القاهرة – أحمد عبدالله
تصاعدت أزمة البرلمان والكاتب الصحفي إبراهيم عيسى، بعد مثول الأخير أمام جهات التحقيق لساعات طويلة بتهمة إهانة مجلس النواب، الأمر الذي أثار جدلا في أوساط صحفية وحقوقية ونيابية، ليؤكد أعضاء البرلمان عدم رغبتهم في الانتقام من عيسى، واستعدادهم للتصالح بشروط ضمان عدم الإساءة إليهم مرة أخرى.
وهذه ليست المرة الأولى التي تشهد فيها مصر جدلا بشأن انتقادات الصحفي إبراهيم عيسى للحكومة، ففي يناير/كانون الثاني الماضي أعلنت قناة فضائية مصرية خاصة وقف بث برنامج يقدمه عيسى، وذلك بعد أسابيع من اتهام رئيس مجلس النواب له بمحاولة "إشعال فتنة طائفية" من خلال بث تقرير تلفزيوني.
وأعرب النائب جلال عوارة وكيل لجنة الإعلام والثقافة في مجلس النواب عن رغبته في أن "يتصالح" البرلمان ونوابه مع إبراهيم عيسى، وأن يتمَّ التراجع عن ملاحقته إعلاميًا، على أن يقترن ذلك بشرط ألا يتمادى عيسى في توجيه الإساءات والتجريح والتشويه في حق المجلس ونوابه بهذا الشكل مره أخرى.
وقال عوارة لـ"مصر اليوم" إن المجلس إن بادر بالعفو عن حقه في قضية إبراهيم عيسى، يجب أن يسير ذلك جنبًا إلى جنب مع "إتفاق" ضمني أو مكتوب في صيغة ما للتفريق بين حق النقد والتصويب والتجريح والإساءة للبرلمان ونوابه، مشيرًا إلى أن الأزمة لاتكمن في نقص التشريعات أو تغليظ العقوبات، فنحن لانحتاج إلى ذلك قدر ما نحتاج إلي تحكيم معايير المهنة والضمير، والتي حينها لن نرى معها أحد يتجاهل مجهودًا جبارًا يقوم به النواب، ليقوم بوصم عمومهم بألفاظ كـ"مجلس الكارتون".
وشدَّد عوارة على أن البرلمان لايناصب الصحفيين والإعلاميين عداءً بأي شكل، وأن المجلس ورئيسه ونوابه لايباردون بمحاربة قلم أو منبر إعلامي، وإنما حينما يصل الأمر إلى كل هذا القدر من الاستهزاء والتجاوز المتعمد، فيجب أن يكون لنا وقفة لانلام عليها، مؤكدا على إنحيازه بشكل شخصي ناحية حرية الإعلام والنقد البناء وعدم إسكات أي صوت أو قلم.
من جانبه قال الدكتور نادر مصطفى، أمين سر لجنة الثقافة والإعلام في البرلمان، تعليقاً على إحالة عيسى للتحقيق، في البلاغ المقدم ضده بإهانة البرلمان، إن مجلس النواب ليس في خصومة مع الإعلام ولا توجد لديه رغبة في الانتقام.
وأضاف مصطفى في تصريحات تلفزيونية أمس ضمن برنامج "90 دقيقة" عبر فضائية "المحور"، إنه لا يوجد داعٍ للانتقام داخل المجلس من الصحافة والإعلام، ولكن الأمر يتعلق بفئة تثير الشارع والرأي العام. وتابع:"البرلمان الحالي أغلى برلمان في تاريخ مصر ودفع الكثير ضده لإضعافه وإسقاطه"، مبديًا رفضه لخروج عيسى وهجومه على البرلمان طوال الوقت، مستطردا :" مرة يقول علينا كرتونيين ومرة برطمان ومرة ثالثة يسيء الى مجلس بصورة برلمان "توك توك" ..دا مفيش عندنا نواب كييف ولا مخدرات".
وعبَّر النائب هيثم الحريري عضو إئتلاف "25-30"عن اندهاشه من طريقة التعامل مع ابراهيم عيسى، مشيرا إلى أن الرد المناسب من البرلمان تجاه توصيفات عيسى التي غضب منها النواب هي الخروج للشعب ونفي ذلك تماما، وتأكيد انحياز البرلمان للناس وأنه ليس كارتونًا أو مسرحًا، وإنما يخدم الناس فعلا لا قولا، ويتم التدليل على ذلك بعدد من التشريعات التي تصب في مصلحة المواطن مباشرة وتحدث فارقًا في معيشته.
وقال الحريري لـ"مصر اليوم" إن تلك هي الطريقة المثلى في الرد على ابراهيم عيسى، وليس ملاحقته قضائيا، مضيفا: أن "العيب في أداء البرلمان وليس عيون الناس"، موضحًا أن إبراهيم عيسى على حق في ما صرح به.
وكان البرلمان المصري قد قرر تقديم بلاغ للنيابة العامة ضد صحفي بارز بسبب ما وُصف بأنه "إساءة" بحق المجلس في جريدة يرأس تحريرها. وجاء قرار البرلمان استجابة لمقترح تقدم به نائب ضد صحيفة "المقال"، التي يرأس تحريرها الصحفي إبراهيم عيسى.
وفي محاكاة لأسلوب إعلان جوائز الأكاديمية (الأوسكار) المخصصة للأفلام في الولايات المتحدة، سمّت الصحيفة مسؤولين وأجهزة وسياسات بالدولة باعتبارهم فائزين في المسابقة.
وجاء في الصفحة الأولى من الصحيفة: "جائزة الأوسكار تذهب إلى رئيس الوزراء عن دور أفضل ممثل والبرلمان عن أفضل فيلم كارتون (رسوم متحركة) وجائزة أفضل فيلم لتعويم الجنيه وجائزة أفضل إخراج لجهاز الأمن الوطني وجائزة أفضل خدع سينمائية لتجديد الخطاب الديني".
وقال النائب مرتضى منصور، صاحب المقترح، إن الصحيفة دأبت على "إهانة" مجلس النواب، مستشهدا بما ورد في الصحيفة عن الأوسكار.
وبدوره، أدان رئيس مجلس النواب، علي عبد العال، ما ورد في الصحيفة. وقال عبد العال "ما جاء في هذا المقال تضمن بعض العبارات التي تشكل جرائم طبقًا لقانون العقوبات.. وأنا أيضا باسمكم جميعًا أحمي هذا المجلس"، مضيفا "هذا الصحفي دأب على إهانة المجلس".