرور السيدة هاجر والنبي إبراهيم من بالوظة خاصة أننا كنا محافظة تسمح بالجنسيات الأخرى على مستوى الأديان، وأشار إلى أن الرئيس السيسي في زيارته للمجمع الترفيهي أعلن عن خطوط للعمل عليها ومع ذلك المسؤولين لم يستثمروا هذه الزيارة.
عمرو حماد صاحب سينما الأهلي في حي المناخ، أوضح أن الإنترنت والدش ألغيا الاهتمام بالسينما، وقال "المبنى مشيّد منذ عام 1955 وتوقف العروض فيها لعدم مواكبة التطوير وحاولت تشغيل المبنى كجراج أو قاعة أفراح ولم أنجح وأنتظر ما يمليه علينا المسؤولون".