توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
الأربعاء 19 شباط / فبراير 2025
  مصر اليوم -
أخبار عاجلة

"ملكوت هذه الأرض" وظلال التاريخ

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - ملكوت هذه الأرض وظلال التاريخ

الدوحة ـ وكالات

يذكر "طنوس" بطل رواية "ملكوت هذه الأرض" رحلته جيدا وقد تفتحت على سيرة صبي يشاهد مأساة أبيه "المزوق" ولا يملك دفعا لموت يحيق به في ليلة ثلج قاسية، يصر الوالد على رجوع الفتى إلى الضيعة ويستسلم هو لقدره ليبقى الجسد هناك نهشا للضباع، بينما صدى كلماته الأخيرة ورحلة عذابات طويلة ماثلة لدى طنوس. من يومها والفتى يبحث عن روحه التي ضاعت هناك ولا يجدها. جاب الدير يبحث عن قديس يجعله قديسا كما جده، وليرتحل في أماكن كثيرة، بيد أنه في الخاتمة وكما بدأ سيناريو الرعب تمضي حياته مثل بغلة أبيه -في تلك الليلة المأساة- تسير المنحدر باتجاه النهاية.تلك لمحة من سيرة بطل في عائلة المزوق في رواية هدى بركات. العائلة التي تتوسل من خلالها الروائية اللبنانية عرض حكاية قرية لبنانية في زمن غابر في عشرينيات القرن الماضي، مرورا بحروبه الأهلية، وصولا إلى حادثة حافلة "عين الرمانة" أواسط السبعينيات التي أشعلت فتيل الحرب الأهلية في لبنان.لا تقصد بركات -في عملها المرشح ضمن قائمة بوكر الطويلة- رواية تاريخية، وتحذر القارئ من تأويل متعسف يحمل الرواية إلى هكذا منحى، لكن التاريخ يحضر، إذ لا حكاية عن الماضي دون ظلال التاريخ، لكنه تاريخ حكاية لا بعيون موثقين تاريخيين ولكن بما ترويه عائلة المزوق "طنوس وسلمى ونبيهة وسلمى، وفريطسة الذي يقضي في حادثة الباص الشهيرة، وفي حكاياتهم التقاطة مخيلة روائية عن الضيعة وبيروت وحلب ومصر أيضا".تتدفق بركات وقد اختارت "عامية" لبنانية تلائم شخوصها وأصواتهم، وتعسر أحيانا على القارئ بمفرداتها المحلية، لكن الكاتبة التي تحكم صنعتها تعرف أنها تشده لمتابعة رواية يختلط فيها التاريخ بالمخيلة والواقعية بالسحرية، ومع تلك الصنعة إشراقات اللغة وجدل محاكمة واقع كما كان لكن على لسان الشخوص.تفتح بركات مشهديتها على موت "المزوق" أب العائلة الصغيرة وسليل عائلة المزوق الكبيرة، حيث الكل عشاق أوفياء لزوجاتهم اللواتي متى مِتنَ بكى الأزواج كمدا وحزنا حتى لحقوا بمن يحبون، وفي تداعيات ذاكرة الرجل الذي يحتضر تتدفق حكايات عن سجنه وعلاقته بالعائلة وعن نبعه الذي روى به أرضا رغم أنف السلطة."سابا" الابن الأكبر، وهو نموذج المعتل صاحب الصوت العالي والأفعال الصغيرة، وطنوس محور الرواية وسلمى شخصية نسوية عامود من أعمدة الرواية والبنت التي تبقى بلا زواج لتنخرط في مشروع العائلة العام ويذوي جسدها بحكم العنوسة.وبين شخصيات الرواية الخال شحادة، شخصية طريفة تبحث عن ذاتها وتشغفه الممثلة المصرية "هند رستم" ويعاني من الفشل، وهو يقترح أنموذجه للتعايش في "الهيبيين" الأديان واحدة والرب واحد.يملأ طنوس الرواية بصوت شجي، سحر به رهبان الدير الذين التقوه أولا في رحلة الهروب نحو "القديسية". وفي رحلته الطويلة قبل أن يلجأ إلى حلب يكون شاهدا مع شقيقته سلمى على مقتل جندي فرنسي، ولتكون المدينة السورية فضاء لخروجه من عزلته الفكرية والجسدية ومجالا رحبا للقاء مع المختلف.وحلب التي لو لم تكن مكانا موظفا لغايات عمل روائي لجنح التأويل إلى القول إن بركات تقدم مرافعة عن تسامح البلد الغارقة الآن في دمها، وتدفع التهمة عن حرب طوائف فيها.هناك المدينة التي يقصدها المطربون "ليعمدوا أصواتهم" يقرأ "طنوس" المسيحي القرآن، ويتعرف على منشدي حلب وقدودها ويصدح صوته في مقاهي المسلمين، أبعد من ذلك لمحة خاطفة حين تصبح فاطمة (المسلمة) صورة الحبيبة المسيحية.هذا جدل يفتح النقاش على صورة الآخر. لكن قراءة عجولة ستتحدث فقط عن علاقة المسلم بالمسيحي أو حتى المسيحي بالمسيحي، وتصف العلاقة مع الآخر. في تلك اللقاءات حكاية عن مختلف مع مختلف معه، ولقاء مع ذلك الآخر، الفرنسي تارة والأميركي تارة أخرى، كما في سجن "سابا" بأميركا.يحضر في الرواية أيضا الصراع مع "إسرائيل" وحرب عام 1967، وكيف تلقاها أهل الضيعة، وثمة آراء مختلفة كثيرة كل يدلي بها بحسب خلفيته.في روايتها تفيض بركات في معمارها الروائي، وتتنقل في سردها بضمائر مختلفة في فقرات تجمع الأساليب معا تسرد "بالغائب" والمخاطب" والمتكلم، وتمتحن صبر القارئ وتركيزه، وفي حواريات وسرد كثير يكاد يضيع على القارئ صوت المتكلم، هو سرد متقطع تمسك ساردة مقتدرة بخيوطه جيدا، ومعها القارئ أيضا يتأمل فنا عاليا حاملا لحكايات أخاذة بألمها وإشراقاتها وتجلياتها.

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ملكوت هذه الأرض وظلال التاريخ ملكوت هذه الأرض وظلال التاريخ



الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ملكوت هذه الأرض وظلال التاريخ ملكوت هذه الأرض وظلال التاريخ



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon