فاس ـ وكالات
أسدل الستار السبت بالفضاء التاريخي ( باب المكينة ) بفاس على فعاليات مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة في دورته 19 بحفل فني لإحدى ممثلات الأغنية الشعبية الأمريكية الفنانة باتي سميث. وكان جمهور المهرجان الذي ليست له معرفة كبيرة بالمغنية باتي سميث المتعددة المواهب " الرسم التصوير الكتابة الشعر " خلال هذه الامسية على موعد لاستكشاف مرحلة ثرية من تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية الفني خاصة تاريخ مدينة نيويورك التي كانت تعج بالتيارات الفنية والموسيقية التي تمتح من معاناة وعذابات شباب عقدي الستينيات والسبعينيات . فالفنانة باتي سميت التي ازدادت سنة 1948 بشيكاغو هي وحدها انعكاس حقيقي لتلك الحقبة التي كانت فيها نيويورك الصاخبة مهد الثقافة الجديدة المستلهمة من الجذور العميقة لأمريكا حيث تتحدد الاختيارات الجمالية للثقافة الشعبية الغربية الجديدة . لقد تشبعت باتي سميث بإيقاعات وموسيقى الغضب والثورة التي جسدها العديد من الفنانين خلال تلك المرحلة التي تميزت بتحول اقتصادي في أمريكا أمثال جاك كرواك والشاعر ألن غينزبرغ كما استلهمت أغاني المناضل وودي غاتري وبوب ديلان الذي أحدث ثورة في مجموع الثقافة الأمريكية إلى جانب مرحلة ( الروك ) وموسيقى ( البانك ) قبل أن تؤكد وجودها كركن أساسي في ثقافة الروك وغيرها من الألوان الموسيقية الأخرى . وعكس الحفل الذي أحيته بالساحة التاريخية ( باب المكينة ) تلك الازدواجية الثقافية التي تمثلها باتي سميث كفنانة تمتح من موسيقى الروك التي هي صورة للتناقض الإنساني باعتبارها تتأرجح باستمرار بين التمرد والعنف وبين الرغبة والعدالة والتحرر وكذا من جذور موسيقى الكانتري التقليدية من البلوز إلى الغوسبل ورقة الأغاني الحكائية التي تعبر عن السعي إلى الروحانيات والمثل العليا . وأتحفت باتي سميث خلال هذا الحفل الجمهور بالعديد من الأغاني التي تحتفي بكل الإيقاعات والألوان الموسيقية التي رافقت التحولات التي شهدتها الولايات المتحدة خلال العقود الماضية من موسيقى الكانتري التقليدية إلى البلوز والغوسبل وكذا الهارد روك حيث تفاعل معها الجمهور بالغناء والرقص. وقد اعتمد المنظمون برنامجا حرصوا من خلاله على أن يبقى مهرجان فاس للموسيقى العالمية وفيا لتوجهه الذي يستهدف الاحتفاء بمختلف الأشكال التعبيرية الفنية التي تعكس قيم التسامح والعيش المشترك حيث برهنت باتي سميث مرة أخرى أن الفن له القدرة على تجاوز كل الاختلافات وتكريس حوار الثقافات والديانات. وارتأى القيمون على هذا الحدث الثقافي والفني العالمي، الذي تكرس عبر دوراته المتلاحقة كأحد أكبر المهرجانات العالمية التي تنتصر للروح والمقدس، أن يحتفوا خلال هذه التي نظمت ما بين 7 و 15 يونيو بالثقافة الأندلسية كبعد تنصهر فيه مختلف الأوجه والأبعاد المتعددة لحاضرة فاس العريقة. واقترح المنظمون برنامجا غنيا بمشاركة فنانين من مختلف بلدان العالم خاصة من المغرب ومصر وتركيا وموريتانيا واليونان وإسبانيا والبرتغال وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وجنوب إفريقيا والهند، حيث قدموا عروضا بأعرق فضاءات فاس الزاخرة بعبق التاريخ والامتداد الحضاري وهي (باب المكينة ودار المقري ودار عديل وساحة بوجلود وجنان السبيل ومتحف البطحاء ودار التازي) وغيرها.