عمر سيف غباش

درس سفير الإمارات العربية المتحدة إلى روسيا، عمر سيف غباش، القانون في جامعة أكسفورد، وقُتل والده سيف غباش أول وزير خارجية للإمارات عام 1977 بالرصاص في مطار أبو ظبي الدولي على يد متطرّف شاب كان يستهدف وزيرًا سوريًا برفقة غباش، وأسس عمر في ذكرى والده جائزة للترجمة الأدبية العربية وهو الراعي لجائزة البوكر العربية وعضو في الهيئة الاستشارية للمركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي في كينغز كوليدج في لندن، ويتناول كتابه المنشور هذا الشهر بعنوان "Letters to a Young Muslim" التعليم الواسع للأطفال في الإسلام، مقترحًا نموذجًا أكثر انفتاحًا للفكر الحر.

وكتب عمر كتابه أخذا في اعتباره ولديه سيف "16 عامًا"، وعبد الله "12 عامًا"، مشيرًا إلى أن "ابني الصغير أحب الكتاب للغاية لكن ابني الكبير الذي كتبت الكتاب من أجله وبه رسائل موجهه له قرأ عدة أجزاء منه لكنه حاليا لا يقرأه، وأنا متقبل ذلك ولا أريد أن أثقل عليه بتوقعاتي الخاصة، هو حر في قراءته متى أراد لكني لمن أضغط عليه إن لم يكن على استعداد لذلك".

وأوضح غباش، أنّ ملاحظاته التي تشير إلى اهتمام الكثيرين بالشباب المسلم، والبعض أكثر تشددًا عن وجهة نظره، أن "لدي صديق حظي بتعليم غربي رائع لكني اكتشفت أنه لا يزال غير قادر على سد الفجوة بين تعليمه وتنشئته الإسلامية لكنه قرّر غلق عينيه وأذنه والقيام بما يفترض عليه القيام به كمسلم وتخلى عن أي مسؤولية شخصية، هذا النوع من القصص يقلقني كثيرًا، كانت أحدث 11/9 نقطة تحّول بالنسبة لي شخصيا، انزعجت بشدة مما حدث وعشت في نيويورك من 1993-1995 ولدى ارتباط قوي بالمدينة، ورفضت بعض الأشياء التي سمعتها عن العالم العربي تماما، بمعنى أنني أعتقد أنه إذا ارتكبت في حقك جريمة فهذا لا يعني أن ترد أنت بجريمة في المقابل، أردت توضيح أخلاقي نحو ذلك، شعرت لأول مرة أن خطاب رجال الدين المتشددين تحول إلى حقيقة ولم أكن أتوقع ذلك، دائما ماكنت تنظر إلى هؤلاء الناس باعتبارهم هامشيين ولكن حاليا أصبح لهم اليد العليا، فكرت فيما يمكن أن أفعله كشخص، ولم يكن لدي أي اتصالات بمسؤولين في الحكومة ولذلك اتجهت اتجاها مختلفا، فتحت معرض فني وما زال ينمو حاليا وكانت هناك مبادرات أدبية، كنت أفكر بشك متزايد بشأن دور الفرد في التغيير والذي يقال أنه غير مهم في العالم العربي، دائما ما قال لنا رجال الدين لا تشغل نفسك بالأسئلة فليس دورك التفكير بل دورك هو اتباع تعليمات الإمام، وربما كان ذلك نافعا منذ ألف عام عندما كان لدى رجال الدين معظم المعرفة ولكن اليوم المعرفة في كل مكان، ولتحيا حياة أخلاقية على الأقل يجب أن تبلي بلاء حسنا في دراسة علم النفس والاقتصاد والنظرية الاجتماعية والفلسفة، هذا ليس لرفض التعليم بواسطة رجال الدين ولكن لملء بعض الثغرات".

