القاهرة - محمد سليم سلام
تتميز محافظة شمال سيناء بالعديد من الثروات المعدنية، ومن بينها الفحم الذي تم اكتشافه في منطقة المغارة في وسط سيناء في أواخر الخمسينات ، وقد قدر الاحتياطي الجيولوجي من الفحم حينئذ بحوالي 52 مليون طنا.
وبالطبع كان منجم فحم المغارة ضمن الثروات المهدرة نتيجة الاحتلال الإسرائيلي لسيناء عام 1967، إلا أنه بعد استعادة مصر لسيناء ومنطقة المنجم عام 1980 ،تم إعادة افتتاح منجم فحم المغارة عام 1982، وإعداد دراسة جدوى فنية واقتصادية عن المشروع بالاستعانة بأحد بيوت الخبرة البريطانية المتخصصة في هذا المجال.
وقدرت التكاليف الكلية للمشروع بنحو 112.4 مليون جنيه، منها 70 مليون جنيه كمكون أجنبي، وهي تعادل 50 مليون جنيه إسترليني وافقت الحكومة البريطانية على تمويله ، مع 12.5 مليون جنيه إسترليني كمنحة لا ترد، وقدر الإنتاج السنوي 600 ألف طنا قابلة للتسويق، مع بدء الإنتاج بطاقة 125 ألف طن سنويا خلال خمسة أعوام، وتمكنت الشركة من توزيع الإنتاج وتسويقه بالكامل.
ومع كل ذلك، فقد تم تصفية الشركة، وضياع مورد مهم من موارد الدخل القومي، علاوة على إهدار مجتمع كامل سبق وأن قام على المنجم في منطقة وسط سيناء، وضياع فرص العمل العديدة التي وفرها المشروع ، وعاد شبح البطالة إلى المنطقة مرة أخرى.
ويقول رئيس مركز ومدينة الحسنة اللواء أيمن جبريل، المدينة الذي يقع في نطاقها مشروع منجم فحم المغارة، أن فحم المغارة يعتبر من أنقى أنواع فحم الكوك تميزا على مستوى الشرق الأوسط ، وقد تم تحديد الاحتياطي القابل للإنتاج والتسويق بما يعادل 72 مليون طنا، وتبلغ فرص العمل بالمنجم أكثر من 1200 فرصة عمل بشكل غير مباشر للأعمال الرئيسية للشركة، حيث تبلغ كمية الإنتاج في حالة التشغيل الكامل نصف مليون طنا في السنة.
وأضاف جبريل عقب زيارته للمنطقة أخيرًا أن المنجم لديه محطة كهرباء قدرة 10 ميغا وات، ويوجد في المنجم محطة شبكة كهرباء كاملة من محولات وكابلات ، كما توجد محطة تحلية لمعالجة المياه وتعمل على مياه الآبار بخط مياه ناقل بطول 14.5 كيلو مترا .
وأشار إلى أنه تم إيقاف العمل في المنجم نظير عدم قيام الشركة بالوفاء بالتزاماتها والتعثر في تصريف المنتج، حيث تم التعاقد منذ بداية الإنشاء بين مصر وبريطانيا باتفاقية دولية بين الحكومتين تتضمن قرضا ومنحة بقيمة 50 مليون جنيها إسترلينيا ، منها 12.5 مليون جنيه منحة لا ترد تمثلت في الخبرة والتدريب، 37.5 مليون جنيه إسترليني كقرض من بنك مرجان جرين فل البريطاني،
وتم إنشاء الشركة (سيناء للفحم) بقرار وزاري رقم 255 لعام 1988 بإنشاء شركة سيناء للفحم برأسمال قدره 70 مليون جنيه.
وأكد أن المنجم يعتبر بؤرة التنمية الحقيقية في وسط سيناء، وأن أسباب توقف العمل في المنجم ترجع إلى :
- التعثر وعدم وفاء الشركة أو التزامها بتسديد الأقساط المستحقة لبنك الإسكندرية ( وهو البنك الضامن للقرض ) .
