الدكتور محمد شاكر

أكد الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة أن ‏مصر أولت اهتماما كبيرا ببرنامجها النووى لإنشاء محطات نووية للتغلب على أهم عقبتين ‏تواجهان التنمية المستدامة وهما توفير الكهرباء والمياه فى ضوء عدم إمكانية تغطية الطلب ‏المتزايد على الطاقة البترولية المحدودة (الزيت والغاز الطبيعى) أخذا فى الاعتبار المتطلبات ‏البيئية كمصادر هامة للتنمية المستمرة والمستقبلية واستخدامها فى الصناعات البتروكيميائية ‏وصناعة الأسمدة لتعظيم القيمة المضافة, إضافة إلى المساهمة فى تطوير برامج البحث ‏العلمى وتطوير الصناعة المصرية من خلال التصاعد بنسب التصنيع المحلى مع كل محطة ‏جديدة.‏
جاء ذلك في كلمة مصر التي ألقاها الدكتور شاكر خلال مشاركته فى فعاليات الدورة ‏‏(58) للمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية المنعقد فى فيينا ويستمر حتى 26 سبتمبر ‏الجارى ، وذلك وفقا لبيان صحفي لوزارة الكهرباء والطاقة المتجددة اليوم.‏
وأعرب شاكر عن دعم مصر لطلبات الانضمام للوكالة المقدمة من جمهورية جيانا ‏وجمهورية فانواتو وجمهورية جيبوتى واتحاد جزر القمر, تطلعا إلى إسهامها فى نشاط الوكالة ‏وتحقيق العالمية المنشودة لنظام الضمانات الشاملة.‏

وأكد امتنان مصر للدور الهام الذى تؤديه الوكالة على صعيد المساهمة فى تحقيق التنمية ‏الاقتصادية والعلمية للدول الأعضاء من خلال تسخير الطاقة النووية وتطبيقاتها السلمية لخدمة ‏البشرية وتوفير بيئة أفضل للحياة.‏
وشدد على الدور الهام الذى توليه الوكالة الدولية للطاقة الذرية فى دعم الاستخدامات ‏السلمية للطاقة النووية للدول وخاصة تلك الدول التى ما لبثت تتخذ أولى خطواتها نحو تنفيذ ‏برامج لإنشاء محطات نووية لتوليد الكهرباء وتحليه مياه البحر من خلال وضع المعايير ‏والمتطلبات والقواعد الإرشادية للأمان النووى المطلوب تطبيقها فى البرامج النووية ودروها الهام ‏فى دعم الدول الأعضاء لإعداد برامج التوعية والقبول الجماهيرى لمشروعات الطاقة النووية, ‏وتأهيل وتنمية الكوادر البشرية فى مجالات الأمان النووى وحماية البيئة والإنسان من أخطار ‏الإشعاعات. ‏
وأضاف أن مصر تقدر استجابة الوكالة فى دعم القدرات الوطنية المصرية وتنمية خبراتها فى ‏مجال الجاهزية للطوارئ النووية والإشعاعية والاستجابة لها, حيث قدمت الوكالة عدة دورات ‏تدريبية للخبراء المصريين فى مقرها خلال العام الماضى.‏
وفيما يتصل بالأمن النووى والذى يعد بالأساس مسئولية وطنية على عاتق الدولة, أوضح ‏شاكر أن مصر تؤكد على محورية دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية فى هذا المجال وعلى ‏ضرورة ألا تعوق جهود تعزيز الأمن النووى الهدف الرئيسى للوكالة في تيسير استفادة الدول ‏الأعضاء من الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية, كما أكد موقف مصر المستند إلى أن ‏التخلص التام من السلاح النووى هو السبيل الوحيد للتأكد من عدم استخدام هذه الأسلحة سواء ‏من قبل الدول أو الفاعلين من غير الدول.‏
