كمبالا - أ.ش.أ
أعلنت الحكومة الأوغندية في شهر فبراير الماضي، اختيار اتحاد شركات بقيادة شركة "آر تي" روسيا للموارد الطبيعية، كمستثمر رئيسي لمشروع تطوير مصفاة نفط أوغندا.
وصرحت أيرين مولوني، وزيرة الطاقة والتنمية المعدنية الأوغندية، أنه مع تحديد اسم شركة "آر تي" للموارد الطبيعية كمزايد مفضل وقع الاختيار عليه، صرنا واثقين بأنه عند الانتهاء من إتمام الاتفاقيات الخاصة بتطوير مشروع المصفاة بحلول شهر أبريل المقبل، والتي تقدر تكلفتها بنحو 5ر2 مليار دولار أمريكي، سيبدأ العمل بها على الفور.
ومن المتوقع أن تتوصل المفاوضات إلى نتيجة واحدة مهمة وهى الانتهاء من الاتفاقيات الأخرى بشكل يرضى الطرفين وهما الحكومة الأوغندية والمستثمر الرئيسي.
وتتضمن تلك الاتفاقيات، الاتفاق الإطاري المشروع، واتفاقية المساهمين، واتفاقية التنفيذ، واتفاقية الضمان، وعند الانتهاء من عقود المشروع، ستشكل الحكومة الأوغندية والمستثمر الرئيسي شركة مصفاة نفط، ستكون للحكومة نسبة 40% من أسهمها، مهمتها تنفيذ مشروع المصفاة، التي من المفترض أن تكون قادرة على معالجة 60 ألف برميل يوميا، ومرافق تخزين في الموقع، بالإضافة إلى خط أنابيب إنتاج يمتد مسافة 205 كيلومترات، حتى محطة بولوبا بالقرب من العاصمة كمبالا.
ومن المتوقع الانتهاء من المرحلة الأولى من المصفاة بحلول عام 2018، وبرغم ذلك أعرب المراقبون المهتمون بصناعة النفط عن خمسة أسباب لتشككهم، يتعلق السبب الأول، بالسياسة الدولية، فاتحاد الشركات الذي تتزعمه شركة "آر تي للموارد العالمية"، يضم شركة "تليكونت كابيتال" المحدودة (روسيا)، وشركة "في تي بي كابيتال" العامة المحدودة (روسيا)، وشركة "تاتنيفت" المساهمة (روسيا)، وهى أكبر سادس شركة نفط في روسيا، وشركة "جي إس" للهندسة والبناء(كوريا).
ومن وجهة نظر سياسية بحتة، يرى العديدون أنه سيكون من الممتع رؤية كيف ستلعب الحكومة الأوغندية بأوراقها السياسية مع العلم أن روسيا حاليا فى خلاف مع الولايات المتحدة الامريكية والمملكة المتحدة، وهما يعدان حتى الآن أكبر حليفتين سياسيتين لأوغندا.
والسبب الثاني، هو مشروع خط الأنابيب، مع ملاحظة أن احتياطيات أوغندا البترولية تقدر بـ 5ر6 مليار برميل من النفط من 21 اكتشافا لحقول النفط والغاز حتى الآن، وتقوم شركات مثل شركة "تولو أويل" وهى شركة تنقيب بريطانية، وشركة "توتال" الفرنسية، وشركة "ناشيونال أوفشور أويل" الصينية، بتطوير حقول النفط الأوغندية، وأن الحكومة الأوغندية أرادت في البداية بناء مصفاة فقط بقدرة على معالجة 120 ألف برميل يوميا، تم الاتفاق على تخفيضها إلى 60 ألف برميل يوميا ولكن يتم تطويرها فى مراحل بدءا من معالجة 30 ألف برميل يوميا.
كما أن الحكومة الأوغندية التى أصرت لسنوات على القيمة المضافة المحلية بدلا من صادرات النفط الخام، تراجعت فى النهاية وسمحت أيضا بفكرة مد خط أنابيب للنفط.
وبالنسبة لشركات النفط، تعد المصفاة مشروعا صغيرا للغاية، ستستهلك 15% فقط من الناتج الإجمالي، مع نقل غالبية النفط الخام ،85% إلى المحيط الهندي عبر خط الأنابيب إلى السوق العالمية، والآن، مع مشروطية مشروع مد خط الأنابيب، وهو المشروع الأكبر بكثير، فإن المصفاة لن تسبب أي نوع من الحماسة حيث أنها تعتبر مجرد صنبور من النفط الخام على البحر.
وبالنظر إلى أن السوق الأوغندية لا تستهلك سوى كمية تتراوح بين 20 ألف إلى 30 ألف برميل يوميا، فإن قرار الاستثمار النهائي (بين كل من المستثمر الرئيسي لمشروع المصفاة وشركات النفط الثلاثة) لا يمكن التوصل إليه اعتمادا على مشروع المصفاة فقط حيث سيكون غير مجدى اقتصاديا بالنظر إلى الاستثمارات العاملة فى ضخ ونقل النفط الخام من آبار البترول إلى مؤسسات المعالجة المركزية.
ويتمثل السبب الثالث في مشكلة تراجع أسعار النفط فى الأسواق العالمية، والتي لا يظهر أي بادرة على انحسارها ، حيث هبط السعر من 115 دولار فى يوليو 2014إلى نحو 50 دولار حاليا، ومن المؤسف لمستثمري النفط، أنهم يجب أن يتحملوا تكاليف إنتاج أكثر من 90 دولارا للبرميل.
ويتوقع المحللون أن يظل سعر برميل النفط الخام الواحد أقل من 75 دولارا للبرميل في المستقبل المنظور، أو حتى عام 2017 بالتقديرالتقريبى، وبطبيعة الحال، يعني هذا أن شركة "تولو أويل" البريطانية، وشركة "توتال" الفرنسية، وشركة "ناشيونال أوفشور أويل" الصينية يتوجب عليهم اتخاذ تدابير لخفض التكاليف بصورة جذرية والانتظار لفترة أطول قليلا قبل المجازفة بتنفيذ قراراتهم الاستثمارية.
ويتضمن السبب الرابع، القضايا العالقة الحساسة التي تتعلق بالحكومة الأوغندية وشركات النفط. على سبيل المثال، منح تراخيص الإنتاج لشركني "تولو" و"توتال" مازالت معلقة لمدة سنتين على الأقل. كما أن التوصل لحل الخلاف حول النظام الضريبي مازال معلقا أيضا، وهو ما يمكن أن يقضى على صناعة التنقيب واستكشاف النفط والغاز. حيث أن شركات النفط مطالبة بدفع 18٪ ضريبة القيمة المضافة بالإضافة إلى ضرائب المنبع، والتي تقتطع من ضرائب الشركات المحلية في نهاية العام.
أما السبب الخامس، فيتعلق باعتياد أصحاب المصالح فى هذا المجال على الأسلوب البطئ الحركة الذي تعالج به الحكومة شؤون النفط على مدى السنوات العشر الماضية أو نحو ذلك. ولذلك فإن تحديد اتحاد الشركات الذى سينفذ مصفاة النفط، لا يعنى أن الأمور سوف تتحرك بسرعة. حيث أن كل خطوة أو معاملة تستغرق وقتا طويلا للوصول إلى نتيجة. حتى بالنسبة لمشروع المصفاة بصفة خاصة، فمن المحتمل أن تستغرق المفاوضات وقتا طويلا وتصبح مملة، ومضنية، مما يعني أن العملية برمتها ستستغرق بالتأكيد فترة أطول من الستين يوما المقترحة.