- أدى تراكم الدين الذي وصل لأكثر من 3 مليارات جنيه إلى قبول مجلس إدارة الشركة رفع توصية بتصفية الشركة، وكان المهندس سامح فهمي وزير "البترول" وقتئذ هو متخذ قرار التصفية بقرار الجمعية العمومية للشركة في 23/5/2005 الذي أوصى بتصفية أعمال الشركة، والمحافظة على المنجم لحين البت في إعادة التشغيل من عدمه، وإعادة توزيع العمالة على شركات القطاع العام في وزارة البترول وتصفية الجزء الأكبر من الشركة ( إنهاء عمل ).
واستلمت هيئة المساحة الجيولوجية ( الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية ) المنجم تحت الأرض ومعداته في باطن الأرض، إلا أنه نظرا لعدم وجود وعاء مالي قوي للصرف منه وللمحافظة على المنجم، فقد تعرضت بعض الأجزاء لانهيارات جزئية، وأيضا تم غمر الجزء الأسفل ومعظم الواجهة بالمياه بنسبة 80 % تحت الأرض منذ أكثر من 3 سنوات.
وبيّن جبريل أنه بالرغم من وجود عدة عروض لاستغلال مشروع فحم المغارة بوسط سيناء، إلا أنه تم تصفية شركة سيناء للفحم التي تأسست برأس مال 70 مليون جنيه بعد تأسيسها بحجة عدم جدوى المشروع، وهو المنجم الذي استعادته مصر من إسرائيل في 1980 وتم افتتاحه 1982 بعد عمل كل دراسات الجدوى، وأن هناك عدة عروض فعلية لاستغلال المنجم نتيجة لارتفاع أسعار الفحم عالميا، إلا أنها لم تجد آذانا صاغية لها .
وكشفت بعض المصادر أن من أسباب تعثر المشروع احتياجه إلى خط مياه تصل تكلفته وقتها إلى 300 مليون جنيها ، ولكنه لأسباب غريبة وغير مفهومة لم يتم مد خط المياه بحجة عدم الجدوى، ونأمل أن تتم سرعة استغلاله لاسترداد ما أنفق على المشروع رغم تصفية الشركة في 2005 ، خصوصًا أن أعمال التصفية لم تنته حتى الآن .
ويطالب أبناء المحافظة بسرعة طرح المشروع واستغلاله لتوفير مئات فرص العمل لأبناء المحافظة واستغلال الثروات ودفع عجلة التنمية، حيث سبق صدور القرار الوزاري رقم 155 في 11 تموز/يوليو 1988 بتأسيس شركة سيناء للفحم شركة مساهمة مصرية تتبع هيئة المساحة الجيولوجية وتملك الشركة المنجم ، وتم شراء المعدات والآلات من بريطانيا ، وتدريب المهندسين والعمالة الذين بلغ عددهم 630 موظفاً وعاملاً.
وتقرر بداية الإنتاج في 1994، وتم إنفاق ما يقرب من مليار و600 مليون جنيها أهدرت لعدم التشغيل وخسارة المعدات المستوردة التي أكلها الصدأ، علاوة على فوائد القرض البريطاني، وقد صدر تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات الذي أوضح أن نتائج أعمال التصفية عن الفترة من 1/ 7 / 2008 حتى 30 / 6 /2009 أسفرت عن صافى خسائر بلغت 189 مليون جنيها،
وبلغت الخسائر الإجمالية مليار و661 مليون جنيها، وأوصى الجهاز المركزي للمحاسبات بسرعة إنهاء أعمال التصفية التي بدأت عام 2005 منعا لتحمل المزيد من المصروفات والخسائر، وكذلك تحديد المسئولين عن هذه الخسائر الضخمة التي تعد نموذجا صارخا لإهدار المال العام دون مساءلة أو حساب، فيما قالت مصادر أخرى أن كافة الأجهزة التي تم توريدها للمشروع لا تصلح إلا أن تباع خردة، فيما تم بيع السيارات التابعة للشركة لإحدى الجهات لسداد جانبا من مستحقاتها لدى المشروع .