الإسكندرية - محمد المصري
أكد الشيخ محمد العجمي ، وكيل وزارة الأوقاف في الإسكندرية ، أن علماء الأوقاف في المحافظة تناولوا في خطبة الجمعة ، الدفاع عن الدولة والوطن وحماية دور العبادة فى ضوء سيرة النبى صل الله عليه وسلم ، تنفيذًا لتوجيهات الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بنشر الفكر الوسطي المستنير.
وقال العجمي "لقد دعا الإسلامُ إلى فِعل ما يُقوِّي الروابطَ والصلات بين أبناء الوطن الواحد ، ثم بين أبناء الأُمَّة، ثم بين بني الإنسان، ومما يتجلى فيه حبُّ الأوطان ، صلة الأرحام، فهم عترة الإنسان وخاصَّتُه، وهم قرابته وأنسه ، وبهم تطيب الإقامة في الديار؛ لذلك جعل الله صلةَ الأرحام من أعظم القُرُبات، وقطيعتَهم قرينَ الإفساد في الأرض".
وينتقل الإحسانُ إلى دائرة أخرى من الدوائر التي تحيط بالإنسان، وهي دائرة الجوار، وهل تطيب الإقامةُ في الدار إن عدا عليك فيها جارٌ ، لذا جعل الإسلام الإحسانَ إلى الجوار مِن كمال الإيمان، كما جعل الإساءة إلى الجوار من أسباب دخول النار؛ عن أبي هريرةَ: أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال "لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن لا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ" ، الوطن، وجاء عن رسول الله صل الله عليه وسلم أنه قال "ألا مَن ظَلَمَ مُعَاهدًا، أَوِ انْتَقَصَهُ، أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ - فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ".
وأضاف العجمي، تبلغ دائرة الإحسان مداها لتشمل الحيوان، والنبات، والحجر، وكلَّ شيء؛ قال صل الله عليه وسلم "إن الله كَتَبَ الإحسان على كل شيء" ، فإذا تحقَّق الترابط بين أبناء الوطن الواحد، كان الجو مهيَّأً للبناء، وأول خطوة في طريق التقدم هو التعليم، فإذا انتشر العلم النافع بين أبناء الوطن، وتربَّى النشءُ تربيةً صحيحة، يتحقق أول وأهم مقوِّم من مقومات الحضارة، وهل الحضارة إلا مكوَّن يتركب من الإنسان، والتراب، والزمان.
وأكد العجمي أن حب الوطن الذي لا يعارض الشرع يعني الاتقان، الاتقان في كل الأعمال، في التعليم، وفي الزراعة، وفي الصناعة، الإتقان في أمر الدنيا وأمر الآخرة، فكل منتَج في بلاد المسلمين يجب أن يحمل علامةَ الجودة الفائقة، وحب الوطن يعني الحفاظ على الحق العام، وقد بيَّن النبي صل الله عليه وسلم أن الناس شركاءُ في أمورٍ، لا يجوز لأحد الاستئثارُ بها، أو الاعتداء عليها، حب الوطن في الإسلام ، لا يعني العصبيةَ، التي يُراد بها تقسيمُ الأمة إلى طوائفَ متناحرةٍ، متباغضة، متنافرة، يَكِيد بعضها لبعض، وفي الحديث "مَن قُتل تحت راية عُمِّيَّة، ينصر العصبية، ويغضب للعصبية، فقتلتُه جاهليةٌ".
وشدد وكيل أوقاف الإسكندرية، على أن ما قام به المتطرفين الجمعة الماضية في مسجد الروضة يؤكد أن قلوبهم خلت وجفت من الإحساس بعظمة بيوت الله ، وصدق فيهم قول الله "وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ" [الأنعام: 91] ، أي ما عظموه حق تعظيمه ومن تعظيمنا لله سبحانه، أن نعظم شعائره ، قال جل جلاله "ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ" [الحج: 32]، "ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ" [الحج: 30].
وتابع العجمي "للمسجد حرمة، ولا يجوز أن تُنتهك هذه الحرمة لا بالبيع والشراء، ولا في القيل والقال وأحاديث الدنيا التي لا يُنتفع بها ولا قتل النفس التى حرم الله إلا بالحق".
وأضاف العجمي حديثه "علينا جميعًا الدفاع عن بيوت الله كما علمنا رسول الأمة صلى الله عليه وسلم بالأخلاق، فقال عليه الصلاة والسلام ، إنما بعثت لاتمم مكارم الأخلاق ، المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، وفي موضع آخر لا يؤمن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحب لنفسه ، مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ، فَلْتُدْرِكْهُ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَيَأْتِي إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ".
وأردف العجمي "وأخيرًا فإن علينا أن نعود إلى المسجد وإلى دوره ومكانته ، فهو البوتقة التي تنصهر فيها قلوب المؤمنين وأرواحهم ، وتتلاشى وتنمحي المسافات والأبعاد بينهم، فتتحقق معاني المواساة والعدالة والأخوة والتآلف".
أرسل تعليقك