بعد أن كانت عيون حلوان الكبريتية ملاذاً للمئات من المرضى الباحثين فى مياهها المنبثقة من العيون الأرضية عن شفاء لعللهم، لثقتهم فى قدراتها الهائلة على تخليصهم من الأمراض الروماتيزمية والجلدية التى عجز أشهر الأطباء عن إيجاد حلول لها، تحولت بمرور الوقت إلى مأوى للكلاب الضالة والقمامة و البلطجة والتعديات. ثلاثة أفدنة خضراء هى مساحتها، لا يفصلها عن العالم الخارجى أى سور أو لوحة استدلالية، فالكلاب الضالة فقط من ترشدك عن بوابتها المُهدمة، والتى هجرها الناس إلا من فرد أمن يستقبلك بعبارة تحذيرية "ممنوع الدخول.. المكان مقفول من 150 سنة". ويقول عماد سعيد، 28 سنة: "موجود هنا من 7 سنين، كل شوية يقولوا هيفتحوا العيون والناس تفرح وتقول خلاص هيتعالجوا، وبعدين المشروع يقف بسبب الفلوس أو حاجات تانية". يُمسك "عماد" بلوحة أسمنتية، كساها التراب حيث كانت مُعدة لاستقبال الرئيس المخلوع وحكومته ليشهدوا مراسم افتتاح عيون حلوان بعد قرن ونصف من اكتشافها، ولكن اندلاع الثورة أوقف إتمام المشروع، و كأنه قُدر لعيون حلون ألا ترى النور أبداً". "قرايبى نصحونى بعيون حلوان بعد ما لفيت البلد كعب داير علشان ألاقى علاج لرجلى" ..بهذه الكلمات يوضح على هاشم "34 سنة" سبب قدومه من محافظة الإسماعيلية لزيارة عيون حلوان، ويكمل "سرها باتع وكانت السبب فى شفا للجنود أيام الحرب وقت الخديوى توفيق، لما أصاب الجيش الجرب". ساعات الليل كفيلة بأن تتحول عيون "حلوان" التاريخية إلى مكان للهو وتعاطى المخدرات وتناول الخمور، فى مشهد يزعج وفاء إبراهيم "45 سنة" من أهالى حلوان وإحدى المترددات على العيون منذ زمن للعلاج من أمراض الروماتيزم: "مفيش بلد بتهمل فى كنوزها بالشكل ده"، وتضيف: "زمان لما كنت بزور العيون مع أصحابى كنت بشوف الأجانب جايين لها من آخر الدنيا علشان يتعالجوا من أمراضهم