واشنطن - مصر اليوم
يعتقد الرئيس التنفيذي السابق لشركة جوجل، إريك شميدت Eric Schmidt، أن شبكة الإنترنت قد تنقسم إلى قسمين في غضون عشر سنوات، بحيث تقود الولايات المتحدة قسمًا في حين تقود الصين القسم الآخر، ويقول الملياردير البالغة ثروته حوالي 14 مليار دولار إن الرقابة التي تفرضها الحكومة الصينية على المحتوى عبر الإنترنت ستؤدي إلى ظهور شبكة إنترنت جديدة تمامًا لا تتلاءم مع النسخة الغربية من الويب بحلول عام 2028، وجاءت تصريحات شميدت بعد سؤاله أثناء حضوره لمؤتمر خاص بالتكنولوجيا في سان فرانسيسكو عما إذا كانت شبكة الإنترنت سوف تنقسم تدريجيًا.
وأوضح خلال حديثه أنه يعتقد أن السيناريو الأكثر ترجيحًا الآن ليس انشقاقًا، بل هو تشعب في شبكة الإنترنت التي تقودها الصين بموازاة شبكة إنترنت غير صينية تقودها أمريكا، وقال: “إذا نظرت إلى الصين فإن حجم الشركات والخدمات التي يتم بناؤها والثروة التي يتم إنشاؤها تعد ظاهرة استثنائية، إن الإنترنت الصيني يمثل نسبة مئوية أكبر من الناتج المحلي الإجمالي للصين، وهو رقم كبير، مقارنة بنفس النسبة في الولايات المتحدة، وهو أيضًا رقم كبير”.
وتأتي هذا التعليقات في الوقت التي تواجه فيه شركة جوجل، التي عمل فيها لمدة 17 عامًا، انتقادات كبيرة لجهودها المزعومة فيما يتعلق بإطلاق نسخة جديدة خاضعة للرقابة من محرك بحثها من أجل الامتثال لقواعد بكين، ويقال إن محرك البحث الذي طورته شركة جوجل للصين يربط أرقام الهواتف المحمولة الشخصية للمستخدمين بعمليات البحث التي يجرونها، بحيث تمكن هذه الميزة أجهزة الأمن الصينية من ربط عمليات البحث مع الأفراد، مما يزيد من المخاطر التي يتعرضون لها في حال كانوا يبحثون عن معلومات تعتبرها بكين حساسة من الناحية السياسية.
وقد تكون عملية تشعب شبكة الإنترنت وانقسامها قد بدأت بالفعل مع تطوير جدار الحماية الصيني العظيم، وهي أداة تستخدمها جمهورية الصين الشعبية لفرض رقابة على الإنترنت، وشهد جدار الحماية هذا العديد من الإصدارات المختلفة التي تطورت بشكل متزايد وقوي بمساعدة الذكاء الاصطناعي، وتمنع الصين حاليًا الوصول إلى المواقع الغربية مثل ياهو ويوتيوب وتويتر وويكيبيديا.
وتمتلك الصين أكبر عدد مستخدمي إنترنت في العالم والذين يقدر عددهم بحوالي 772 مليون مستخدم، ولديها نسختها الخاصة من هذه المواقع، ويستخدم المواطنون غالبًا محرك بحث بايدو Baidu من أجل الوصول إلى المعلومات على الويب والبحث عنها، وهو بمثابة النسخة الصينية من محرك بحث جوجل، كما أن هناك منصة ويبو Weibo التي تحل محل شبكات التواصل الإجتماعي فيسبوك وتويتر، بالإضافة إلى وجود Youku Tudou كبديل محلي لمنصة الفيديو يوتيوب.
وأوضح شميدت أن انقسام شبكة الإنترنت قد يتشكل بسبب الريادة في المنتجات والخدمات التي تشهدها الصين، مما يدفع الدول المجاورة إلى تبني البنية التحتية لبكين، وأن هناك خطر حقيقي يتمثل بأن هذه المنتجات والخدمات تأتي مع نظام رقابة وتحكم من قبل الحكومة.
وقال إن سعي الحكومة الصينية لتنمية نفوذها السياسي والاقتصادي العالمي من خلال بناء التجارة في آسيا وأفريقيا عبر مبادرة BRI، والتي تشمل 60 دولة، سوف يسرع من إنشاء شبكة إنترنت تقودها الصين، وقد تبدأ الدول المشمولة في تلك المبادرة في الاعتماد على البنية التحتية الصينية مقابل فقدان بعض الحريات.
وكشف شميدت في شهر يناير/كانون الثاني عن قلقه الشديد إزاء روسيا والصين فيما يتعلق بالسباق على الذكاء الاصطناعي، وأشار إلى خطر طموحاتهم التجارية والعسكرية، قائلاً إن زمام المبادرة في مجال الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعدهم في نهاية المطاف على غزو العالم، وأن القادة في الصين وروسيا قد أدركوا قيمة الذكاء الاصطناعي لخدمة طموحاتهم التجارية وتطلعاتهم العسكرية.
وكانت جوجل قد أغلقت خدماتها الأساسية في الصين عام 2010 بعد سنوات من تشغيل محرك بحث خاضع للرقابة في البلاد، حيث أن النسخة المحلية من محرك البحث، والتي تم إطلاقها في عام 2006، عمدت إلى تصفية النتائج التي لم توافق عليها الحكومة الصينية، لكن الخطة الجديدة لإعادة دخول الصين تواجه ردة فعل قوية، حيث كتب المئات من موظفي جوجل في الشهر الماضي رسالة احتجاج للشركة قائلين إن المبادرة تثير تساؤلات أخلاقية.