كما شدد على حرص مصر على التعاون الوثيق مع الوكالة فى القضايا ذات الصلة بالأمن ‏النووى للاستفادة من الخبرات المتوفرة لدى الوكالة وذلك من خلال استقبال وفود من خبراء ‏الوكالة وعقد اجتماعات مشتركة، بالإضافة إلى أن مصر تمهد لإنشاء مركز لدعم الامن ‏النووى والتدريب، وفى هذا الشأن استعانت مصر بخبراء من الوكالة لتدعيم إنشاء المركز ‏المشار إليه.‏
وأوضح أن مصر لا تدخر جهدا فى تقديم ما يتوفر لديها من خبرة بشرية ومرافق بحثية لخدمة ‏دول المنطقة سواء فى المجال العربى أو الأفريقي ، فضلا عن أن مصر تمارس أنشطتها ‏البحثية والتطبيقية ذات الصلة بالاستخدام السلمى للطاقة الذرية فى إطار من الشفافية الكاملة ‏والتعاون الوثيق مع الوكالة, على أساس الالتزام الكامل بمعاهدة عدم الانتشار النووى (‏NPT‏)،
وقال الوزير "إننا فى مصر ندرك حجم التحديات التى تواجه تلبية متطلبات التنمية ‏الاقتصادية والاجتماعية بصورة مستدامة مع المحافظة على البيئة لمواجهة الطلب المتزايد على ‏الطاقة الكهربائية وفى ظل محدودية مصادر الطاقة الأولية من بترول وغاز طبيعى وبعد ‏استغلال كافة مصادر الطاقة المائية اللازمة وسوف نعتمد فى تحقيق ذلك على الاستفادة ‏القصوى من مصادرنا من الطاقة الجديدة والمتجددة من رياح وشمس التى تتمتع بهما مصر ‏بحكم ظروفها المناخية وموقعها الجغرافى". ‏
ونوه بأن مصر قد استفادت من الخدمات الاستشارية التى توفرها الوكالة للدول الأعضاء ‏فى إطار تنفيذ خطة عمل الوكالة فى مجال الأمان النووى, وطلبت زيارة فريق من خبراء ‏الوكالة لمفاعل مصر البحثى الأول لمراجعة الإجراءات التى اتخذتها هيئة الطاقة الذرية بشأن ‏تغليف وحدات الوقود النووى المشع بالمفاعل وذلك لتعظيم تدابير الأمان النووى والوقاية ‏الإشعاعية.‏
ولفت إلى أن مشروعات التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم تقتصر على تلقى الدعم ‏فحسب, بل ساهمت مصر بإيفاد عدد من الخبراء الوطنيين فى عدة مهام استشارية دولية ‏للوكالة الدولية للطاقة الذرية فى عدد من الدول الأعضاء فى مجالى الأمن والأمان النوويين ‏وذلك إيمانا بدورها فى تعزيز الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية، مشيرا إلى أن مصر تتوافق ‏مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية فى وضع علاج الأورام السرطانية على رأس أولويتها وعلى ‏الأخص إنتاج النظائر المشعة اللازمة لذلك، حيث تتطلع مصر خلال الفترة القادمة إلى ‏الإنتهاء من تدشين منشأة جديدة لإنتاج النظائر المشعة الطبية والصناعية.‏

ولفت إلى أن الوكالة ساعدت بلدان حوض النيل، بما فيها مصر، لتحديد مدى تجدد المياه ‏الجوفية من الأمطار والمياه السطحية وتحديد مصادر تلوثها بهدف الإدارة الرشيدة للمياه، ‏وتتعاون مصر بفاعلية فى مشروعات الوكالة الخاصة بتنمية الموارد المائية واستخدام التقنيات ‏النظائرية وخاصة مشروع تطوير إدارة متكاملة لخزان النوبة الجوفى.‏
