الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى

 أكد الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بسيناء ووجه بحرى بوزارة الاثار أن قضية طابا هى تجربة مصرية فريدة تضافرت كل الجهود لإنجاحها ووظفت الوثائق التاريخية والخرائط والمجسمات الطبيعية وكتابات المعاصرين والزيارات الميدانية وشهادة الشهود وأشرطة الفيديو والصبر الطويل حتى عادت طابا لمصر .

وأشار ريحان ، فى تصريح لوكالة انباء الشرق الاوسط اليوم بمناسبة مرور 27 عاما على ذكرى استرداد طابا ، إلى انه تم تشكيل لجنة خاصة لاستعادة طابا وهى (اللجنة القومية العليا لطابا) حين صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 641 فى 13 مايو 1985 وكانت تضم أبرز الكفاءات القانونية والتاريخية والجغرافية وهى اللجنة التى تحولت بعد ذلك إلى هيئة الدفاع المصرية فى قضية طابا والتى أخذت على عاتقها إدارة الصراع فى هذه القضية من الألف إلى الياء مستخدمة كل الحجج لإثبات الحق.

واوضح انه من أهم تلك الحجج الوثائق التاريخية التى مثلت نسبة 61% من إجمالى الأدلة المادية التى جاءت من ثمانية مصادر وقد نصت مشارطة التحكيم على أن المطلوب من المحكمة تقرير مواضع علامات الحدود الدولية المعترف بها بين مصر وفلسطين تحت الانتداب أى فى الفترة بين عامى 1922 و 1948 وبالرغم من ذلك فإن البحث فى الوثائق ذهب إلى ثلاثينيات القرن التاسع عشر والوثائق فى الفترة اللاحقة على عام 1948 حتى حرب يونيو ونتائجها.

وقال إن تلك الوثائق تم تجميعها من دار الوثائق القومية بالقلعة والخارجية البريطانية ودار المحفوظات العامة فى لندن ودار الوثائق بالخرطوم ودار الوثائق باسطنبول بالإضافة إلى محفوظات الأمم المتحدة بنيويورك وذلك لتحديد علامات الحدود حتى العلامة 91 عند طابا ولم يقبل الوفد المصرى بموقع العلامة 91 من الطرف الآخر وقد نجح أحد الضباط المصريين فى العثور على العمود الحديدى الخاص بالعلامة 91 على منحدر شديد الوعورة حيث نزل وحمله لأعلى بنفسه وطول هذا العمود 2م وعرضه 15سم ووزنه ما بين 60 إلى 70كجم وكان موجوداً عليه رقم العلامة .

واضاف انه أمام هذا الموقف لم يملك أحد أعضاء الوفد الإسرائيلى نفسه قائلا " إن الطبيعة لا تكذب أبدا " ، واتضح فنيا أن العمود والقاعدة قد أزيلا حديثاً ورغم ذلك فقد رفضت إسرائيل الاعتراف بهذه العلامة حتى موافقتها على التحكيم فى 13 يناير 1986.

وتابع أن الأدلة المصرية الدامغة والمثابرة والعزيمة كانت وراء حكم المحكمة الدولية فى يوم الخميس 29 سبتمبر 1988 فى قاعة مجلس مقاطعة جنيف برئاسة القاضى السويدى جونار لاجرجرين لتنطق بالحق وعودة الأرض لأصحابها فى حكم تاريخى بأغلبية 4 أصوات والاعتراض الوحيد من القاضية الإسرائيلية بالطبع ويقع الحكم فى 230 صفحة ويتضمن القبول بالمطلب المصرى للعلامة 91 ، مشيرا الى كتاب (طابا قضية العصر) للمؤرخ يونان لبيب رزق الذى يحوى 16 فصلا تناول فيها القضية من بدايتها وحتى حكم المحكمة باسترداد طابا.

وطالب الدكتور ريحان بتسجيل أسماء أبطال هذه الملحمة فى ذاكرة مصر بحروف من نور فى مقدمتهم اللواء بحرى محسن حمدى رئيس الوفد المصرى فى اللجنة العسكرية المشتركة و المؤرخ المصرى يونان لبيب رزق وكل أبطال الملحمة ، وتدريس هذه الملحمة لطلبة الثانوية العامة لتعزيز قيمة الانتماء والافتخار بتاريخهم القديم والحديث والاعتزاز بحضارتهم وبطولات أجدادهم .

واشار خبير الاثار الى ذكرياته الخاصة التى ارتبطت بعودة طابا حيث كان يعمل مفتشا للاثار بقلعة جزيرة فرعون بطابا فى ذلك الوقت ، وكان يرى طابا المحتلة وشجر الدوم السيناوى الذى يؤكد سيادة مصر على طابا يظلل من ليس لهم الحق فى هذه الأرض ، حتى جاء يوم 19 مارس 1989 يوم رفع العلم المصرى على طابا ، جلس تحت ظل شجر الدوم وحصل على ثلاث ثمرات تساقطت عليه يحتفظ بهم حتى الآن ويحملهم فى محاضراته التثقيفية فى سيناء وربوع مصر ، مؤكدا لشباب مصر مدى قيمة أرض سيناء المباركة وقيمة طابا والذى لا تتعدى مساحتها مساحة حى من أحياء القاهرة ولكن قيمتها التاريخية والأثرية والاستراتيجية والجمالية تفوق كل وصف.