الاستقلال العاطفي مفتاح استقرار العلاقة الزوجيَّة

كثير من النساء يعانين من بداية انهيار علاقاتهنَّ بعد مرور عام على شعورهنَّ الحقيقي بالسعادة، ومشكلتهنَّ أنهنَّ يعشن في عالم من الخيال، فيجعلن من الآخر مثالياً مثل شيء كبير في حياتهنَّ، رغم أنَّه لا أحد منَّا يمكنه العيش وفقاً لتوقعاته الخاصة. لذلك يبدو أنَّ مصطلح «الاستقلال العاطفي» متناقضاً إذا نظرنا لتجارب الإنسان في الحياة من ناحية ميله إلى الارتباط عاطفياً بأشخاص آخرين، رغم أنَّ الوصول إلى مستوىى مناسب من الاستقلال العاطفي عنصر ضروري لا بد من توفره في حياة كل منَّا.

 التقت باختصاصيَّة العلاج النفسي نوف أسعد زارع، لتوضح لنا مفهوم الاستقلال العاطفي تأثير في استقرار حياتنا الزوجيَّة.


بداية أوضحت نوف أنَّ تطوير قدرتك على أن تكوني مستقلة عاطفياً يوفر لك التوازن العاطفي الذي لا يتأثر فقط بعوامل خارجيَّة مثل عواطف الآخرين، وإنَّما ينتج عنه فرد مستقر عاطفياً، قادر على إدارة عواطفه وتحكيم عقله لتحديد الاستجابات المناسبة في العلاقات الشخصيَّة التي تغذي حاجة الإنسان الفطريَّة للتواصل مع الآخر.

• كيف نحصل على التوازن العاطفي؟


المسؤولية العاطفيَّة:
تعلمي تحمل المسؤوليَّة عن عواطفك والسلوكيات المرتبطة بها أو الناتجة عنها. وقد نوَّهت مؤلفة كتاب (خدمة تقديم الطعام العاطفي) ساندرا مايكلسون، إلى أهميَّة السعي من أجل الاستقلال العاطفي، ووضحت بأنَّ تحقيق الاستقلال العاطفي يتم عن طريق التخلي عن الحاجة إلى تقمص دور الضحيَّة في العلاقات. وهذا الدور يتقمصنه كثير من الزوجات عندما يرجعن أسباب تعاستهنَّ إلى العيش أو تحمل زوج متسلط وسيئ المعشر. والخطوة الأولى هنا نحو تحمل المسؤوليَّة العاطفيَّة هي تحديد مصدر مشاعرك وردود أفعالك. فإذا وجدت أنَّ معظم ما تشعرين به بسبب أشخاص آخرين، حاولي أن تحددي مصدر أفكارك ومشاعرك، ومن ثمَّ التوجه نحو الداخل «أنت» بدلا من المصادر الخارجيَّة «هو».

• تأكيد الذات:
التعبير عن المشاعر أمر مهم في عمليَّة الاستقلال العاطفي. فكوني أكثر راحة مع تأكيد مشاعرك وآرائك. كما أنَّ زيادة وتطوير الاستقلال العاطفي يكمن في جزء من قدرتك على أن تكوني مؤكدة مما تشعرين به، من دون الشعور بالقلق على ردود الفعل من قبل الآخرين. وعلى النقيض من ذلك العدوانيَّة التي تقوم على الهيمنة وفرض الرأي، فتأكيد الذات والتعبير عن المشاعر والآراء لها قيمة كما لآراء ومشاعر الآخرين قيمة أيضاً. والشعور بالراحة عند التعبير عن الرأي بطريقة لا تفرض نفسها على الآخرين تدل على الاستقلال العاطفي. وبالمثل، الحفاظ على وجهة نظرك، حتى لو كانت تتعارض مع وجهة نظر الشخص الآخر أو الزوج هي علامة أخرى تشير إلى أنَّك شخص مستقل عاطفياً.

• الاستفادة من الدعم الاجتماعي:
قومي بقضاء بعض الوقت مع مصادرك الأخرى التي تستقين منها الدعم العاطفي كأحد أفراد الأسرة المقربين أو الأصدقاء، لكن بعيداً عن الشخص الذي تشعرين بآنك تعتمدين عليه عاطفياً. فالعلاقات الشخصيَّة الحميمة/ الزوجية تعتبر واحدة من المصادر الأكثر شيوعاً بالنسبة للفرد المعتمد عاطفياً، لدرجة تعطيل قدرته على اتخاذ القرارات وتوكيد الذات. إذا وجدت بأنك تعتمدين عاطفياً على الزوج أو الزوجة، ابحثي عن الدعم العاطفي الآخر عن طريق الأهل والأصدقاء؛ لأنَّ ذلك يمكن أن يساعدك على استعادة ذاتك واستقلالك النفسي. مع مرور الوقت وبتشجيع الدعم الذي اخترته، وسوف تصبحين أكثر وعياً وبأنك مستقلة عاطفياً من دون الحاجة إلى شخص آخر يشبع عواطفك باستمرار.

• التوقف عن الاعتناء بالآخرين:
الحدُّ وإزالة العلاقات التي كنت فيها تعتنين بشكل كبير بالآخرين أمر يساهم في عمليَّة الاستقلال العاطفي. والعناية بالآخرين لمحاولة ارضائهم يعتبر سمة من سمات الاعتماد العاطفي، وهي طريقة غير صحيَّة لجعلك تشعرين بقيمتك وحاجة الآخرين إليك. فرعاية أحد أفراد الأسرة أو أحد الأصدقاء قد يكون من الضروري في بعض الأحيان، لكن البحث عن الأسباب لعمل الأشياء لشخص مقرب على الرغم من قدرته على عمله يعدُّ أمراً غير صحي لكلا الطرفين. علاوة على ذلك، الناس الذين يسعون ويطالبونك برعايتهم باستمرار هم ذو سلوك غير صحي أيضاً، ولن يردوا لك بالضرورة هذه العناية أو أي مشاعر لدعم استقلالك العاطفي.