توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رواية "اختفاء" عن استخبارات النظام الليبي السابق

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - رواية اختفاء عن استخبارات النظام الليبي السابق

طرابلس ـ وكالات

في روايته “اختفاء” يُعيد الليبيّ هشام مطر إلى الأذهان جوانب من حالات الخطف الذي كانت تمارسه استخبارات النظام الليبي السابق، دون أن يسمّي “القذّافي” بالاسم، بل يشير إليه إشارات واضحة، من قبيل الحديث عن الملك السابق والتغييرات التي أحدثها الانقلاب، وتقييد أجهزة الدولة ومقدراتها ورهنها لنزوات شخص غريب الأطوار ومهووس بالسلطة، وسعيه لتعقّب معارضيه والتخلّص منهم أينما كانوا. يعهد مطر إلى راويه العليم “نوري” بسرد أحداث ووقائع روايته. نوري، الذي كان والده كمال الألفي وزيرا في حكومة الملك السنوسي وأصبح سياسيا معارضا بعد الانقلاب على الملك، يقوم بأنشطة تثير حفيظة النظام الحاكم، الذي يخطفه من سويسرا إثر مكيدة مدبّرة، وتواطؤ جليّ. يقدّم مطر في روايته الصادرة بالإنجليزية -وترجمها محمّد عبد النبي وصدرت عن دار الشروق بالقاهرة -حكاية نوري وأبيه ابتداء من منتصفها. يتّخذ الإسكندريّة بمصر مركزا للانطلاق والعودة، وبينهما يجول في عدد من الدول والعواصم العالمية، مقتفيا أثر شخصياته ومتقصّيا الأسباب الكامنة وراء حالة الاختفاء أو الخطف. ببداية سينمائية، حيث كمال وابنه في إجازة في أحد الفنادق على شاطئ الإسكندرية، يحاولان التخفيف من آثار فقد الزوجة والأم، تظهر “منى” -الفتاة الإنجليزية من أم مصرية- لتسبي عقل الفتى ذي الأربع عشرة سنة، وتأسر أيضا قلب والده الذي يتزوجها لاحقا. يتم إرسال نوري إلى مدرسة إنجليزية داخلية بعد زواج والده. تتملكه الغيرة التي توصله إلى أن يتمنى اختفاء لوالده حتى يتمكن من التواصل مع منى. وكأن “تلك الأجهزة الأمنية المسعورة” كانت بانتظار رغبة طائشة لطفل مراهق لتنفذها سريعا، ويتعرض والده لعملية اختطاف سياسي ويختفي في ظروف غامضة. بقي الطفل يبحث عن والده ويتقصى أخباره بمساعدة منى، لكن تلك الأمنية الخرقاء التي نازعته ظلت تلازمه وتقض مضجعه مع إحساس بالندم عن علاقته بمنى -التي شغف بها واستسلم لغوايتها- والخوف على مصير والده في قبضة سلطة قمعية منحرفة. يمرّ عقد من الزمن دون أيّة نتيجة، يجاهد نوري ليشابه أباه بعدها، يبلغ التمازج درجة خطيرة تنذر بحالة مرضيّة، حين يبدأ بالتقاط الصور في بعض الأماكن التي سبق لوالده أن التقط صورا فيها، ثمّ العودة إلى القاهرة إلى بيت الأسرة القديم، وإعادة الحياة إليه، وإعادة الخادمة نعيمة التي يكتشف أنها أمّه الحقيقية، مع أن هذه النقطة التفصيليّة الهامّة احتاجت من الروائيّ إلى إقناع لكنّه لم يكترث لها. تتصاعد حالة التمازج مع الأب، حين يبدأ نوري بالنوم في غرفة والده وعلى سريره، وقراءة كتبه نفسها، وثمّ ارتداء ثيابه، كأنّه يستكمل الرحلة التي لم ينجزها والده، أو يكفّر عن ذنبه في إهماله طيلة تلك السنين، والتنكيل بزوجته التي تاهت في ضباب لندن، وحرص نوري على صدّها وتجاهلها. خريطة الأحداث المكانيّة متشعّبة: الإسكندرية، والقاهرة، ولندن، وفيينا، وباريس، وغيرها.. مدن شرقيّة وغربيّة شكّلت محطّات تنقّل لشخصيّات الرواية وعكست الضياع الذي خلّفته الأنظمة التي جاءت بانقلابات عسكريّة لتؤسّس لدكتاتوريات لاحقة واستبداد عابر للحدود. يتناصّ صاحب “في بلد الرجال” -التي اختيرت في القائمة القصيرة لجائزة “مان بوكر البريطانية- في “اختفاء” مع ماريو بارغاس يوسّا في روايته “امتداح الحالة”، وتحديدا في حالة الشغف بزوجة الأب، وحالة الإغواء التي تتلبّس الشخصيّة وتقودها في البحث عن مسالك لإشباع الغريزة الشرسة، ثمّ العنف في التخلّص من الخالة، وذلك مع اختلاف الأساليب والمعالجة والغاية. مقولة قتل الأب الفرويديّة هي محور اشتغال الروائي هشام مطر في روايته، وهي لا تتوقّف عند شخصيّة نوري الذي يعيش عقدة أوديبيّة عنيفة، بل يتعدّاها إلى توارث هذه الحالة، بالتذكير بالانقلاب على الأب الملك وقتله من قبل مَن كانوا رعيّته وأبناءه، ثمّ يأتي الانحراف عن قيود الاشتغالات السابقة عبر البحث عن الأب الغائب، واستحضاره بعد أكثر من عقد، حين بلغ نوري الخامسة والعشرين، وبعد تبلور شخصيّته كرجل مستقلّ ينشط في استعادة حادثة الاختفاء، وتتبّع التفاصيل والخيوط عساه يعثر على ما قد يفيده. يرجع إلى الموقع الذي تمّ خطف والده منه، يتعرّف إلى المرأة التي كان والده على علاقة بها، يكتشف أنّه بصدد التعرّف إلى والده من جديد، يعيد اكتشافه مع كلّ تفصيل، فينقلب شعوره السابق بالتخلّص منه إلى تمازج منشود معه في كلّ تفاصيل حياته. تغوص الرواية في أجواء وعوالم نفسية لتشتبك مع التأثيرات التي تحصل للناس بفعل القمع الممنهج والظلم والكبت، والإحساس بالضياع والعنف الذي تمارسه السلطة الغاشمة والذي يغير النفوس والطباع، والمنفى الإجباري حين يضغط بقوة على ما بقي من إحساس بالوطن لدى الكثير من المنفيين والمغتربين. ولعل الخوف الناجم عن آلة دكتاتورية لا يلازم أولئك الذين يعيشون في عمقه داخل الأوطان وينغص حياتهم، بل يلازم أيضا الذين يعيشون على حوافه في المهجر وفي بلدان الاغتراب، حيث شبح الخطف والاختفاء قد يشملهم في أي لحظة، مما حوله إلى حالة وجودية مرتبطة برهاب السلطة المستبدة.

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رواية اختفاء عن استخبارات النظام الليبي السابق رواية اختفاء عن استخبارات النظام الليبي السابق



الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رواية اختفاء عن استخبارات النظام الليبي السابق رواية اختفاء عن استخبارات النظام الليبي السابق



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon