2015 عام الضوء العرب خارج دائرته


في مصر وغزة والعراق وسوريا، قد تمر ساعات طوال من الظلام الدامس في نهار أشبه بالليل، حيث الظلام سيد الموقف، وفي حين تشكو عدة عواصم عربية نقصًا حادًّا في الطاقة، تظل أعمدة الإنارة في الطرق متوهجة نهارًا، معتمة ليلاً، ولا حديث سوى عن الإهمال ومحاسبة المقصرين دون جدوى.

الضوء وتطبيقات تقنياته الحديثة وأثره على الحياة، وصون الطاقة وخزنها، كان موضع نقاش مهم في الاجتماع الخامس والعشرين لأكاديمية العالم للعلوم ’TWAS‘ الذي شهدته سلطنة عمان في المدة من 25 إلى 27 أكتوبر المنصرم، ما يطرح عشرات التساؤلات حول العلاقة بين الضوء والتنمية، وموقع عالمنا العربي من المبادرات الدولية الرامية إلى المحافظة على الطاقة.

ففي هذا الوقت تستعد عاصمة النور باريس لإطلاق فعالية العام الدولي للضوء في 19 و20 يناير 2015 المقبل، حسب قرار الأمم المتحدة، وبتعاون مع اليونسكو والجمعية الفيزيائية الأوربية.

البروفيسور بيتر نايت -أستاذ بصريات الكم بالكلية الملكية بلندن- أكد أنه ”لولا الضوء ما شهد العالم أي حضارة“، موضحًا أننا في القرن الحادي والعشرين نعيش عالمًا متشابكًا بفضل الاتصالات التي وفرتها الألياف الضوئية وتطبيقات علم الليزر، والتليفونات الجوالة الذكية وأجهزة تحديد المواقع GPS، ما غير نمط حياتنا بشكل كبير يفوق ما أحدثته الثورة الصناعية من تغيير.

”تشهد بعض الدول النامية كثيفة السكان هدرًا مستمرًّا في الطاقة الكهربائية، وتلك أزمة وعي عام بترشيد الاستهلاك ومفهوم استدامة الموارد“. بهذه الكلمات تحدث البروفيسور فيليب رسيل -أستاذ الفيزياء بمعهد ماكس بلانك لعلوم الضوء بألمانيا مؤكدًا أن المبادرة الدولية لاعتبار 2015 عامًا دوليًّا للضوء جاءت في وقتها، خاصة مع تطور تقنيات ’الفوتون كريستال فايبر‘ وتطبيقاتها في مجال توظيف الضوء دون هدر في الطاقة.

الدكتور محمد النمر -أستاذ الهندسة الحرارية بالجامعة الأردنية للعلوم التطبيقية- أوضح أن ”المشكلة لم تعد في استهلاك الطاقة والهدر فحسب، بل في إنتاج الطاقة والخزن، برامج خزن الطاقة لدينا متواضعة جدًّا، والاحتياجات المنزلية والصناعية من الكهرباء في تزايد؛ نتيجة ارتفاع وتيرة التنمية والتحول الصناعي والتكنولوجي، ما دفع بيوتًا عدة بالأردن إلى استخدام لواقط شمسية فوق أسطح المنازل لاستخدامها في تسخين المياه، وتدبير احتياجاتها من الطاقة“.

المهندس عماد غالي، رئيس قطاع توليد الطاقة والطاقة المتجددة في شركة سيمنس مصر، شدد على أهمية رفع الوعي بضرورة خفض استهلاك الكهرباء في قطاع الصناعة، وهو ما يخلق فرص عمل ويخفض التكلفة فيفتح أسواقًا جديدة، تزيد معدلات النمو الاقتصادي.

لست متشائمًا بطبعي، ففي حديث سابق لي مع عالم البيئة المصري الكبير د. مصطفى طلبة، بشأن مبادرة ساعة الأرض التي بدأت في أستراليا عام 2007 لصون الأرض من التغيرات المناخية الناجمة عن استنفاد الطاقة، قال: ”لا نمتلك المبادرة.. للأسف كل ما نمتلكه ردة الفعل التي غالبًا ما تكون متواضعة ومتأخرة وبلا عوائد ملموسة على البيئة والطاقة، لكن هذا لا يثنينا عن المحاولة“.