مراكش - ثورية إيشرم
كشفت مصممة الشموع المغربية لطيفة بنعيسى عن أن الشموع عالم رومانسي ولمسة راقية قد تعطي تغييرًا في كل شيء كيفما كان شكلها أو لونها.
وأوضحت لطيفة، في حوار مع "مصر اليوم"، أنها تعتمد في تصاميمها على على التجديد المستمر الذي يرغب به الجميع، مبيّنة: "إني أستوحي كل الأشكال التي أصممها من الطبيعة المحيطة بي. كما أعتمد على أفكار الناس ورغباتهم في تصميم مختلف الأشكال والأحجام حسب نوعية الوظيفة التي ستقوم بها الشموع، إما للديكور أو الاشتعال أو حتى كإكسسوارات تزيد الفضاءات رونقًا خياليًا وراقيًا."
وأضافت المصممة أن: "تصميم الشموع والتنويع فيها، هواية قبل أن تكون مهنة. إذ كنت منذ صغري أعشق رؤية الشموع، لاسيما عندما أسافر إلى البادية عند جدتي، حيث أرى تلك اللمسة التي لم أكن اعتبرها في ذلك الوقت وسيلة للإضاءة، بل شيئًا خياليًا ونادرًا يصدر ضوءًا مميزًا ومختلفًا عن مصباح الكهرباء الذي اعتدت عليه في المدينة. ومنذ ذلك الحين وأنا أتخيل كيف لو كانت هذه الشموع ملونة ومختلفة الشكل ومزينة، فلا بد ستكون أجمل وأروع، لأجد نفسي فيما بعد ابتعد عن كل شيء، وأخصص غرفة صغيرة في سطح منزلنا لأجعلها ورشة بسيطة، وقمت بشراء الأشياء التي تلزمني لصناعة شموع أنيقة ومختلفة وأخرجها من قالبها البسيط إلى قالب تستعمل فيه وتلقى إقبالًا أكبر."
كما أشارت المصممة لطيفة إلى أنه "في فترات ذهابي إلى الجامعة كنت أنتظر أن تنتهي بفارغ الصبر حتى أعود إلى ورشتي وأقضي فيها معظم الوقت، أتفنن في تصميم مختلف الأشكال والأنواع، فأنا لم أكتفِ فقط بتصميمها، بل كنت أقوم بتطبيق التصميم بنفسي وأنجزها في الورشة التي لا تتوفر إلا على إمكانيات بسيطة، أفشل وأعيد الكرة مرارًا وتكرارًا إلى أن أنجح في تطبيق التصميم الذي رسمته على الورقة، وتخيلته قبل أن أصممه، إلى ان قمت بتصميم مجموعة كبيرة من الشموع الراقية والمتميزة التي أعتبرها انطلاقة مهمة لمسيرتي في تصميم الشموع. فبعد تخرجي قمت بعرض المجموعة ودعوت الكثير من الناس بمساعدة أحد أصدقائي وأسرتي طبعًا، فوجدت قبولًا على هذا النوع من الحرف الذي اعتبره مزجًا بين اللمسة العصرية الفرنسية الكلاسيكية واللمسة المغربية التقليدية. وانتقلت الشموع من مجرد شمعة للإضاءة في البادية إلى شمعة أنيقة ورومانسية ومميزة تعلب دورًا مهمًا في خلق نوع من الحميمية وإضافة لمسة من الديكور الأنيق على الفضاء الذي توضع فيه ."
ثم أكّدت أن "النجاح يتطلب مخيلة واسعة فضلًا عن الموهبة الربانية التي يجب صقلها بالتجربة والدراسة"، مشيرة إلى أنها تجاوزت تصميم الشموع المغربية اللمسة إلى تصميم تشكيلة راقية من الشموع بلمسة مصرية، تعرفت عليها في رحلة إلى القاهرة حيث تجولت في أسواقها التقليدية والشعبية وتعرفت على الثقافة المصرية عن قرب. وأوضحت: "قمت بتوظيف ذلك في إحدى مجموعاتي التي لقيت إقبالا كبيرًا من طرف المغاربة، كما أني استخدمت عدة لمسات من دول عربية وأوروبية، لأني لا أريد أن أجعل هذا الفن حبيسًا فقط في الخامات المغربية دون تطويرها ومنح المغاربة فرصة للتعرف أكثر على ثقافات أخرى عن طريقي أنا، ومن خلال تصاميمي التي أقدمها لهم وأعتمد فيها على تطبيق كل ما يصادفني في الحياة من أشياء جميلة ومتنوعة، فأجد أني قدمت تشكيلات راقية من الشموع الملونة والمختلفة الحجم والشكل التي تتزين بعدة خامات تجعلها محط إعجاب زبائني."
ثم أضافت: "العمل أصبح سهلا أكثر بعد أن طورت مشروعي وأصبحت امتلك معملًا خاصًا بصناعة الشموع يتوفر على يد عاملة هائلة، من نساء ورجال. كما أني فتحت ورشات تكوينية لفائدة المقبلين على ممارسة هذه الحرفة وعشاقها، وأصبحت أقدم أربع مجموعات في السنة عوض اثنتين، وذلك يرجع لكوني أخصص كل مجموعة لفصل معين من السنة وأخصص لها إسما محددًا"، لافتة إلى مشاركتها في المعارض الدولية والمغربية للصناعة التقليدية، حيث تعرض مختلف الأعمال.
وبيّنت أنها تضيف قطعًا من النحاس على مجموعاتها، ومعادن منقوشة بأشكال مختلفة، أو قطع القماش المغربي، ونقوش الحناء وتعتمد بعض المواد التي يستعملها المصممون التقليديون المغاربة في الجلباب المغربي التي تسمى الأعقاد، فضلًا عن اعتماد " الشاشية " وقطع العقيق والترتر وغيرها من الخامات التقليدية التي تزيد الشموع أناقة، وتساهم في منح الديكور العصري لمسة راقية.
وأبرزت: "خصصت مجموعتي الربيعية الأخيرة للاحتفال بالعروسين، إذ خصصت لهما شموعًا أنيقة وراقية، تجمع بين اللمسة الرومانسية وخامة أخرى استعملها لأول مرة، وهي كتابة بعض الآيات القرآنية على الشموع وتزيينها بزينة الريبون اللامع التي يوضع بعض منها قرب العروسين وأخرى على طاولات الضيوف، فهي تمنح الديكور نوعًا من التميز."
وعبرت عن إعجابها بمجموعاتها: "كانت رائعة في نظري وأنا سعيدة جدًا بما حققت لأنه يجعلني راضية عن نفسي وعن هوايتي التي تحولت إلى مهنتي. فأنا أؤمن أن الإنسان إن قام بشيء يحبه، فقد يبدع فيه أكثر من قيامه بشيء لا يجد فيه نفسه، وأنا تركت كل شيء لأحقق ذاتي في الشيء الذي أحبه وأتفنن فيه، وأسعى أن أصل به إلى العالمية، فأنا أرغب في جعل الشمعة تخرج عن أسلوبها التقليدي الذي نعرفه، لاسيما أنها أصبحت شبه منقرضة بعدما تم تزويد كل المناطق والقرى والبوادي بالكهرباء، وتم الاستغناء عن الشمعة. هنا يبدأ دورنا نحن في إعادتها بشكل جديد ومميز إلى كل بيت مغربي لكن بوظيفة مختلفة وأكثر جمالية وتميزًا."