وأشار غباش إلى أنه تحدّث إلى عدد من رجال الدين، مضيفًا: "عندما تفكر تفكيرًا نقديًا بصوت عال فيما يتعلق بالإسلام يعتقد الكثير أنك تحاول هدم شيء أو أنك تحاول حرمان الناس من علاقتهم مع الله وهذا هو عكس ما أقول به، لقد بحثت عن تشكيك العالم في العربية وتعرضت لنقاشات تضمنت رجال دين، إنه يطبقون أي نوم من الشك بمعنى أنك ملحد ، وهم لا يتناقشون في ذلك مطلقا، ولكن الشيء المفترض أن هناك دائما جدل داخل الإسلام" .

وتساءلت الصحيفة عن ابتعاد الناس عن التعقيد والفوارق الدقيقة، ما يشير إلى أنها معركة خاسرة في الإسلام على وجه الخصوص في هذه اللحظة"، وكشف غباش أنه "على العكس تماما، أعتقد أنها معركة رابحة ولكن لا يفعلها الكثير من الناس، إنها تتطلب بعض الشجاعة للقيام بها، ومن الممكن القيام بها".

وأوضح غباش أن كتابه تناول ظروف طفولته ومأساة مقتل والده، مشيرًا إلى أنه "لقد كتبت نصًا سابقًا وحظى بإعجاب الناشر وحاولت أن أكون نظريا أكثر بشأن هذه القضية، وأخبرني المحرر أن أحاول إعادة الكتاب كأني أقول القصة لصبي عمره 15 عاما وبالفعل خلال شهرين أعدت الكتابة وكان الأمر ممتعا للغاية، وشعرت بطريقة ما أنني أنقل بعض المعارف منذ والدي الغائب إلى ابني، وعندما انتهيت من الكتابة شعرت أنه لدي قدر هائل من الطاقة ولذلك قضيت الصيف محاولا تسلقا لجبال في فرنسا مع فكر صافي للغاية"، ومضيفًا: "أنا إماراتي وموظف حكومي والناس في موضعي يميلون إلى الحذر فيما يقولون لكني شعرت بالراحة للتعبير عن هذه الأفكار لأني أعتقد أن الإمارات ربما تدرك ذلك حتى إن لم تعبر عنها دائما، ومن المشاكل التي تواجه جيل العشرينات والمراهقين أنه يتم إخبارهم أن ماضي الدولة كان دينيا جدا، وفي الواقع عندما تتحدث إلى المواطنين  من كبار السن يقولون: ماذا يحدث لقد كنا أكثر ودا عندما كنا في الصحراء".

ونوّه غباش، إلى أن "والدتي قالت أن والدي دائما ما أراد أن يدرس أولاده في أكسفورد أو كامبردج أو هارفارد، ومنذ عمر 8 أعوام اعتقدت أنه علي جعل ذلك على رأس القائمة، وعملت بجد للغاية لدخول الجامعة ، وبعدها كان علي ساعة إلزامية من التدريس في الأسبوع، وكنت سيئا في ذلك، وفي مكة كنت آمنا، إنه الإسلام ذلك الدين الروحي والبخور والعطور والسجاد الناعم تحت قدميك، إنه أمر مريح للغاية وطالما حاولت شرح ذلك للناس لكني عدت إلى أكسفورد، واحدة من الأشياء التي أحاول التفكير فيها هو هل يمكننا الحصول على مزيد من الدين؟، هناك جزء في القرآن يشير إلى رجل يقول للنبي لقد صليت طوال الليل، وعندما نؤدي الصلوات الخمس يوميا فهناك عناصر إجبارية وأخرى وصلوات إضافية، وكنت أصلي مع الأصدقاء الصلوات الإلزامية ثم أغادر المسجد وكانوا يقولون : وماذا عن الصلوات الإضافية فكنت أقول لهم: إنها غير إلزامية لنهم كانوا يقولون النبي فعلها، وكنت أقول لهم: لكنه بنفسه قال إنها ليست إلزامية".

