جوزيف بلاتر رئيس الإتحاد الدولي السابق

الإتحاد الدولي لكرة القدم، والمنشطات في روسيا، وابتزاز شرائط الفيديو الإباحية، كانت بين مسلسل القضايا المعروضة على المحاكم التي هزت عالم الرياضة والمرشحة للاستمرار في 2016.

ويقول أحد أقطاب التسويق الرياضي باتريك نالي، لوكالة "فرانس برس" أنّ "هناك ضغط هائل على الرياضة لتغير ممارساتها وتصبح أكثر شفافية"، موضحًا أنّ مفردات الرياضة تغيرت هذا العام، فمن ورقة المباراة، وسوق الانتقالات والحكام، أصبحت أمر قضائي، وطلبات تسليم، ومكتب التحقيقات الفيدرالي، وقضاة التحقيق.

الميدالية الذهبية، أحرزها الإتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، من دون أي مُنازع، بعد معاناته من أخطر فضيحة فساد منذ تأسيسه قبل أكثر من مائة عام، هي المنظمة الرياضية الأقوى في العالم، بما يساوي قوة دولة بأكملها، بما أنّ كرة القدم، الرياضة الأكثر شعبية في العالم.

ومنذ أعوام، تضخمت شبهات الفساد إلى أن انفجرت في مايو (أيار) المُنقضي، وكان الانفجار مدمرًا.

واُعتقل أبرز مسؤولي اللعبة، وخصوصًا من القارة الأميركية، وتم سحبهم من فندق فاخر في زيوريخ بطلبات قضائية أميركية، في ما أعلن الرئيس المنتخب لولاية خامسة، السويسري جوزيف بلاتر، استقالته بعد أيام تحت الضغوط، ثم يوقف ويتم إتهامه من قبل السلطات السويسرية، وأمّا خليفته المنتظر الفرنسي ميشال بلاتيني، سار على طريق الإيقاف عينه، لدفعة مشبوهة من الأول إلى الثاني بقيمة 1.8 مليون يورو.

وقد يُنتخب رئيس جديد، في 26 فبراير (شباط) المقبل، وسيكون على عاتقه مهمة بالغة الصعوبة تتمثل في إعادة الثقة في المنظمة المهترئة.

وتؤكد المتخصصة الرياضية في منظمة مكافحة الفساد الدولية الألمانية سيلفيا شنك، لوكالة "فرانس برس"، أنّ الناس أُصيبوا بالاشمئزاز بسبب ذلك، والبعض يعتقد بأنّ التغيير لن يحصل، ويأمل آخرون في تغيير جذري بين ليلة وضحاها، أي من الافتراضين ليس جيدًا، مُبينًا أنه سيستغرق وقتًا طويلًا ليتغير "فيفا" من العمق.
"حرب باردة"

كان منح شرف تنظيم مونديالي 2018 و2022 إلى روسيا وقطر على التوالي، الشرارة التي فجرت التحقيقات، وحتى الآن، تم شطب، وإيقاف أو الاشتباه في 17 من الأعضاء الـ24 الذين صوتوا للملفين عام 2010.

كما تم إتهام 39 شخصًا حتى الآن من قبل القضاء الأميركي، الذي يعد أنّ مستوى الفساد في "فيفا" لا يمكن تصوره، وبحسبه، فإنّ 200 مليون دولار أميركي من العمولات جالت على شكل رشاوى في أروقة الإتحاد الدولي منذ 1991، هذا بالنسبة لكرة القدم، أمّا في ألعاب القوى الروسية فالأمر مختلف.

"تنشط حكومي"، عبارة تُعيد إلى الإذهان، الحرب الباردة وألمانيا الشرقية المُنصرمة، إتهام موجه إلى روسيا فلاديمير بوتين، بسبب التنشط الممنهج في ألعاب القوى من قبل السلطات الرسمية، والذي قد يبعدها عن ألعاب ريو دي جانيرو الأوليمبية الصيف المقبل.

قنبلة كمنت في تقرير من 300 صفحة نشرته الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات في نوفمبر (تشرين الثاني) المُنقضي.

بدوره، الرئيس السنغالي السابق للإتحاد الدولي لألعاب القوى لامين دياك، حتى أغسطس (آب) المُنقضي، إتهم من قبل القضاء الفرنسي بسبب تغطيته المتنشطين الروس.
هذه ليست سوى البداية، فالجزء الثاني من التقرير منتظر مطلع العام 2016 وقد يتهم كينيا مثلًا ورياضات مختلفة.
"الحدود" 
كل هذه الحالات أبصرت النور بسبب الممارسات غير الشفافة للمنظمات الرياضية، ما دفع شنك إلى القول: "في الماضي لم نكن نعلم، أو بالأحرى لم يرغب كثيرون في أن يعلموا".

هذه المؤسسات هي منظمات متعددة الجنسيات تساوي الملايين، لكنها تعمل بأسس قليلة المهنية، وموروثة من مرحلة ما بعد الحرب، قبل حقبة تدفق المال في الرياضة من خلال الحقوق التلفزيونية، تضارب في المصالح، بحث عن التأييد وفساد: أصبحت الخطوط الصفراء غير واضحة.

من جهته، اضطر الرئيس الجديد للإتحاد الدولي لألعاب القوى البريطاني سيباستيان كو، إلى التنازل عن عقده مع العملاق الأميركي نايكي، بعد إتهامه بتضارب في المصالح حول منح مدينة يوجين الأميركية حقوق استضافة مونديال القوى لعام 2021، والمرتبطة بالعلامة الأميركية الشهيرة، وهنا أيضًا القضاء الفرنسي يحقق.

تنظيم مونديال ألمانيا 2006 لكرة القدم كان محط جدل واسع بسبب تهم فساد، ووصف القيصر فرانتس بكنباور المطارد، بدوره في هذه التهم، كيفية الحصول على الاستضافة قائلًا: "لقد ذهبنا إلى الحد الأقصى"، لكن ما هي هذه الحدود؟.

ويتوقع باتريك نالي، أنه بعد هذه الإضاءة على إتحادي كرة القدم، وألعاب القوى سيأتي دور باقي الإتحادات الرياضية.

دور الفضائح لعب دور البطولة فيه المهاجم الفرنسي كريم بنزيمة لإتهامه بقضية ابتزاز زميله ماتيو فالبوينا بشريط إباحي.

الجنس، والمال، والإذلال والعدالة، كوكتيل فريد من نوعه بين زميلين في منتخب وطني واحد، ولكن تقبله من الجماهير كان بالغ المرارة، حيث أُبعد بنزيمة عن المنتخب وسيغيب مبدئيًا عن كأس أوروبا 2016 على أرضه.

لم يمنع كل ذلك حقوق بيع البطولات من التضخم إلى 6.9 مليارات للدوري الإنجليزي، و2.65 مليار للدوري الأسباني في السوق المحلي بين عامي 2016 و2019.

وبرغم آفات عام 2015، رطب ثلاثي "برشلونة" الأسباني "أم أس إن" الأجواء، وتعد كأس أوروبا وألعاب ريو دي جانيرو الأولمبية في 2016 بإثارة تخفي ما يحصل من موبقات وراء الكواليس.