تدشين مشروع رائد لتجميع المياه من الضباب

تم تدشين مشروع رائد يسمى "حصد الضباب"، عبارة عن تجربة مبتكرة قوامها تجميع المياه من رطوبة ورذاذ الضباب، وفق ما أفاد به القائمون على هذه المبادرة “الفريدة في المغرب وشمال إفريقيا” ، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للمياه الذي يوافق 22 مارس/ أذار من كل عام.
وكشف عيسى الدرهم، رئيس جمعية دار السي أحماد للتنمية والتربية والثقافة، حاملة المشروع، في ندوة صحفية في مدينة أغادير، أن “الأمر يتعلق بتجميع مياه الضباب وفق تقنية قديمة جدا أثبتت فعاليتها بأمريكا اللاتينية ولاسيما في شيلي (منطقة كامانشكا) نحاول استنساخها بمنطقة سيدي إفني شبه القاحلة والمعروفة بشح التساقطات”، وذلك لري خمس من قرى الإقليم الواقع جنوب مدينة أغادير على ساحل المحيط الأطلنطي.
وأبرز أن المشروع يوجد في جبال “بوتمزكيدا” حيث تم نصب شباك من مادة “بولي بروبلين” المعروفة بحساسيتها ل”اقتناص” ما يحمله الضباب من رذاذ ورطوبة، على علو 1225 مترا باتجاه الشمال الغربي.
وأوضح عيسى الدرهم، الذي أحرزت جمعيته جائزة في إطار الدورة الثالثة للتنمية المستدامة والطاقات البديلة “إيكو تيك إكسبو” الذي احتضنته مدينة أغادير في مارس/ أذار 2013، أن هذه التجربة تبنى على ثلاثة مقومات يتمثل أولها في توافر الضباب بالمنطقة المستهدفة ، وثانيهما في تواجد ضغط جوي مرتفع في محيط مائي ذي مياه باردة، فيما يتعلق البعد الثالث بوجود حاجز طبيعي هو في الغالب مرتفع جبلي يتراوح علوه ما بين 500 و 600 متر فوق سطح البحر.
وشدد على أن هذه المقومات تجتمع كلها في منطقة إفني كما بباقي الواجهات الأطلسية أو بغيرها في بلد مثل المغرب، مشيرا إلى “أننا نتوفر على حالة المرتفع الجوي الآصور وتيار الكناري مع مجرى أطلنطي بارد وجبال تطل على منطقة آيت باعمران”.
وتشير جمعية دار السي أحماد في موقعها الإلكتروني إلى أن ندرة المياه، في المنطقة والمعروفة بطقسها الجاف إلى شبه الجاف، تمثل مشكلة تؤرق المعيشة اليومية للقرى القابعة في مرتفعات الأطلس الصغير، ولاسيما حياة النساء والفتيات اللائي يقع عليهن وزر البحث عن الماء. ويوضح المصدر نفسه أن الفتيات والنسوة في هذه المنطقة يخصصن ما يزيد على 3 ساعات ونصف يوميا لجلب الماء.
وبدأت التجربة من عام 2006 إلى 2010 بأخذ مقاييس عملية للحاصل اليومي، وقد بلغت النتيجة 10.5 لتر من الماء لكل متر مربع من الشبكة، وذاك الماء صالح للشرب، شريطة إضافة أملاح إليه.
وبعد هذه النتيجة المشجعة، تم الانتقال من طور التجربة إلى إقامة شبكة على جبل مزكيدة، بدأ العمل فيها منذ عام 2011، وتم إنجاز 600 متر مربع منها، ومن المخطط أن تصل مساحتها ألف متر مربع.
والمشروع الذي يعد الأول من نوعه في شمال أفريقيا ممول من عدة جهات، منها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وشركة ’ميونخ ري‘ الألمانية، وجامعة ميونخ التقنية، وسفارة فنلندا في المغرب.
وحمل المشروع كمًّا كبيرًا من العمل التطوعي، مما يصعب معه حساب تكلفة دقيقة له، غير أن جميلة برجاش تقول: إن تكلفة الوحدة الواحدة تعادل 120 دولارًا أمريكيًّا
وشباك المشروع منصوبة على ارتفاع 1225 مترًا، وهي مصنوعة من مادة ’بولي بروبلين‘ المعروفة بحساسيتها لالتقاط رطوبة الضباب، ويتمم مكونات المشروع بئر، وخزانان بسعة إجمالية تصل إلى 500 متر مكعب، وما يزيد على 9000 متر من الأنابيب الممدودة لإيصال المياه إلى المنازل، ونظام للترشيح والتعقيم، بالإضافة إلى أربعة خزانات فرعية، ومرصد للضباب هو الأول من نوعه في العالم.