توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إسماعيل غزالي و"بستان الغزال المرقط"

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - إسماعيل غزالي وبستان الغزال المرقط

بيروت ـ وكالات

في مجموعته القصصية "بستان الغزال المرقط" التي صدرت عن دار أبي رقراق بالرباط في 266 صفحة من القطع المتوسط، يعلن الكاتب الشاب إسماعيل غزالي عن موهبة واعدة قادمة بقوة إلى عالم السرد المغربي. ويعد إسماعيل غزالي ابن القرية الأمازيغية الصغيرة "امريرت" في قلب الأطلس المتوسط، سليل الحيوية الملفتة التي تعرفها الكتابة السردية وأساسا القصصية في المغرب، والتي أنجبت في السنوات الأخيرة قائمة طويلة من شباب القصة والرواية الذين وطّنوا قيمتهم الإبداعية في المحافل النقدية ولدى أشهر دور النشر المشرقية. وتضم "بستان الغزال المرقط" أربع مجموعات قصصية هي "عسل اللقالق" و"لعبة مفترق الطرق" و"منامات شجرة الفايكينغ" و"الحديقة اليابانية". فهي فضاءات متنوعة وأساليب سرد مختلفة، لكن قاسمها المشترك انتماؤها إلى عالم فانتازي يقفز على العلاقات السببية بين الأشياء ويعيد ترتيب العالم بعين الدهشة الصافية التي تنهل من تخوم ذاكرة الطفولة وأسرار الجغرافيا الملغزة وأسطورة الأعالي الأطلسية التي ينحدر منها الكاتب. فضاء طفولي فالطفولة القروية مادة لا تنضب لمعين السرد عند إسماعيل غزالي، وهي توفر ببعدها الزمني مسوغا ذهنيا لصنع عوالم سحرية في الذاكرة، حيث تتضبب التخوم بين الواقع والخيال في وعي المبدع والقارئ، وتلتبس الحدود بين الحلم واليقظة. إنها فانتازيا تصنع الدهشة ولكن ليس بانفصال بارد عن الواقع، إنما بمراودته وتلوينه بحواشي تخييليه غاية في الجرأة الإبداعية. يكشف غزالي عن طاقة هائلة في التلاعب بالعناصر والأشياء داخل فضاء يصبح مجرد ملعب لحركة رشيقة أبطالها عرائس رهن إشارة إستراتيجيات سردية غير متوقعة يبدع في تنويعها الكاتب الشاب الذي تتزاوج عنده فضيلة الإمعان الفانتازي مع النضج الملفت في هندسة النص وبناء واقع حكائي صلب لمصداقية الحركة والموقف المقترحين. وبسلاسة "غير منطقية" يستدعي الكاتب أجواء طفولته في ربى قريته الصغيرة الأطلسية امريرت حتى وهو في حضن المدينة الكبيرة. فالفراشات التي يراها على فستان المرأة لا تلبث أن تحلق في الربى مرتع الصبا. ذاكرة ملونة تحضه على طرح السؤال في مطلع قصته "ولع الفراشات": "ماذا لو أن الفراشات المتواشجة في فستان المرأة التي تمشي الهوينى أمامي في الشارع الفارع اندلعت فجأة لتندلق في كل جهات المدينة؟ يا ما اقترفت أصابع يدي المشينة اصطياد شقيقات لها على الربى والتلال في القرية الصغيرة التي بددت فيها أيامي الأولى في حب العالم" (ص 11). ولا يستدعي إسماعيل غزالي مشاهد القرية وفضاءاتها بسردية بدائية أو توصيف مشهدي بارد، إنما يجعلها مسرحا نابضا بحياة لها عنفوان المشاعر الدافئة والرغبات الكامنة والعلاقات الخطرة. فحيوية التخيل تحرك الجماد وتستنطق حياته الباطنية، على غرار قصة "عزلة التراكتورات البلشفية" حيث يتحدث غزالي عن جرار (تراكتور) أمسى "مضطلعا بأكثر من محمدة رغم ما عدده بعض الحصادين والمزارعين من مثالبه لأنه حرمهم من عملهم الموسمي. وهكذا انصرف إلى قضاء مآرب أخرى غير الحرث والحصاد وتجشم عناء حمل المرضى في أحلك الليالي إلى مستوصف المدينة البعيدة وإسعاف الملدوغين من عقارب وأفاع..." (ص 24). إنه الجرار الذي يصفه "بالكائن الأحمر الودود". وبالانتقال من مجموعة "عسل اللقالق" إلى باقي المجاميع الأربعة، ينوع إسماعيل غزالي موضوعاته وزوايا مقاربته وحتى زمن الرؤية الذي يتقدم نحو حكمة ونضج أكبر، متخففا من عدسة طفولته، إلا تلك الدهشة الصاعقة والقراءة البكر للمشهد والتي تظل الفاعل الموجه في حبك حيله السردية التي تبلغ ذروتها في "لعبة مفترق الطرق" وتصنع خلفية الاكتشاف المفجر لنسج القصة في نصوصه المكتوبة مديحا للدانمارك في "منامات شجرة الفايكينغ". وضعت "بستان الغزال المرقط" إسماعيل غزالي في طليعة التجارب الجديدة في المتن القصصي المغربي، وخولته اعترافا أدبيا ثمينا من شيخ القصة المغربية أحمد بوزفور، الذي لم يتردد في وصف هذه المجموعة القصصية بأنها "كتاب نادر في متن القصة المغربية الحديثة أتوقع أن يحدث نشره هزة فاتنة في سطح القصة وأعماق القصاصين"، ويضيف بوزفور في تقديمه للكتاب أنه "ديوان حافل بالمتعة الجمالية الخالصة، كأنه لا ينتمي الى الأدب بل إلى الموسيقى، ذلك الفن الذي تسعى إلى بلوغه كل الفنون". جدير بالذكر أن إسماعيل غزالي سيوقع بمناسبة المعرض الدولي للكتاب والنشر بالدار البيضاء (29 مارس/آذار إلى 7 أبريل/نيسان) روايته الأولى الصادرة عن دار العين القاهرية بعنوان "موسم صيد الزنجور".

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسماعيل غزالي وبستان الغزال المرقط إسماعيل غزالي وبستان الغزال المرقط



الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسماعيل غزالي وبستان الغزال المرقط إسماعيل غزالي وبستان الغزال المرقط



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon