منظمة الأغذية "الفاو"

تحيي منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "فاو" غدا اليوم العالمي للتربة 2015 تحت شعار "التربة السليمة هي التربة الحية"، حيث يسلط الاحتفال على أن التربة السليمة نظام إيكولوجي حي ودينامي يزخر بكائنات دقيقة وكائنات أكبر تؤدي الكثير من الوظائف الحيوية التي تشمل تحويل المواد الميتة والمتحللة وكذلك المعادن إلى عناصر مغذية للنبات، ومكافحة الأمراض النباتية والحشرات والآفات العشبية، وتحسين بنية التربة وما يترتب على ذلك من آثار إيجابية على قدرة التربة على الاحتفاظ بالماء والعناصر المغذية، وتحسين إنتاج المحاصيل في نهاية المطاف.

والتربة السليمة تساهم أيضاً في التخفيف من أثر تغير المناخ عن طريق الحفاظ على محتواها من الكربون أو زيادته. وتشير أحدث الإحصائيات العلمية إلى أنه ما يزيد عن نسبة 33٪ من التربة على مستوى العالم تتراوح حالتها بين متوسطة التدهور إلى متدهورة للغاية، والطلب على الغذاء يزداد والوقت ينفد. ففى 20 ديسمبر 2013 اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 232/68 للاحتفال يوم 5 ديسمبر باليوم العالمى للتربة لأول مرة. وسوف يصدر في نفس يوم الإحتفال باليوم العالمي للتربة تقرير "موارد التربة العالمية" في مقر منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في روما، وكذلك الاختتام الرسمي للسنة الدولية للتربة 2015.

وأشار بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة في رسالته بهذه المناسبة، إلى أن إدارة التربة بما يستوفي الاستدامة عامل أساسي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي يعكس كثير منها ما للتربة من مكانة محورية في بقاء الحياة والغذاء والمياه. ونحن بحاجة إلى ضمان الاستخدام المستدام للنظم الإيكولوجية الأرضية بينما نكافح تغير المناخ والآثار الناجمة عنه. وللتربة دور أساسي في التخفيف من آثار تغير المناخ بالنظر إلى قدرتها على حجز الكربون.

وأضاف مون إلى أن التحدي الماثل أمامنا واضح للعيان. فمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة تقدر أن نحو 33 % من التربة في العالم في حالة متدهورة بالفعل. ولابد من تغيير هذا المسار من خلال ممارسات الإدارة المستدامة للتربة. إن التربة هي الأساس الذي تقوم عليه النظم الغذائية. فإن لها دورا حاسما في تحقيق الأمن الغذائي وتوفير التغذية. ووحدها التربة المعافاة تنتج الأغذية الصحية التي لها أفضل قيمة غذائية ممكنة. والتربة أيضا هي الأساس في إنتاج المستحضرات الصيدلية والموارد الجينية، وتساهم في تخزين المياه وتنقيتها.

ودعا مون إلى العمل على الترويج للإدارة المستدامة للتربة، إدارة تمتد جذورها في الحوكمة اللائقة والاستثمارات السليمة. فإنه بوسعنا، يدا في يد، أن ننهض بقضية التربة، الأرضية الصلبة التي عليها تقوم الحياة.

في حين أشار جوزي غرازيانو داسيلفا، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، إلى أن التربة السليمة ضرورية للإنتاج الغذائي لكننا لا نولي العناية الكافية لهذا "الحليف الصامت، وأن التربة السليمة ليست قاعدة للغذاء والحطب والنسائج والمنتجات الصيدلية فحسب بل هي ضرورية لأنظمتنا البيئية لأنها تؤدي دورا هاما جدا في دورة الكربون وتخزن وتصفي الماء وتساعد في مقاومة الفيضانات والجفاف. وأنه يعاني أكثر من 805 ملايين شخص اليوم من الجوع وسوء التغذية. كما أن نمو سكان العالم يستوجب زيادة الإنتاج الغذائي بنحو 60 %.
وأضاف داسيلفا ، بما أن قسما كبيرا من غذائنا يعتمد على التربة، فمن الأهمية بمكان أن نحافظ عليها سليمة ومنتجة ،وأن 33 % من موارد التربة العالمية تدهورت للأسف مع بلوغ الضغط البشري مستوى حرجا، قلص الوظائف الأساسية للتربة بل وقضى عليها في بعض الأحيان.

وتقدر الفاو أن ثلث الأراضي تدهور بفعل التآكل والتراكم والتصلب والملوحة وانخفاض المادة العضوية وزيادة التحمض والتلوث، إضافة إلى ظواهر أخرى تسببها ممارسات الإدارة غير المستدامة للأراضي. وإذا لم يتم تبني مقاربات جديدة على المستوى العالمي، فإن مجموع الأراضي الصالحة للزراعة والمنتجة لن تمثل في 2050 سوى ربع المستوى الذي كانت عليه سنة 1960.

واعتبر داسيلفا أنه ربما يكون استصلاح سانتيمتر واحد من التربة يتطلب نحو ألف سنة. وبالنظر إلى أن 33 % من الموارد العالمية من التربة تدهورت وأن الضغط البشري يزداد كثافة، فقد وصل الأمر إلى العتبات الحرجة ما يحتم معالجة القضية بصفة عاجلة. ودعا إلى مزيد من الاستثمار في إدارة التربة المستدامة، لأنها أقل كلفة من إعادة تشكيلها ولأنها "ضرورية لتحقيق الأمن الغذائي وللتكيف مع التغير المناخي وتخفيف آثاره وللتنمية المستدامة بوجه عام.

إن التربة هى الأساس الذى تقوم عليه التنمية الزراعية والوظائف الأساسية للنظام الإيكولوجى والأمن الغذائى، ومن ثم فالتربة عامل أساسى لاستمرار الحياة على وجه الأرض، وإذ تسلم بأن استدامة التربة عامل أساسى فى مواجهة الضغوط الناجمة عن تزايد أعداد السكان، وأن الاعتراف بأهمية الإدارة المستدامة للتربة والدعـوة إلى تعزيزها ودعمها، يمكن أن يسهم فى تهيئة تربة صحيحة، مما يسهم بالتالى فى إيجاد عالم ينعم بالأمن الغذائى ونظم إيكولوجية مستقرة ومستغلة على نحو مستدام.

وتعتبر التربة عنصرا أساسيا وهاما فى نجاح ما يتم زراعته من نباتات، وذلك لتأثيرها المباشر على نمو النبات.. ومن الضرورى توفير التربة الزراعية الجيدة الغنية بالعناصر الغذائية لضمان نمو النباتات المزروعة.. لذا فإنه يجب دراسة خواص التربة ومنسوب المياه السطحية فى المواقع المزمع زراعتها ويشترط فى التربة الزراعية الجيدة أن تكون بالمواصفات التالية: درجة تركيز الحموضة حوالى 7 درجات، التوصيل الكهربائى للأملاح الذائبة فى محلول التربة أقل من 2500 ميكروموز/سم عند درجة 25 درجة مئوية، الكلوريدات أقل من 200 جزء فى المليون، كربونات الكالسيوم أقل من 5% من وزن التربة المجففة.

وتعتبر التربة الزراعية هى الوسط الذى تنبت فيه النباتات وتثبت جذورها وتحصل منه على ما تحتاج لنموها من ماء وغذاء، والتربة الزراعية عبارة عن صخور أساسية أو ما تسمى بالصخرة الأم المتفتتة بالإضافة إلى المواد العضوية والصخور الأساسية تتفتت إلى ذرات ناعمة وهذه الذرات هى التربة التى يستعملها البشر فى الزراعة وتفتت الصخور بواسطة العوامل المختلفة.

كما أن التحليل الكيمياوى يحلل ذرات الصخور ويرسبها على شكل أتربة ناعمة وأعظم من هذا فى تفتت الصخور الأساسية هى التعرية الجوية، ويتم ذلك بسبب تغيرات الحرارة الجوية فعندما تكون درجة الحرارة مرتفعة تتكدد الصخور وعندما تنخفض درجة الحرارة تتقلص الصخور، مما يؤدى إلى تشققها وتفتتها، وكثيرا ما نرى هذه الحادثة فى فصل الشتاء البارد إذ نرى أن كثيرا من الأحجار الكلسية تتهشم ويتفتت وسبب ذلك هو تسرب الماء إلى داخل الصخر من المسام، وعندما يتجمد الماء داخل الصخر بعد البرد الشديد يزداد حجمه مما يؤدى إلى زيادة الضغط على الصخر من الداخل مما يؤدى إلى تفتته وهذا يحدث أيضا عقب التبدلات الفصلية فى الصيف والشتاء حيث تشتد الحرارة فى الصيف وتشتد البرودة فى الشتاء.

ويشير التقرير الذي سوف تصدره الفاو إلى تقييم أكثر من 200 عالم بيئي بوضع المعارف الراهنة حول موارد التربة وتغير التربة. ويتناول التغييرات الكبرى التي تمس التربة بشكل عام، وبمزيد من التفاصيل يتناول التغيرات الإقليمية.

ويقدم التقرير بيانات علمية موثوقة عن تآكل التربة، وتغيير الكربون العضوي في التربة، وتغيرات التنوع البيولوجي للتربة، والتحمض، وانضغاط التربة، وتصلبها، وتملحها، وتجمدها، وتلوثها، وتغير مغذياتها وتشبعها بالمياه.

وتشير أحدث الإحصائيات العلمية إلى أنه ما يزيد عن نسبة 33٪ من التربة على مستوى العالم تتراوح حالتها بين متوسطة التدهور إلى متدهورة للغاية، والطلب على الغذاء يزداد. إن إنتاج 2-3 سم فقط من التربة يمكن أن يستغرق ما يصل إلى 1000 سنة، وحتى الآن يتم فقدان ما يصل إلى 50 ألف كيلومتر مربع من التربة وهي مساحة تقارب حجم كوستاريكا كل عام بسبب إزالة الغابات، والاستخدام غير المستدام للأراضي والممارسات الإدارية والرعي الجائر وتغير المناخ.

ويشير التقرير إلى أن 11 هكتارا من التربة تختفي تحت توسع المدن كل ساعة في أوروبا. وفي معظم البلدان، بنيت المدن قرب الأراضي الخصبة وحيث كانت الزراعة مزدهرة. أما الآن تتوسع المدن على حساب أفضل أنواع التربة.

ويرتكز تخطيط استخدام الأراضي حالياً على اعتبارات بسيطة جداً متعلقة بالجوانب العملية للبنى الأساسية. ولا يتم إيلاء أي اعتبار لجودة التربة وقدرتها على القيام بوظائف مختلفة. وقد يشكل أخذ جودة التربة بعين الاعتبار في سياق إدارة الأراضي من التحسينات الممكن القيام بها.

ومن المنطقي على سبيل المثال، القيام في العديد من المناطق بأعمال البناء على الأراضي الملوثة. ويتعين على مخططي استخدام الأراضي أن يحسنوا فهم وظائف التربة. ومن شأن تحديد سمات التربة بشكل أفضل أن يعزز الإدارة المستدامة للأراضي.

وتمثل مشاكل التلوث هائلة في أوروبا الشرقية بسبب تاريخها الصناعي. وكذلك الأمر بالنسبة إلى أوروبا الغربية حيث لا يدرك السكان كيف تستخدم المواد الكيمياوية في الأنشطة الصناعية.