القاهرة - أسامة عبد الصبور
بدأت مكتبة الإسكندرية، فحص وجرد وأرشفة مقتنيات رئيس حزب الوفد الأسبق الراحل الدكتور نعمان جمعة، حيث أهدت ابنته الدكتورة إيمان نعمان المكتبة كل الأوراق والوثائق التي تخص والدها وتخص تاريخ حزب الوفد كاملًا، ويأتي ذلك في إطار جهود مكتبة الإسكندرية في الحفاظ على تاريخ مصر الحديث والمعاصر.
وتحفظ المكتبة كل هذه المقتنيات والمتعلقات كجزء من مشروعها التوثيقي الكبير ذاكرة مصر المعاصرة، الذي يهتم بتوثيق التاريخ المصري الحديث وأعلامه الكبار من مفكرين وفنانين وسياسيين ومبدعين، وتشمل الأوراق التي أهدتها الدكتورة إيمان نعمان؛ أستاذة الرأي العام في كلية الإعلام جامعة القاهرة، كل ما يخص حزب الوفد وتاريخه، وكل الملفات والقضايا المتعلقة بالحزب، وملف به قضايا كان يترافع فيها الدكتور نعمان جمعة كمحامي، إضافة إلى وثائق تخص عقد شراء وبيع لقصر بدراوي والذي يوجد فيه مقر الحزب حاليًا، وعقود وخطابات الاتفاقات التي أقيمت لبناء جريدة الوفد، بالإضافة إلى ملف صور يثبت أن نعمان جمعة دخل يوم حادث الاعتداء عليه مسالمًا والاعتداء كان مقصودًا ومدبرًا، كما حصلت المكتبة أيضًا على مجموعة الكتب المهداة للراحل إضافة إلى مجلدات تضم كل المقالات التي كتبها "جمعة" في الجرائد منذ عام 1988، وكتب وقواميس قديمة، إضافة إلى الخطابات التي كتبها عندما كان في أسره الفرنسي وقت الحرب في سيناء، ومجموعة كبيرة من الصور الفوتوغرافية الخاصة به وبأسرته.
والتحق الدكتور نعمان جمعة بكلية الحقوق وبعد التخرج عمل وكيلًا للنائب العام، وتنقل بين نيابات جنوب القاهرة، وباب الشعرية.. وفي كانون الأول/ديسمبر 1956 وقع العدوان الثلاثي على مصر، وانضم نعمان جمعة وعمره 22 عامًا إلى الفدائيين وحارب الإسرائيليين في سيناء ثم تم أسره من قبل القوات الفرنسية، وبعد نحو شهرين تم الإفراج عن الشاب الثائر نعمان جمعة ورفاقه، ولم ينقذهم من هذا الأسر سوى البوليس الدولي الذي سلمهم إلى البوليس المصري.
وسافر نعمان بعد عدة أشهر من الإفراج إلى فرنسا في بعثة لنيل درجة الدكتوراه من جامعة باريس، وحصل نعمان جمعة على الدكتوراه في القانون المدني بتفوق، وحرصت جامعة باريس على أن تضمه إلى صفوف هيئة التدريس للاستفادة بكفاءته، وهناك أيضًا عمل بالمحاماة.. وبعد عشر سنوات قضاها في باريس قرر نعمان العودة إلى مصر ليدرس لأجيالها القانون، والتحق للعمل بالتدريس في حقوق القاهرة، وتدرج أستاذ الجامعة في المناصب حتى انتخب عميدًا لكلية الحقوق مرتين متتاليتين من عام 1988 إلى عام 1994 ورئيس قسم القانون المدني لمدة سبع سنوات.
وظل رجال الوفد منذ عام 1978 في صراع مع السلطة داخل أروقة المحاكم، وتمكن الدكتور نعمان جمعة من الحصول على حكم تاريخي بعودة الوفد إلى الحياة السياسية عام 1984، كان الدكتور نعمان ينظم عملية ترشيح الوفد لقائمة انتخابات المحليات في شمال القاهرة بالتعاون مع كرم زيدان وأحمد طه، وذلك للحصول على قرار سليم يمكنه من الطعن أمام القضاء الإداري، كان يعد الأوراق، ويجمع الوثائق، ويرفع الدعاوى، ويترافع أمام القضاء مطالبًا بعودة الوفد، ونجح نعمان وأعلن العودة في مؤتمر صحفي عالمي، لأن فؤاد سراج الدين وإبراهيم فرج كانا معزولين سياسيًا، ومنذ ذلك التاريخ 1984 والدكتور نعمان هو الذراع اليمنى، والرجل الثاني لفؤاد باشا، ظل ملاصقًا له، يشاركه تحركاته، وقراراته، وكل معارك الوفد، ومع عودة الوفد وصدور صحيفته في 22 مارس 1984 خصص الدكتور نعمان جمعة له زاوية بالصحيفة بعنوان نبضات.
وفي 9 آب/أغسطس عام 2000 رحل فؤاد سراج الدين، وكان الدكتور نعمان هو النائب الأول لرئيس الوفد، وحسب نص لائحة الحزب، يتولى النائب الأول الرئاسة لحين انتخاب الرئيس الجديد، وهذا ما فعله الدكتور نعمان. وفي 15 آب/أغسطس 2000 أصدر الدكتور نعمان جمعة بصفته رئيسًا للحزب، قرارًا بدعوة الهيئة الوفدية للاجتماع في أول أيلول/سبتمبر، لانتخاب رئيس جديد لحزب الوفد، خلفًا للراحل فؤاد سراج الدين، وتضمن القرار، فتح باب الترشيح للمنصب.
أجريت الانتخابات، وأعلن فوز الدكتور نعمان جمعة برئاسة حزب الوفد خلفًا للزعيم الراحل فؤاد سراج الدين، وأجريت الانتخابات في جو ديمقراطي فريد، حيث تنافس 4 مرشحين حصل الدكتور نعمان جمعة على نسبة 78.25% من الأصوات، وتوفي الدكتور نعمان جمعة يوم 28 تشرين الأول/أكتوبر 2014.