وحول رأيه في الإلحاد ومغرياته، أوضح غباش أنه "بالنسبة لي شخصيا سيكون الأمر عبئا أكبر لإعادة النظر في كيفية التعامل مع الحياة، وبالنسبة لي وجود الله أمر مفروغ منه وإنني مسلم، لكني أعتقد أن الأمر لا يجب أن ينتهي على ذلك، الأمر بالنسبة لي كيف تقترب من التعلم، أتعلم إن كنت مريض نفسي ممكن يحب تقطيع الناس ستجد ما تريده في القرآن، ولكن هل يمكن أن يكون ذلك نقطة في الدين؟ هذه هي الأسئلة التي يجب أن تأتي بها"

وأفاد غباش أن والدته الروسية كان لها تأثيرًا هائلًا عليه، ويطلب مشورتها في كل شيء، مضيفًا: "كانت تقول دائما "يجب عليك فعل ما تراه صحيحا"، إلا أن هذه الفكرة أربكتني فكيف يمكنني أن أعرف الشئ الصحيح، من منظور إسلامي هذا هو النقاش الذي يجب إحياءه،  فهل فطرتنا الإنساني والإسلام جعلتنا مثاليين أم أنها الحالة التي لا يكون لدينا فيها قيم إلا عندما نقرأ أقوال النبي التي هي النموذج السائد اليوم، نشأت مع والدتي على كلاسيكيات الأدب الروسي وبدى لي أنه لم يكن هناك من يعلمها الأدب العربي والذي يمنع الجوائز تقليديا للشعراء فقط، الشعر فن عظيم لكنه ليس ملموسا مثل الرواية، وأردت أن أرى المزيد من التفكير الخطي في النثر، وكان ذلك أحد الدوافع لإنشاء الجائزة، وفي البداية كانت معظم الروايات عن البؤس والموت والسجن ولكن تغيرت الأمور قليلا حتى أن بعض الشعراء العرب تحولوا إلى كتابة الرواية، سعيا وراء المجد، عندما نفكر في قضايا العالم العربي يبدو لي أن الرواية قد تساعد في توضيح ما نحن فيه بالضبط، قوة الخيال يمكن أن تعبر عن أشياء نشعر بها ولكن لا نعرف كيف نعبر عنها"
وتساءل غباش أنه "هل من الأفضل ترك الحرب الأهلية السورية تمتد إلى 10 سنوات؟ أو هل من الأفضل استخدام القوة الحاسمة في محاولة لإنهاء الحرب؟ أعتقد أن الغرب يشعر طالما أننا نقاتل على الجانب الأيمن فهناك ما يبرر مئات الآلاف من القتلى، هناك نهج أكثر واقعية من جانب روسيا لوقف تدفق الدم من أجل منع انتشار التطرف ولكن لا توجد هناك أجوبة بسيطة"، مشيرًا إلى أن "الأصولية يمكن أن تحافظ على نفسها وتعبر داعش عن نمط عقلية واسع الانتشار، وقلقي هو أن بعض المفكرين الإسلاميين الأكثر تقليدية ليسوا سوى على بعد خطوات من أعمال داعش، إنه أمر مخيف فلا يمكن الدعوة إلى الجهاد يوم الثلاثاء وإنكار ذلك الخميس".

وأشار غباش إلى أن "رجال الدين سوف يقولون الأشياء الصحيحة وأن الإسلام دين السلام وأنهم يدينون العنف، ولكن أخشى آلا يكون هناك تأثير كبير على الشباب لكنه أمر جامد أما الأصوليين الذين يستمعون إليهم يعملون بديناميكية، نحن نحتاج أن نقول لشبابنا أنه هناك العديد من الطرق الأكثر إيجابية لرفع راية الإسلام في العالم بدلا من الجرس في الصحراء ممسكا بالسلاح، أعرف أشخاص يحاولون فعل بعض الأشياء ولكن عليك أن تذهب إلى قلب الإسلام التقليدي حقا، هناك رجال دين نجوم على تويتر لديهم 17 مليون متابع وأشعر أنهم يحبون التملق دون استخدام المسؤولية التي تتفق معه، هؤلاء هم الناس الذين نحتاج للوصول إليهم لإخبارهم أن ذلك خطأ وأن هناك طريقة أفضل".