القاهرة ـ سهام أحمد
يترقب المصريون عن كثب حركة الدولار التي تهبط تدريجيًا، منذ نحو أسبوعين، على أمل خفض أسعار السلع، التي شهدت ارتفاعات متتالية، بدعوى صعود قيمة الدولار بنسبة 100%، أمام عملتهم المحلية "الجنيه"، بفعل تحرير أسعار صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية، في 3 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وقفز سعر الدولار من 8.88 جنيهات قبل التعويم، "تحرير سعر الصرف" إلى نحو 18.90 جنيهًا مصريًا، في منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، ما جعل كريس غارفيس، رئيس بعثة صندوق النقد في مصر، يعلن أن الصندوق كان مخطئًا في توقعاته لسعر الجنيه قياسًا إلى أساسيات الاقتصاد.
وتوقع غارفيس، في 18 يناير/كانون الثاني الماضي، أن تحدث عملية تصحيح تؤدي إلى ارتفاع سعر الجنيه. وكشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر "حكومي"، عن ارتفاع معدل التضخم السنوي إلى 29.6%، في الشهر الماضي، وهو أعلى مستوى خلال 31 عامًا، مقارنة بالشهر نفسه من عام 2016. وخلال الـ16 يومًا الأولى من الشهر الجاري، ووفقا لبيانات البنك المركزي المصري، تراجع سعر شراء الدولار مقابل الجنيه بنسبة 14.6%، ليصل إلى 16 جنيهًا مقابل 18.75 جنيهًا.
ووفق الخبير الاقتصادي المصري، أحمد سليم، فإن "البنوك المصرية أصبحت مسيطرة على سوق النقد في البلد، بعدما كانت سيطرة المضاربين وتجار العملة هي السائدة قبل قرار التعويم". وينظر سليم إلى تراجع سعر الدولار كـ"نتيجة متوقعة بعد نجاح مصر في بيع سندات دولية بقيمة 4 مليارات دولار، والفترة الحالية ليست موعدًا لسداد استحقاقات خارجية، سواء أقساط أو فوائد ديون، وبدء انتعاش حركة السياحة، وتراجع الاستهلاك المحلي بسبب ارتفاع الأسعار".
وأضاف أن "البنوك وشركات الصرافة تشهد إقبالًا من جانب حائزي العملة الخضراء (الدولار) للتخلص منها، بهدف جني الأرباح وخوفًا من تكبد خسائر، حال مواصلة الدولار الهبوط.. قانون العرض والطلب هو الحاكم الآن وليس المضاربون". وكشف البنك المركزي المصري، في 13 فبراير/شباط الجاري، أن إجمالي التدفقات على النظام المصرفي في مصر بلغ 12.3 مليار دولار منذ تعويم الجنيه.
وفي حين يرى الخبير الاقتصادي المصري، رائد سلامة، أن "هبوط الدولار لن يتواصل، ومن يروج له باعتباره إنجاز فهو يروج لمعطيات غير حقيقية، لن تستمر وستنكشف". واعتبر سلامة، أن ارتفاع الجنيه حاليًا أمام الدولار "أمر مؤقت؛ فعملة أي بلد تعكس قوة اقتصادها، بينما لا يزال الاقتصاد المصري مُتعَبا وتعيسًا، لأن أزمته الهيكلية متواصلة".
وأوضح سلامة أن "الأزمة الهيكلية للاقتصاد المصري، تكمن في اعتماده على الاستهلاك والاستيراد بشكل أساسي، سواء مستلزمات الإنتاج والطاقة أو السلع الغذائية". وأشار إلى أن مصر لديها فجوة استيرادية لا تقل عن 40 مليار دولار، كما أنها تصدر مواد خام مثل المواد البترولية لتعيد استيرادها مكررة، فضلًا عن الاحتياطي النقدي بالعملة الأجنبية، البالغ نحو 26.3 مليار دولار، يتكون بالأساس من قروض واحتياطات أخرى لا يمكن تسييلها، مثل الذهب".
وأعرب أحمد شيحة، رئيس شعبة المستورين في اتحاد الغرف التجارية، عن اعتقاده بأن "يؤدي تراجع الدولار حاليًا، وخفض الدولار الجمركي، إلى تراجع الأسعار في الأسواق على المدى القريب". وأضاف شيحة، أن "قرار تخفيض سعر الدولار الجمركي سينعكس إيجابيًا على أسعار السلع في السوق المحلية؛ بفضل انخفاض تكلفة الاستيراد بنحو 14%".
ويرى مراقبون أن الأسعار في مصر لن تنخفض رغم هبوط سعر الدولار، لكونها مدفوعة بإجراءات، منها إقرار ضريبة القيمة المضافة، وزيادة الجمارك على سلع عديدة، وخفض دعم المواد البترولية والتوسع في طباعة الجنيه.
أرسل تعليقك