فيسبوك

تستعد حكومة المملكة المتحدة لإنشاء جهاز تنظيمي جديد للإنترنت من شأنه أن يجعل شركات التكنولوجيا مسؤولة عن المحتوى المنشور على مواقعها الإلكترونية، وفي حال تم تأسيسه، فإنه يمكن للجهاز التنظيمي الجديد فرض عقوبات على المواقع التي تخفق في إزالة المواد غير القانونية والمحتوى الذي يحض على الكراهية خلال ساعات، ومن بين المقترحات شرط التحقق من العمر لمستخدمي فيسبوك وتويتر وإنستاجرام، وذلك بعد أن أعرب وزراء حكومة المملكة المتحدة عن مخاوفهم من أن الأطفال في الوقت الحالي ملزمون فقط بوضع علامة على مربع يقول إنهم فوق سن 13 سنة.

وتعمل وزارة الداخلية ووزارة الشؤون الرقمية والثقافة والإعلام والرياضة DCMS على إعداد التشريع، والذي بموجبه سيتم إنشاء إطار تنظيمي جديد للحد من الأضرار الاجتماعية عبر الإنترنت، وكانت الوعود المتعلقة بتنظيم الإنترنت قد تراجعت على خلفية بيان المحافظين للانتخابات العامة في العام الماضي، والذي جاء فيه: “بعض الناس يقولون إنه ليس من حق الحكومة التطرق إلى موضوع التنظيم عندما يتعلق الأمر بالتكنولوجيا والإنترنت”.

ووفقًا لتفاصيل المقترحات، فإنه من المفترض إنشاء إطار جديد لتنظيم الإنترنت مخصص لمنصات التواصل الإجتماعي وغيرها من المواقع، والذي يشابه بدوره هيئة Ofcom، والتي تنظم التلفزيون والإذاعة والنطاق العريض والمراسلات البريدية في المملكة المتحدة، ولا تزال المقترحات الجديدة في مرحلة التطوير، ومن المقرر طرحها للتشاور في وقت لاحق من هذا العام، وأكد متحدث باسم الحكومة أنها تدرس جميع الخيارات، بما في ذلك الهيئة التنظيمية.

ويفكر وزير الداخلية في المملكة المتحدة ساجد جاويد Sajid Javid ووزير الثقافة جيريمي رايت Jeremy Wright في إدخال تشريع يتعلق بالممارسات الإلزامية لمنصات التواصل الاجتماعي، إلى جانب قواعد جديدة صارمة تجبر المواقع على إزالة الكلام غير القانوني الذي يحض على الكراهية في إطار زمني محدد أو مواجهة عقوبات، فضلاً عن فرض لوائح جديدة على المحتوى والسلوك غير القانوني عبر الإنترنت.

وكانت الرئيسة التنفيذي لهيئة Ofcom قد دعت مؤخرًا إلى اتخاذ مثل هذه الخطوة وإدخال هيكل تنظيمي للإنترنت أكثر صرامة، حيث قالت شارون وايت Sharon White إنها تعتقد أن عمالقة التكنولوجيا مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب يجب أن يخضعوا لنفس القواعد مثل بي بي سي BBC و آي تي في ITV، وادعت أن واحداً من كل خمسة بريطانيين قد تضرر من الإنترنت ومنصات التواصل الإجتماعي بسبب المعايير المختلفة عبر الإنترنت.

وتريد المسؤولة توفير حماية قوية لجمهور الإنترنت، في حين حذر الخبراء من أن إعطاء مثل هذه الصلاحيات لهيئة واحدة سوف يوفر لها قدر كبير من السلطة، ونفى متحدث باسم هيئة Ofcom أن تكون المنظمة غير الحكومية تحاول انتزاع صلاحيات جديدة للتعامل مع الإنترنت، ولكنها تحرص في الوقت نفسه على مساعدة الحكومة في تشكيل الهيئة المستقبلية لتنظيم الإنترنت.

ويعتقد الخبراء أنه يمكن منحها بعض أو كل الصلاحيات بسبب مقدار الوقت والمال اللازمين لإنشاء هيئة تنظيمية جديدة، وقالت راشيل كولديكت Rachel Coldicutt، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة التفكير DotEveryone: “المشكلة مع هيئة تنظيمة واحدة هي أن الإنترنت يلامس كل شيء، لذا فإن الهيئة التنظيمية الواحدة سوف يكون لديها قوة هائلة”، وينبغي أن تكون الجهة التنظيمية الجديدة خاضعة للمساءلة أمام البرلمان.

وأكد متحدث باسم حكومة المملكة المتحدة على أنه سيتم الكشف عن الخطط في وقت لاحق من هذا العام، وقال: “هذا الشتاء سننشر كتابًا أبيض يضع قوانين جديدة لمعالجة نطاق الأذى الكامل على الانترنت ويضع مسؤوليات واضحة لشركات التكنولوجيا للحفاظ على سلامة مواطني المملكة المتحدة، ونحن ندرس جميع الخيارات، بما في ذلك ما هو التشريع الذي سيكون ضروريًا وما إذا كان هناك حاجة إلى هيئة تنظيمية”.

ويبحث الوزراء إمكانية إنشاء هيئة تنظيم أخرى للإعلانات عبر الإنترنت تشمل صلاحياتها فرض رقابة صارمة على الإعلانات عبر الإنترنت لمنتجات الأطعمة والمشروبات الغازية التي تحتوي على نسبة عالية من الملح أو الدهون أو السكر، ويتم حاليًا تنظيم الإعلانات عبر الإنترنت من قبل هيئة معايير الإعلان.

وأشارت مصادر حكومية إلى أن إحباطهم من فشل صناعة التكنولوجيا في اتخاذ إجراءات تطوعية لتعزيز الأمان على الإنترنت دفعهم إلى اتباع نهج إلزامي، إذ دعا في وقت سابق من هذا العام وزير الثقافة السابق، مات هانكوك، 14 شركة تكنولوجية لإجراء محادثات حول السلامة على الإنترنت، ولكن لم تلبي الدعوى سوى أربع شركات فقط.

واستنتج الوزراء أن النهج الطوعي لم يحقق تقدم إلا مع عدد قليل من عمالقة التكنولوجيا، وذلك حول قضايا محددة مثل المحتوى الإرهابي، وأن القوانين الجديدة مطلوبة لإجبار منصات التواصل الاجتماعي الصغيرة والمتوسطة الحجم على اتخاذ إجراءات ضد مجموعة أوسع من المحتوى، وسيتضمن ذلك إنتاج إطار قانوني واحد لسلامة الإنترنت وزيادة المسؤولية القانونية للمواقع التي توفر منبرًا للمحتوى غير القانوني.

ويبدو أن شركات التواصل الإجتماعي مضطرة إلى التوقيع على تشريع الممارسات والمتطلبات الجديدة لمساعدة الشرطة في التحقيق في النشاط الإجرامي عبر الإنترنت، وتضع الحكومة نصب أعينها التشريع الذي تم تمريره في ألمانيا العام الماضي والذي يطلب من منصات التواصل الاجتماعي إزالة الكلام غير القانوني الذي يحض على الكراهية خلال 24 ساعة أو مواجهة غرامات تصل إلى 50 مليون يورو