وأوضح شاكر أن مصر قد أعلنت فى أكتوبر 2007 عن بدء برنامج لبناء عدد 4 وحدات ‏نووية لتوليد الكهرباء - طبقا للمعايير الدولية للأمان والأمن النوويين – واتخاذ الخطوات ‏التنفيذية لإقامة أول محطة نووية لتوليد الكهرباء اعتمادا على الخبرات والقدرات المصرية ‏بالتعاون مع مختلف شركاء مصر الدوليين ومع الوكالة الدولية للطاقة الذرية, وتم الانتهاء من ‏العديد من الإجراءات الضرورية للبرنامج النووى المصرى والتى تمثل أهمها فى دعم البنية ‏التحتية التشريعية والمؤسساتية والتنظيمية للعمل فى مجال الطاقة النووية، وتضمنت إعادة ‏تشكيل المجلس الأعلى للاستخدامات السلمية للطاقة الذرية برئاسة رئيس الجمهورية, وإصدار ‏القانون النووى رقم 7 لسنة 2010 ولائحته التنفيذية, وإنشاء هيئة الرقابة النووية والإشعاعية ‏كهيئة رقابية مستقلة كما تم توقيع عقد لتقديم الخدمات الاستشارية للمشروع، وقد اشتمل التعاقد ‏على تحديث واستكمال دراسات الموقع طبقا لأحدث المتطلبات الدولية ومتطلبات الوكالة ‏الدولية للطاقة الذرية، وإعداد الدراسات الفنية الإستراتيجية اللازمة للمشروع، وقد تم تضمين ‏نتائج تلك الدراسات فى كراسة الشروط والمواصفات الفنية وأصبحت جاهزة للطرح فى مناقصة ‏عالمية منذ فبراير 2011.‏
وتابع :أنه فى ضوء الاعتبارات السياسية الداخلية التى شهدتها مصر فقد تأجل طرح ‏المناقصة إلا أنه استمرارا لدعم القيادة السياسية للبرنامج النووى، فقد أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى فى استعراض لبرنامجه الرئاسى للتنمية المستدامة بمصر فى 8 يونيو ‏‏2014 التزام الدولة بتنفيذ مشروع المحطة النووية الأولى فى الضبعة كقاطرة للتنمية ‏باعتباره أحد البدائل المستقبلية لمصادر الطاقة، حيث قامت هيئة المحطات النووية بمراجعة ‏وتحديث المواصفات الفنية بالتنسيق مع خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمكتب الاستشارى ‏للهيئة لإدماج أكبر قدر من الخبرات والدروس المستفادة من حادث فوكوشيما لتحقيق أعلى ‏مستويات لمتطلبات الأمان بمنشآتنا النووية. ‏

ونوه بأن مصر تكرس جهودها فى مجالات البحث والتطوير ذات الصلة باستخدام ‏التطبيقات السلمية للطاقة الذرية فى تعزيز التنمية المستدامة وخدمة المجتمع وذلك فى ‏مجالات الصحة والغذاء والزراعة والصناعة والثروات المعدنية والموارد المائية، مرحبا بتزايد ‏جهود الوكالة فى مساعدة الدول الأعضاء على مواجهة تحديات التنمية المتعددة، وفى مقدمتها ‏تحقيق الأمن الغذائى، والحفاظ على الصحة البشرية من خلال مكافحة الأوبئة والأمراض ‏الخطيرة، والعمل على النهوض بمستوى صحة الأطفال, فضلا عن جهودها فى تنفيذ المشروع ‏الخاص بالإدارة المشتركة لخزان المياه الجوفية فى النوبة حيث شهدت الدورة الأخيرة للمؤتمر ‏العام توقيع كل من مصر والسودان وليبيا وتشاد على اتفاق برنامج العمل الاستراتيجى ‏للمشروع المشترك بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية ومرفق البيئة ‏العالمى حول تطوير إدارة متكاملة لخزان النوبة الجوفى، فى نموذج هام للتعاون الاقليمى الذى ‏يستند إلى استخدام التقنيات النووية في تحسين إدارة الموارد المائية بشكل مستدام. ‏
وفى نهاية كلمته أكد الدكتور شاكر مرة أخرى على تطلعنا إلى نتائج مؤتمر الوكالة الدولية ‏للطاقة الذرية لهذا العام لتكون أحد العلامات البارزة فى طريق الاستخدامات السلمية للطاقة ‏النووية، وفى دعم الدول التى ترغب فى تطوير برامج نووية لإنتاج الكهرباء والاستفادة من باقى ‏التطبيقات السلمية للطاقة النووية، بما فى ذلك تحلية مياه البحر دعما لمتطلبات التنمية مع ‏الأخذ فى الاعتبار متطلبات الأمان النووى والمحافظة على السلام والأمن العالمى.‏