القاهرة ـ مصر اليوم
أظهرت دراسة حديثة أن سمك شيطان البحر يغوص على مسافة تصل إلى كيلومترين تحت سطح الماء، في واحدة من أعمق وأسرع عمليات الغطس في البحار.
وعلى مدى عدة أشهر، تعقب العلماء 15 سمكة من هذه الأسماك الضخمة والمجنحة، التي كان يعتقد في السابق أنها تعيش بالقرب من سطح الماء.
وقدمت النتائج، التي نشرت في مجلة “نيتشر كوميونيكيشنز”، تفسيرا لوجود كتلة غامضة من الأوعية الدموية، يعتقد أنها تمنح الدفء لمخ سمكة شيطان البحر.
ويمتلئ الجزء الأمامي من جمجمة هذه السمكة بشبكة تشبه الإسفنج تضم العديد من الشرايين الكبيرة والصغيرة.
وقال الدكتور سيمون ثورولد، خبير في شؤون بيئة المحيطات بمعهد وودز هول لعلوم المحيطات والمؤلف الرئيسي لورقة البحث الجديدة: “كان الأمر بمثابة لغز أن يكون لدى هذه الأسماك هذا النظام، الذي يجعل المخ يحافظ على نشاطه الكبير، حتى في البيئة الباردة”.
وكان العلماء الذين اكتشفوا الشبكة التي تشبه الإسفنج في سمكة شيطان البحر يشعرون بالحيرة بسبب وجودها في الأنواع التي تعيش في المياه الدافئة. وهذا جعلهم يعتقدون أن هذه الشبكة قد يكون لها وظيفة مختلفة تماما وهي المساعدة على تبريد المخ عندما تكون السمكة تحت أشعة الشمس.
ويبدو أن نتائج الدراسة التي أعدها ثورولد قد توصلت لحل لهذا اللغز. ويقول ثورولد لبي بي سي: “درسنا البيانات التي جاءت منطقية بطبيعة الحال”.
الغطس العميق لسمك شيطان البحر يحل “لغز” دفء المخ
ويعتقد ثورولد أن سمكة شيطان البحر تتغذى خلال عمليات الغطس العميقة، وذلك باستخدام مخها النشط والدافئ لالتهام الأسماك الصغيرة التي توجد حولها في الأماكن الأعمق من المحيطات.
ولاكتشاف الحياة السرية لسمكة شيطان البحر تحت الماء، تعقب ثورولد وزملاؤه 15 سمكة باستخدام علامات معينة تم تثبيتها باستخدام أسهم.
وقال ثورولد: “في الواقع، نحن نقفز في الماء ونثبت العلامات عليها بأنفسنا. نمسك الرمح ونسبح تحت الماء ونضع العلامات. لا تشعر الأسماك بأنها مقيدة بأي شكل من الأشكال”.
ويعد هذا الأرخبيل البرتغالي أحد أفضل الأماكن التي توجد بها أسماك شيطان البحر، التي تتجمع هناك في فصل الصيف، حول الجزء العلوي من الجبال تحت الماء.
ولكن هذه الأسماك تختفي في فصل الخريف. ويقول ثورولد: “لم يكن لدينا فكرة عن المكان الذي كانت تذهب إليه، وكنا نعتقد أنها تسير في طريق طويل، ربما يمتد لعدة آلاف من الكيلومترات”.
وهنا جاء دور العلامات المثبتة على الأسماك، حيث تسجل بيانات عن العمق والضوء ودرجة الحرارة لمدة تصل إلى خمسة أشهر، قبل أن تنفصل ذاتيا وتتواجد على السطح وتنقل البيانات للباحثين عبر الأقمار الصناعية.
وكانت العلامات تشير إلى توجه الأسماك جنوبا، وقد وصل بعضها إلى خط الاستواء.
وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تسجيل هجرة أسماك شيطان البحر، والتي أشارت إلى أن مسافة الهجرة وصلت إلى نحو 3,800 كيلومتر.
ولم تكن هذه النتائج غريبة، ولكن الشيء الغريب كان يكمن في القياسات الأخرى التي حصل عليها فريق البحث.
وقال ثورولد: “أول شيء نظرت إليه هو البيانات الخاصة بدرجة الحرارة، ورأيت درجة حرارة تصل لنحو 4 درجات مئوية، وهذا حيوان يفترض أنه يعيش في المناطق المدارية. اعتقدت في البداية أن الأمر ربما يكون خطأ!”
ومع ذلك، أكدت بيانات العمق أن انخفاض درجات الحرارة كان نتيجة الغطس العميق بشكل لا يصدق لمدة تتراوح عادة بين 60 و90 دقيقة وعمق يصل إلى 1848 مترا تحت الماء.
وثبت أن هناك عددا قليلا للغاية من الأسماك، من بينها أسماك القرش والحوت، قادر على الغوص حتى هذا العمق، أما الرقم القياسي في هذا الصدد فهو 2,992 متر، والمسجل حاليا باسم حيوان ثديي هو الحوت ذو المنقار.
وخلال فترات النهار، وليس الليل، يميل سمك شيطان البحر للبقاء على مسافة تصل لنحو 2 كيلو متر من السطح لبعض الوقت قبل وبعد الغوص على مسافات عميقة، وهو ما يشير إلى أن تلك الأسماك تستخدم أشعة الشمس للدفء والاستشفاء.
ووصلت إحدى أسماك شياطين البحر إلى مسافة 1400 متر لستة أيام متتالية. والأكثر من ذلك أن هذه الأسماك تتسم بسرعة كبيرة في الغوص وصلت إلى 22 كيلومترا في الساعة، وهو ما يتجاوز كثيرا سرعة أسماك القرش والحيتان.